التاء الموؤدة

نسرين موافي
نسرين موافي

بقلم: نسرين موافي

أحداث جسام في أيام ثقال أشعلت بركان اسئلة بداخلي وراحت تلح علي عقلي، هل انتهي وأد الجاهلية للبنات فعلاً أم أن أسلوب الوأد اختلف فقط ؟!  اتراهم حقاً كانوا يئدون الفتيات خوفاً من العار و الفقر ؟! أم أن وأدهن كان حتي لا تلاقين ما تلاقيه فتيات اليوم من قتل و ذبح و ووأد للمشاعر و الطموح بل و اغتيال للانسانية و معها البشرية ! ما أجده في عالمنا يؤكد  أن الوأد لم ينتهي و إن اختلفت صورته.

على مر العصور شهدت الدنيا على قوة المرأة المصرية و كتب التاريخ سطور ذهبية يحكي عزتها و عزها … سادت الدنيا و ملكتها..فلأي مدىً تأخرنا و عدنا بعجلة الحضارة الي الخلف..!

ومتى تحولت المصريات من ملكات الى ممتهنات الكرامة و الحقوق .؟!

في رحلة السيطرة على الشعوب و كسر ارادتها كان لابد من ان تكسر الحلقة الأقوى في المجتمع … حجر أساسه ليفرغ المجتمع من قوته ، فكان دائما الهدف كسر الأسرة . 
فكل القوى يمكن اعادة بنائها بسرعة إلا الإنسان .. و لأن ( من يحرك المهد يملك العالم ) كانت هي الهدف ، تُقهر و تُهدم و تعيش الظلم ، ليعيش معها المجتمع كله نفس المشاعر،  فإما ان تستسلم كالسواد الأعظم من النساء و تنتج للمجتمع جيل مقهور مشوه نفسياً ،تُرضعه الدناءة و الخسة و الظلم كما عاشت هي ، أو أن تتمرد و تعي الخطر و تعلن أن لها حقاً ، فتُغتال علي كل الاصعدة و بأعلي الأصوات حتي لا تراود احلامها غيرها من بنات جنسها و هكذا …

ليدور المجتمع في حلقة مفرغة لا فكاك منها

تُربط فيه المرأة في ساقية كالبهائم منذ يوم ولادتها معصوبة العينين لتدور في دوائر بلا هدف

تبدأ حياتها معتقدة خطأً ان لها حقا في الحياة ، تكبر  لتصطدم ان لها حقاً فقط في العقاب ..في النقد.. في القهر و اللوم من الجميع و أولهم أمها ! و كيف لا ؟! فهي نفسها لم تؤهل لتصبح انسانه كامله بحق ثابت في الحياة فكيف ننتظر أن تربي أبناء أسوياء ؟! 

تولد مسلوبة حياة مقدماً و مطالبة بأن تمنح كل الحياة ، لها كل مشاعر سلبية خوف، ترقب ، ظلم ، تحكم و ينتظر منها الجميع كل المشاعر الايجابية .

في كل المجتمعات مهما اختلفت ديانتهم او ثقافتهم و مدي رقيهم يتباري الحكام مع رجال الفكر في السيطرة علي الشعب .. في النفوذ

وبالرغم ان وظيفة الحاكم مراعاة مصالح الشعب ، و وظيفة رجال الدين و الفكر التذكرة بطريق الحق و اتباعه و السمو بالروح و العقل ، بالرغم من ذلك كله  يبحث الجميع عن السيطرة 

ولأن الباطل طريقه أسرع و الكذب و الافتراء اسهل و اكثر انتشاراً يتواري عادة الفكر الصحيح و الاتزان و الاستقامة و يتم تجنب الوسطية و الإعتدال خلف حنجورية المدعين لتصبح لهم السطوة علي اغلب العصور و يكون علي الحاكم دائما الاختيار بين  إما التفاوض لفرض السيطرة و النفوذ او التماشي مع التيار …معركة لم يخلو تاريخ أمة منها.

وأول خطوة في هذه السيطرة هي المرأة،  فذلها و اخضاعها و كسر ارادتها كانسانه يحقق كل الاغراض يُشعر جمهورهم من الرجال بالسطوة المطلقة فيتبعوهم بلا ادني مقاومة ، يملكون رقابهم باسم الدين لتقع كل الكبائر و الصغائر قهراً باسم الدين ، و الدين بل و اي دين منها برئ … تغتصب الزوجة خوفا من لعنة الملائكة

تحدد خياراتها باسم القهر  حتي لا يدخل ابوها و اخوها بل و حارس عقارهم النار لانها لم تطيع ، تُحرم حتي من حقها في الاختيار الذي كفله لها دينها ، والذي كفل للجميع حتي حرية المعتقد.

سألت رجلا مرة اذا كان صحيحا ان الرجل هو من سيعاقب علي التزام المرأة بدينها من عدمه و بالتالي فهو حق اصيل له -لا يجوز معه الجدل- أن يجبرها علي ما يراه .. اذن كيف سيعاقبه الله اذا كانت زوجته ليست علي دينه و تتبع دين آخر ، و الاصل أنها تحل له و غير ملزمة بتغيير دينها؟! و لم تصلني الاجابة الي الان.

نسي او تناسي في معرض شرحه الحماسي عن سطوة الرجل علي زوجته و انه مسئول عن رعيته ان الرعاية حماية و ود و خوف و امان و ليس العكس.

و السؤال هنا من يحمي الفئات الاضعف في المجتمع ..؟! من يحمي النساء من افكار الرجال التي زرعها و رعاها فيهم رجال ادعوا انهم يتكلمون باسم الدين زورا ؟! من يحمي البنت من عنف اسرتها سواء امها او ابيها أو اخيها ؟!  من يحمي الزوجة من قهر اهلها و زوجها ؟!من يحمي الفتاة من تربية امها الدونية لها و تفضيلها لاخيها عليها ؟!

بل من يحمي كل امراة من مجتمعها ككل ؟!

من يسمع صوت النساء خارج معارك الصناديق و هتافات الانتخابات ؟!

بل من يحمي الاسوياء من هكذا فكر مجتمعي؟!

من يحمي اب عاقل حنون تعب ليربي و يعتني بابنته من مجنون يحاول تدميرها ؟! 

من يحمي العقلاء و الاسوياء -نساءً كانوا او رجالا - من مجتمع أضحت فيه السموم على هيئة أفكار؟! ..سموم توغلت كثيراً على مدى عقود طويلة، وقف العامة فيها حائرون بين طرفي نزاع: يميني متشدد و يساري متطرف ، بالرغم من أن كلمة السر واضحة.. الاعتدال في كل فكر ،وقفوا حائرين و تركوا الأفكار من الجانبين تتوحش لنكتشف اننا نحتاج  للكثير من التربية و التعليم  الصحيحين حتى نعود بالمجتمع لحالة السلم و الهدوء.. نحتاج لوقت طويل لا يتحمله اي مجتمع.لذا، لابد له ان يبدأ كل هذا جنباً الى جنب مع القوانين الرادعة النافذة.

قانون يمنع و يجرم اي تهاون في شكوي امرأة لأي مركز نجدة مع  تأهيل ضباطه علي كيفيه التعامل مع شكوي المرأة و نفسيتها و تحديد التعامل السليم و الجدي مع التهديدات .
قوانين توضع لتحمي الاطفال من عنف الاسرة وقوانين تنفذ بصرامة علي الجميع و عقابات رادة علي نشر الارهاب علي مواقع التواصل الاجتماعي فهي الطريق الاسهل لنشر السموم 

اعلنها آسفةً ..فضائل كثيرة فقدها المجتمع المصري في العقود الماضية … فضائل لا تستطيع اجبار أي فرد عليها كانت هي حجر الزاوية و فقدها احدث ارتباك شديد في المشهد و غير من مكوناته و لا بد أن يستعيد توازنه و لو اجبارا بانفاذ القوانين و احكام السيطرة علي الشارع جنباً الي جنب مع التعليم و الثقافة و الفن و بخطوات سريعة فنحن لا نملك رفاهية الوقت . و اخيراً لك الله يا مصر