أيام مشرقة فى تاريخ مصر

خاطر عبادة
خاطر عبادة

نتذكر فى ال30 من يونيه أحد الأيام المشرقة فى تاريخ مصر ..والتجربة الصعبة الخطرة فى نفس الوقت.. كيف واجه شعب متحضر بفطرته وعقيدته الوسطى أكاذيب وحرب نفسية شديدة وكراهية ونفاق جماعة ضالة ومارقة.. اتخذت من خرافات قديمة ترجع للعصور الوسطى الدينية بأوروبا- وسيلة لاحتكار واختطاف الدين.. رغم أن الإسلام ثار ضد هذا النهج وهو جور الأديان لأقوام سبقت مجيء النبى الخاتم. 

 قال الشعب رأيه بصوت موحد وواضح.. والشعب لا يمكن أن يجتمع أبدا على باطل ولا يخرج إلا عن كبت؛ هو ليس كالمعارضة الحزبية التى تشوبها المصالح السياسية- لكن ماذا كان رد الفصيل والجماعة التى نصبت من نفسها وصية على المسلمين واعتبروا أنفسهم أولياء لله من دون الناس؟ .. لجأوا لحيل قذرة وخبيثة لتشكيك الناس فى ذمتهم كان ردهم مشابه تماما للمتكبرين وهو الرفض التام للاعتراف بإرادة الشعب ومحاربة الناس بالأكاذيب والشائعات والافتراء وترهيب الناس من مجرد التفكير فى معارضتهم ولو سرا.. وإلا حلت عليهم اللعنة والغضب إلى يوم الدين.

رفض الشعب بكافة أطيافه تغول جماعة وفكر ضال على مجريات الأمور والحكم سعت لاختراق مفهوم الدولة ومؤسساتها فى غفلة من الزمان تحت شعارات وهمية كاذبة ووسط موجة مما يسمى بالثورات العنيفة فى العالم العربى، واختلطت المفاهيم فأطلق على الجماعات المسلحة المارقة كذبا إسم الثوار الأحرار وكانت النتيجة إسقاط الدول وتشريد شعوب مسلمة بإسم الدين والثورات الكاذبة المدعومة من قوى الخارج وتغييب العامة.

حين تهل علينا ذكرى ذلك اليوم المشرق نستلهم معانى جميلة مرتبطة بفرحة النصر  ضد تغول فكر ظلامى خطير يضر ويفسد الدين والوطن؛ كمل نرى ونلمس حفظ الله لمصر فى هذه الظروف التاريخية الصعبة ونتفكر فى ذكريات نفسية سيئة بثتها سموم الجماعة الضالة حولت الخلاف السياسى إلى عداء وحرب ممتدة مع الدولة والشعب حتى لا يجرؤ أحد على رفضها سرا أو علانية.

ثورة يونيه كان لا بد منها لرفض مساعى فصيل سياسى جر الدولة إلى حالة صدام مشابهة لدول أخرى بالمنطقة التى كانت شعوبها مغيبة تحت وهم إسمه الثورات.. لكن بعض شعوبها يحلمون اليوم بسكن و أمن واستقرار .. لم يدركوا أن بعض قيادات المعارضة والجماعات المتأسلمة تخدعهم وتخون وطنهم.. لم يستوعبوا الكذبة من شدة فظاعتها..

كنا نظن أنه من البديهي حين تثور وترفض أن يحكمك فكر ضال مدسوس ودخيل على مصر والدين اننا بذلك سنكون قد قضينا على هذا الفكر إلى الأبد، والذى استعمر بعض العقول الساذجة من مؤيديهم؛ لكن على الأقل استطاعت تلك الثورة الملهمة فى 30 يونيه وقف زحف مشروع تقسيم الوطن العربى وتدميره.. ونبهت الباقى إلى خطورة التهديد برعاية الإخوان ولكن بعض الشعوب المجاورة فاقت بعد فوات الأوان. 

ثم أسست ثورة يونيه ركائز وأسس علمية سلمية لبناء الوطن بعد ثورتين لتصحيح مسار الدولة وهما ثورتى يناير ويونيه.. كانت الأولى للقضاء على الفساد والعشوائية.. والأخيرة كانت كاشفة لوهم إسمه جماعة الإخوان المسلمين؛ فلولا يناير لظلت الإخوان لغزا بالنسبة لجيل كبير لم يشهدوا تأسيس الجماعة التى ظلت سرية وغامضة لفترة كبيرة..  وكان تأسيسها قبل ذلك فى إطار نهج غربى لتقسيم الشعوب والأوطان و بث حالة من الصراع الدائم والفرقة بين بنى الوطن الواحد أو الاقتتال الدائم بين جماعة المسلمين حتى لا يجتمع المسلمون على كلمة واحدة.

وكانت النزعة الغريبة فى تلك الجماعة ومن على شاكلتها هى تكفير المعارضين والسياسيين والحكام وتبنى نهج المقاربة مع الاحتلال فلم يطلقوا عليه رصاصة.. حتى يصل بهم الحال إلى أن يتم تكفير العامة لو رفضوا حكمهم فى حالةأنهم تمكنوا من الحكم..

فى البداية كانت مخاوفنا من استمرار حكم الإخوان مرتبطة بأفكارهم الغريبة الدخيلة على الدين التى تسمح لهم بالاستبداد والتغول وتحويلهم لوحش خارج عن السيطرة لو تمكنوا أكثر من حكم البلاد.. تلك المخاوف والظنون رأيناها ملموسة وانكشف وجههم القبيح حين خونوا الشعب ومؤسسات الدولة والأزهر الشريف وشككوا فى ذمة كل من يعارضهم.. والهجوم والإساءة والسخرية والتلفظ ضد كل من يخالفهم.. هل هذه هى مباديء الإسلام فى السياسة.. المبادىء لا تتجزأ ولا تنفصل.. إنهم نجحوا فى تشويه صورة الدين أكثر من أعداءه الصريحين.

الدين جاء بمباديء واضحة مثل الشمس لا ينكرها ولا يختلف عليها مؤمن موحد بالله.. بل تجعل من الصعب أن ينخدع أحد بشعارات سياسية حتى لو كانت بإسم الدين.. 

وتلك الجماعة أصلا ليست حزب دعوى ولا حزب إصلاحى ولم يلتزموا بنهج الإسلام للإصلاح والمعارضة الرشيدة وتمويلهم من الخارج.. ويجيدون التلون مع الأحداث فإذا لم تقم ثورة ضد الرئيس الأسبق حسنى مبارك فهم حزب إصلاحى لا يطمح للحكم؛ وإذا نجحت فهم إذن ثوار وأحرار.. والإسلام يحظر التفرق والحزبية أصلا  ..

ما علاقة مباديء الإسلام العظيم والعلم والنور والحضارة بكل هذا الكذب السياسى والخداع والجدال والنفاق؛ بمصالح جماعة لا تتوقف عن إعطاء مبررات لنفسها للالتفاف على الدين والوطن مثل الثعبان حتى يكفر الناس بالأوطان ويؤمنوا بخلافتهم فقط.. أى عقل هذا؟

كما أوهموا أتباعهم بدعم وتأييد الفوضى الهدامة .. لكن الدول التى تسقط لا تنهض من جديد إلا بعد عشرات السنين.. وبعد أن يحل الخراب على الجميع..

الأفكار الجاهلية للإخوان لم تخترق أو تسكن إلا العقول المظلمة الساذجة التى لا تستطيع الجدال.. فإذا كان عناصر جماعة الإخوان التى اختارتهم الجماعة بعناية شديدة وأهم شروطها اختيار أشخاص يقبلون بأفكارهم بلا جدال أو نقاش.. فكيف يقبل ذلك غيرهم من البسطاء كأنهم مسلوبى العقل والإرادة..؟

لو استمرت تلك الجماعة فى الحكم بفكرهم المستبد والتآمر ومساعى اختراق مؤسسات الدولة لوقعت البلاد فى حرب أهلية لايعلم عاقبتها إلا الله.. ولكن الله سلم

وهذه الجماعة معروفة بطبعها الخبيث.. فتجيد دفع المال السياسى والرشاوى لشراء ذمم أفراد وسياسيين وحركات أو مجموعات سياسية أو نشطاء أو الدفع بمؤيدين لها من الباطن معروف عنهم التشدد والجهل أو النفعية لمهاجمة خصومها وتنفيذ أفكارها، بينما تدعى هى الوسطية والاعتدال.. 

انكشفت أسوأ أدوارهم فى التاريخ الحديث بدعم الجماعات المتطرفة لإسقاط أنظمة عربية ثم تسميتهم بالمجاهدين.

وبعد تأجيج القتال والارهاب وحمل السلاح ضد أنظمة الحكم فى دول الربيع العربى بدعم سياسى من أمريكا ورعاية اردوغان.. لو تمكنت لهم الأوضاع فى مصر  لعرف باقى المغيبين الوجه الحقيقى لعمالة وتطرف الإخوان.

مستحيل أن يكون كل هذا الغباء والكذب السياسى للإخوان نتيجة سوء فهم أو مستحيل أن يحدث لبس.. أو يظن البعض لوهلة أنهم اتخذوا نهجا خاطيء لنصر الإسلام أو إما أنهم ضلوا طريق الوصول.. لكن لا يمكن لكذبة أن تستمر أكثر من 90 عام.. إلا إذا كان هناك تمويل وسياسة وجهلاء ومكر وخداع وعلاقة ما تجمع بين التنظيم الدولي والمخابرات الدولية.

كذبة عاشت واكتست بزى الفضيلة لأكثر من 90 عاما .. قد لا يكفى كتاب واحد لسرد مساويء الجماعة التى زجت بالإسلام فى لعبة سياسية قذرة لم يستوعبها بعض الأبرياء حتى الأن.. واستغلالهم للدين والالتفاف على بعض نصوصه وتشويه صورته الحضارية ومعانيه العظيمة.. واستغلال جهل بعض الناس بأمور السياسة والدين.