فاصل ولن نعود

صالح الصالحي
صالح الصالحي

فى علاقاتنا الانسانية المخلصة عمق وامتداد ودفء ومحبة.. تزدهر اذا ما كانت متفاعلة بين أطرافها على قدم وساق، وإذا ما مالت كفة دون أخرى لصالح طرف على حساب الآخر تتحول إلى ابتزاز وعلاقة مصلحة.

وتظل الأيام كاشفة فى محنها وابتلاءاتها لنا حتى نعرف الغث من السمين.. نمر باختبارات لينكشف أحد الأطراف أمام الآخر فى ظل علاقات مسممة أو مؤذية.. فالعلاقات المجردة التى تحركها الفطرة الانسانية دون مقابل هى تلك العلاقات التى تجمعها صلة الرحم والدم.. ولا أنكر أنها قد تتعرض لاستثناءات لكنها تكون شذوذا عن القواعد المعتادة.. أما فيما عدا ذلك فعلاقات الزواج والأصدقاء قد تتعرض لانتكاسات ومن هنا يأتى الفراق سواء بين الزوجين بالطلاق لاستحالة استمرار الحياة، أو حتى بين الاصدقاء.. ولا ننسى أن التجربة تترك آثارها فى نفس الانسان، حيث يتعرض الطرف المخلص للخداع ويشعر بالألم لدرجة أنه يرى نفسه كم كان مغفلاً.. وقد يتغابى ويكذب نفسه رغبة فى استمرار العلاقة وسط حجج يسوقها لنفسه خاصة فى تلك التى بين الأصدقاء.. فترى إذا ما صادقك شخص من أجل مصلحته كم يكون حملا وديعا ويشعرك أنك أنت المسيطر على العلاقة ويتركك تتولى أمره بحيلة الأخ الأكبر الذى لم تلده أمه!! صحيح لا ينكشف إلا بعد عدد من اللدغات، لأنه احترف الخديعة..

وعلى الرغم من عقد الدونية التى تكون ظاهرة للعيان فالجميع يرونها واضحة كاشفة إلا أنك تكذب نفسك وتقول دائماً «العيش والملح» له حق وأعمل خير وارميه البحر.. وهكذا تظل طوال علاقتك المشوهة مع صديق العمر الذى قارب على «قصف» عمرك بندالته وبما يمكره من خدع ومقالب، ويأتى إليك معتذراً وتقبل عذره ليس لشىء إلا أنك لاتريد أن تكون مغفلا، أو ترفض أن تفقد رصيد ما قدمته له.. وتجده يفعل ذلك ليس معك وحدك بل أنه يتحرك فى دائرة المقربين له فيبدأ بالبعيد حتى يصل إلى أقرب المقربين ويأخذه الغرور كلما شعر بنصره المزيف على أحد أصدقائه.. وينسى أنه كان رفيق دربه وكم شعر معه بمعاناته ومشاركته أفراحه لكنه كلما تضخم ووجد من ينحنى أمامه بنفس منطقه ظن أنه لامس النجوم ولم يعد بحاجة لاصدقائه!!. وأنت تتألم فى البداية من هذه العلاقة المشوهة..

تقف مع نفسك فاصلا قصيرا أو طويلا وتعقد سلسلة من فواصل سابقة شهدت عودة تحت ضغوط من خداعاته!!.. لتقول لنفسك أن هذه المرة هى الفاصل الذى لا عودة بعده، وأن حلم الصداقة موجود فى الدنيا لكن الله جعلنا نتدبر ونراجع أنفسنا.. فلا نأسى على ما فاتنا ويكفينا الآتى دون فواصل مع أصدقاء تستحق إخلاصنا وحبنا.. وعلى كل صديق أن يراجع النعمة التى منحها الله له بأن جعل له انسانا يحبه فى زمن عز فيه مصادقة الاخيار.. وأقول لنفسى مرحبا بكل صديق مخلص وليذهب إلى غير رجعة ما عكسه.                                            «وللحديث بقية»