«الزحف نحو المجاعة والجفاف»| تداعيات مثيرة للقلق لنقص الغذاء وتغير المناخ

امرأة صومالية فرت من المناطق المنكوبة بالجفاف تقدم الماء لطفلها فى مخيم للنازحين فى ضواحى مقديشو
امرأة صومالية فرت من المناطق المنكوبة بالجفاف تقدم الماء لطفلها فى مخيم للنازحين فى ضواحى مقديشو

تجاهل العالم الكثير من التحذيرات التى استمرت شهورًا بشأن موجة المد العالمية للجوع بسبب تغير المناخ والتضخم، والتى أصبحت أكثر إلحاحًا بعد حرب أوكرانيا وأصبحت تؤثر بالفعل فى جميع أنحاء العالم .


أعلن أنطونيو جوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة، أن النقص فى الغذاء فى ظل الحرب، يمكن أن يساعد فى دفع عشرات الملايين من الناس لحافة انعدام الأمن الغذائى ويمكن أن تكون النتيجة سوء التغذية والمجاعة فى أزمة قد تستمر لسنوات، مع زيادة فرص حدوث ركود عالمي.


يقدر برنامج الغذاء العالمى أن حوالى 49 مليون شخص يواجهون مستويات طارئة من الجوع. وحوالى 811 مليونا ينامون جائعين كل ليلة. كما ان عدد الأشخاص الذين هم على شفا المجاعة فى منطقة الساحل بإفريقيا، أعلى بعشر مرات على الأقل مما كان عليه فى فترة ما قبل كوفيد 2019.


تضاعف العدد الإجمالى للأشخاص الذين يواجهون انعدامًا حادًا فى الأمن الغذائى ويحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة منذ عام 2016، وفقًا للشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، وهى مشروع مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأشار أحدث تقرير للشبكة، إلى ان حجم التحدى آخذ فى الاتساع، بمقدار 40 مليون شخص، وان إثيوبيا وجنوب السودان وجنوب مدغشقر واليمن، فى أشد مراحل انعدام الأمن الغذائى خطورة.


مع اقتراب «نهاية العالم»، سيعانى أفقر الشعوب من الغذاء كما يفعلون دائمًا. لكن يُخشى أن الألم سوف ينتقل بسرعة لأعلى سلسلة الغذاء العالمية. ومن المرجح أن يأتى معها ارتفاع فى الاضطرابات السياسية والأزمات الإنسانية وعدم الاستقرار والمنافسات الجيواستراتيجية عبر عالم جائع.


الصومال .. يعانى القرن الإفريقى من أربعة مواسم مطيرة متتالية فاشلة، كما يعانى أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود، وهى صدمة مناخية تفاقمت بسبب الصراع المستمر وارتفاع الأسعار الناجم عن الغزو الروسى لأوكرانيا.. فى العام الماضي.

وعدت بريطانيا وقادة آخرون فى مجموعة السبع بتقديم 7 مليارات دولار لمساعدة البلدان على منع المجاعة، لكن فشلت الجهود فى جمع الأموال الكافية لدرء الجوع. ويتم الآن حث مجموعة السبع على الالتزام بحزمة تمويل فورية بينما تنزلق الصومال، اكثر البلاد تضررًا.

فى كارثة بحلول سبتمبر. فمن المتوقع أن يواجه ما لا يقل عن 213 ألف شخص المجاعة.. تركت ثلاث سنوات من الجفاف وأزمة الغذاء العالمية أجزاءً من البلاد على مقربة من المجاعة. كما أدت أسوأ موجة جفاف منذ 40 عامًا، إلى زيادات هائلة فى أسعار المواد الغذائية.. مع اختناق طرق الإمداد، واختفاء المحاصيل المحلية بسبب موجات الجفاف المتتالية، بدأ الطعام حتى منخفض التكلفة والضروريات الأخرى فى النفاد.


الوضع يائس بشكل خاص بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون فى مخيمات مؤقتة فى العاصمة وحولها. فى كل يوم يصل المزيد من العائلات من المناطق المنكوبة بالجفاف، مما يزيد الضغط على العاصمة مقديشو التى تفتقر للموارد والتى تعد واحدة من أسرع مدن العالم نموًا.


وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من سبعة ملايين شخص فى الصومال تضرروا من الجفاف وأجبر نحو 800 ألف شخص على ترك ديارهم وانضموا لثلاثة ملايين شخص نزحوا داخليًا بالفعل بسبب الصراع والجفاف والفيضانات وينتهى الأمر بمعظمهم فى مخيمات فى البلدات والمدن.


فى عام 2011، عانت الصومال من مجاعة أودت بحياة أكثر من 250 ألف شخص، معظمهم من الأطفال، لكن العديد من الأشخاص يرون ان الظروف الآن أسوأ. لقد فشل المجتمع الدولى بشكل كبير بعد ان سمح للوضع بالوصول الحالى ان يتكرر مرة اخرى.


النيجر .. مثل بلدان الساحل الأخرى، تشهد النيجر ارتفاعًا كبيرًا فى حالات سوء تغذية الأطفال خلال «موسم الجفاف»-الفجوة بين المحاصيل التى تستمر لمدة أربعة أشهر تقريبًا، بدءًا من يونيو. لكن الأطباء والعاملين فى المجال الإنسانى يقولون إن هذه الارتفاعات أصبحت أكثر وضوحًا مع تفاقم أزمة المناخ.

ويعانى النيجر عدم انتظام هطول الأمطار على نحو متزايد ويواجه موسم جفاف يعد الأطول خلال عقد من الزمان. وترتفع درجات الحرارة بمعدل 1.5 مرة أسرع من بقية العالم، مما أدى لموجة جفاف تسببت فى تآكل 14٪ من الأراضى الصالحة للزراعة. وكان هناك انخفاض فى إنتاج الحبوب العام الماضى بنسبة 39٪. وامتد عنف الجماعات المتطرفة من مالى ونيجيريا المجاورتين لنزوح مئات الآلاف من الأشخاص، فى حين أدت الصدمة الاقتصادية للحرب فى أوكرانيا على بعد 2800 ميل إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.


يعانى حوالى 44٪ من أطفال النيجر من سوء التغذية، ومن المتوقع أن يواجه 4.4 مليون شخص - 18٪ من سكانها-مستويات أسوأ هذا العام من انعدام الأمن الغذائي، أى ما يعادل ضعف ما كان عليه فى العام الماضي.. فى الوقت نفسه تعانى الوكالات الإنسانية من نقص الموارد، فلديها أموال فقط لمساعدة 3.3 مليون شخص، مما يترك أكثر من مليون شخص دون المساعدة التى يحتاجون إليها. 


الوضع مشابه فى بوركينا فاسو ومالى وتشاد حيث يواجه زهاء ستة ملايين شخص خطر الجوع بسبب أزمة غذائية حادة وارتفاع أسعار الطاقة. سريلانكا .. احتجاجات ضد الأزمة الاقتصادية تواجه سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية على الإطلاق منذ عقود بسبب نقص الاحتياطيات الأجنبية، مما أدى إلى نقص حاد فى الغذاء والوقود والأدوية والسلع المستوردة.

فى أعقاب ذلك نشأت أزمة سياسية كبيرة، وهزت الاحتجاجات البلاد منذ ما يقرب من شهرين، وبلغت ذروتها باستقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، وتحولت الاضطرابات إلى أعمال عنف. وتسعى سريلانكا اليائسة للحصول على قرض من البنك الدولى للمساعدة فى سداد قيمة الواردات الأساسية بعد ان تخلفت الأسبوع الماضى عن سداد ديونها لأول مرة على الإطلاق.


باكستان.. تسبب التضخم المزدوج فى جعل العديد من الباكستانيين غير قادرين على تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية وكان عاملاً رئيسياً فى سقوط رئيس الوزراء عمران خان من السلطة فى وقت سابق من هذا العام.


وفى كلا البلدين كان النقص الحاد فى الغذاء والتضخم العامل المحفز.إيران.. تعانى ايضا من نفس الموقف فقد اندلعت احتجاجات عنيفة الأسبوع الماضى فى خوزستان بعد أن رفعت الحكومة أسعار الخبز وزيت الطهى ومنتجات الألبان.

وزاد وضع الإيرانيين سوءًا بسبب العقوبات الأمريكية الصارمة. وإذا استمرت مستويات المعيشة فى الانخفاض، فقد يكون هناك انفجار مماثل للانتفاضة التى تم إحباطها فى جميع أنحاء البلاد فى 2017-2018.


سوريا.. بسبب الحرب الأهلية تم تقليص بلد مزدهر نسبيًا إلى شيء يقترب من حالة صعبة. حيث يعانى حوالى 12.4 مليون شخص-60٪ من السكان-من انعدام الأمن الغذائي، وهو رقم تضاعف منذ عام 2019.


إثيوبيا .. الحرب  الكارثية فى تيجراي. قدرت الأمم المتحدة فى يناير أن مليونى شخص يعانون من نقص حاد فى الغذاء، ويعتمدون على المساعدات فى مقاطعة كانت فى السابق تتمتع بالاكتفاء الذاتي.


أفغانستان.. انتقلت من سيء إلى أسوأ بعد انتهاء الاحتلال الإمريكى العام الماضى وتولى طالبان. قالت منظمة «أنقذوا الأطفال» هذا الشهر إن 9.6 مليون طفل أفغانى يعانون من الجوع بسبب تفاقم المشاكل الاقتصادية والجفاف المستمر. وقالت المنظمة الخيرية إنها أسوأ أزمة جوع تشهدها البلاد على الإطلاق.

اقرأ ايضا | أزمة الغذاء العالمية تزداد سوءًا.. 323 مليون «يسيرون نحو المجاعة»