شىء من الأمل

إنها الكراهية !

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

أبشع من حادث قتل ونحر طالبة جامعة المنصورة بعض ردود الفعل على هذا الحادث .. فهى تشى بأمر جلل وفظيع وهو أن مجتمعنا يعانى من آفة الكراهية وأننا يتعين أن نتصدى لهذه الكراهية بكل ما أوتينا من قوة وحزم لنحمى تماسك مجتمعنا ..

فهذا الحادث البشع بدلا من أن يجعل البعض يرثى لتلك الفتاة الضحية التى نحرها شاب بدعوى الحب والحقيقة أنها الرغبة الشديدة لديه فى تملكها، فإنه دفع البعض إلى توجيه اللوم للفتاة المغدورة والمنحورة، تارة لملابسها، وتارة أخرى لأنها لم تستجب لهذا الشاب وتقبل بالاقتران به لتضمن البقاء على قيد الحياة وتحمى نفسها من القتل والنحر على هذا النحو البشع والعلنى .. أما الأكثر حقارة فقد جاء فى شكل نصيحة متأخرة للمتهم بالقتل مؤداها أن الاغتصاب كان أفضل من القتل ! ..

فهل هناك شاهد أكثر وضوحا على تمكن الكراهية من البعض منا ؟!

لقد اعترف الشاب المتهم بالقتل أنه قتل ونحر زميلته لأنها رفضت الزواج به وهو لا يتصور أن تكون لأحد غيره، ولم يقل فى التحقيقات التى أجرتها النيابة معه قبل أن تحيله إلى محاكمة عاجلة أنه قتلها لعدم احتشام ملابسها، لذلك لا مجال هنا للحديث عن ملابس الضحية القتيلة أو لاستغلال الحادث البشع للحديث عن ملابس كل الفتيات والسيدات فى البلاد .. كما أن استجابة الفتاة الضحية للشاب الذى كان يطاردها بدعوى الحب لتصون حياتها هو فى حقيقة الأمر استسلام ذليل لها وخضوع أليم  استعباد فج  لها لا يقبل به الدين، أى دين.. فهل هناك كراهية أبشع من ذلك ؟! ..

أليست الكراهية هى عدم الاعتراف بالآخر وعدم احترامه والقبول به لأننا نريد أن يكون الجميع مثلنا .. يشبهوننا .. أو بالأصح نسخا متطابقة منا ، رغم أن الله عز وجل خلقنا مختلفين متنوعين ومتعددين فى كل شىء الشكل واللون والجنس، ثم الانتماء الدينى والعرقى والاجتماعى والجغرافى وأيضاً السياسى .. وأليست الكراهية هى إخضاع الآخر لنا بل الرغبة فى امتلاكه والسيطرة عليه واستعباده ؟!

ان مشكلتنا الآن ليست فى خطاب الكراهية الذى يحذر البعض منه الآن وإنما حادث قتل ونحر نيرة وردود الفعل العشوائية والصادمة عليه من البعض تكشف ما أنبه اليه منذ وقت وهو أن لدينا الآن فى مجتمعنا مثل العالم كله صناعة خاصة للكراهية ولدينا  صناع متخصصون للكراهية مثلما لدينا مروجون للكراهية.. وهذا يفسر العنف الذى شهده مجتمعنا ..

ولذلك الأولى بالتصفية الآن هذه الصناعة الكريهة والخطيرة والمدمرة للمجتمعات .. صناعة الكراهية.