ما حذر منه «كيسنجر»!

جلال عارف
جلال عارف

مرة أخرى.. ينجح الضغط الأمريكى فى تثبيت موقف التحالف الغربى إلى جانب سياسة واشنطون فى الصدام الدائر مع روسيا على أرض أوكرانيا. كان واضحا من البداية أن اجتماع الدول الصناعية السبع ثم اجتماع ملف «الناتو» يستهدفان ترميم الصفوف داخل التحالف الغربى وقطع الطريق على أى محاولة لوقف التصعيد مع روسيا والسير نحو وقف اطلاق النار فى أوكرانيا، وهو ما تتحمس له فرنسا ثم ألمانيا وإيطاليا.

قبل انطلاق الاجتماعات ذهب الحليف الأول لأمريكا رئيس الوزراء البريطانى جونسون للقاء الرئيس الفرنسى، ثم حرص على التأكيد بأنه حذر ماكرون من أى محاولة للتوصل إلى حل تفاوضى الآن فى أوكرانيا. مكررا أن مثل هذا الحل يعنى استمرار عدم الاستقرار فى العالم كله!.. وكان واضحا أن هذا هو موقف واشنطون أساسا. ولهذا جاءت الإشارات فى قمتى الدول السبع ثم الناتو لتؤكد أن الحرب ستطول، وأن الدعم لأوكرانيا مستمر، وأن الحصار على روسيا سيتصاعد.. وإن ظلت هناك إشارات أوروبية متحفظة تؤكد عدم الرغبة فى الوصول إلى نقطة الصدام المباشر مع روسيا!

الأخطر هو الدخول فى خط المواجهة المباشرة مع الصين.. ليس فقط لتقليل دعمها لروسيا فى الحرب، وإنما التوسع الصينى الذى يهدد زعامة أمريكا بإطلاق مشروع منافس لطريق الحرير الصينى بميزانية تصل إلى ٦٠٠ مليار دولار، ثم بمهاجمة السياسة الصناعية الصينية غير المنصفة للعمال ولا للشركات المنافسة، وتوجيه الاتهامات للصين بأنها تنصب فخ الديون للدول الفقيرة والمتوسطة الدخل.

يبدو أن حكاية «تنظيم التنافس» على زعامة العالم بين أمريكا والصين لم يعد لها مكان. المعركة تدخل مرحلة جديدة شديدة الضراوة.  ما حذر منه «كيسنجر» وغيره من المفكرين والساسة فى أمريكا يتحقق. المواجهة ستكون مع تحالف الصين وروسيا معا، والتكلفة باهظة والحرب طويلة، لكن هناك ـ للأسف الشديدـ من يدفع فى هذا الاتجاه!