بدون تردد

العرب.. وأمريكا ولغة المصالح

محمد بركات
محمد بركات

الغالبية العظمى من البشر إن لم يكن جميعهم عدا بعض الاستثناءات الطفيفة التى لا تهدم القاعدة ولا تخل بها خللًا جسيمًا، يرون عن اقتناع أن المصالح هى التى تحكم العالم وتُحدد مساره، وتتحكم فى قوة ومتانة أو ضعف وهشاشة العلاقات بين الدول، وأنها هى التى ترسم وتضع الخطوط والتوجهات السياسية والاقتصادية لهذه الدول.


ويرى هؤلاء أن تلك القاعدة ليست جديدة ولا طارئة، بل هى المعمول بها بين الأفراد والجماعات وكذلك بين الشعوب والدول منذ فجر التاريخ وحتى اليوم.


ويؤكدون أن التحولات اللافتة فى العلاقات بين الدول تخضع لنفس المنطق وذات القاعدة، حيث لا عداوات دائمة ولا صداقات مستمرة ولكن هناك مصالح تحكم وتُحدد. وفى هذا الإطار يرون أنه لا موجب للاندهاش من تغير السياسات لبعض الدول، أو انتقالها من توجه لآخر طبقًا لتغير المصالح واختلافها، لأن ذلك هو المتوقع والمنتظر، حيث من الطبيعى أن يكون التوجه متماشيًا مع الاتجاه الذى تحدده المصالح ولا شىء غيره.
وفى ظل هذه الرؤية لا يرى هؤلاء أى موجب للاندهاش أو العجب من التحول اللافت الذى طرأ على الموقف الأمريكى المُعلن تجاه الشرق الأوسط من النقيض إلى النقيض، خلال الشهور والأسابيع الأخيرة.
حيث كانت أمريكا قد أعلنت موقفها المُتراجع عن الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط إلى أدنى المستويات، وأكدت انسحابها الكامل من التواجد أو الانغماس فى قضايا المنطقة، مع نهاية العام الماضى ٢٠٢١، وتحول بوصلة اهتمامها وتواجدها نحو آسيا حيث المواجهة الحادة مع الصين.
ولكن مع وقوع الحرب الروسية الأوكرانية أتت الرياح بما لا تشتهى السفن الأمريكية، واشتعلت الأزمة الاقتصادية العالمية، وتصاعدت أزمة الطاقة وارتفعت أسعار البترول والغاز إلى مستويات غير متوقعة، وأصبحت منطقة الخليج والشرق الأوسط من أهم المناطق فى العالم بصفة عامة وبالنسبة لأمريكا على وجه الخصوص.


ولذلك رأينا الولايات المتحدة تعيد حساباتها مرة أخرى وتخطب ود المنطقة من جديد،...، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص فى إعلاء واضح للمصالح،...، ورأينا بايدن يعلن عن زيارته للمنطقة ولقائه القادم مع القادة والزعماء العرب فى جدة بالمملكة العربية السعودية مؤكدًا اهتمام بلاده بقضايا المنطقة وعلاقاتها القوية والراسخة والدائمة معها فى تناقض واضح عما أعلنه من قبل أثناء حملته الانتخابية وفور توليه الحكم منذ عامين،...، وفى ذلك نقول لا عجب ولا اندهاش، إنها المصالح ولغتها التى يلتزم بها الجميع.