أمس واليوم وغداً

على هامش دفتر الإعلام الوطني

عصام السباعي
عصام السباعي

كانت لحظات فرحة، وساعات وكأنها من أيام العيد، عشتها وسط رمال الصحراء فى تلك الجنة الخضراء حيث افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى، ورغم أننا كنا فى النهار، تخيلت ذلك المشروع وكأنه خطوط نور فى وسط الظلام، ولا أبالغ فهكذا تخيلت اللون الأخضر وكأنه شعلة نور، واللون الأصفر وكأنه سواد الليل، إنه مشهد تاريخى يعكس خطورة ذلك الرقم الذى ذكره الرئيس السيسى بأن السنوات العشر الماضية شهدت زيادة سكانية تقدر بنحو 20 مليون نسمة، وتساؤلاته المنطقية:  «ما هى كم طلباتهم من السلع الأساسية.. وهل نمو الدولة وإنتاجها يكفى هذا؟»، وبالطبع زادت حاجتنا إلى ذلك المشروع فى أعقاب أزمة التضخم العالمية وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما جعل الرئيس يؤكد أنه لاتوجد لدينا خيارات سوى العمل والعرق والجد والاجتهاد فى مشروعاتنا القومية، ويصدر توجيهاته بمزيد من الجهد لإنهاء مراحل مشروع مستقبل مصر قبل التوقيت المحدد له العام المقبل.

ويهمنى هنا رصد بعض الملاحظات على هامش دفتر الإعلام الوطنى، وفى مقدمتها أن رسائل الرئيس قد وصلت بالتمام والكمال إلى القلوب والعقول، كما أن هناك قلة قليلة قد تحسست رءوسها، عندما تحدث عن ثلاثية الكذب والإفك والبهتان، ومن يتحدثون فيما لا يعرفون ومالم يحاولوا أن يتعلموه، هؤلاء الذين يثيرون الفتنة وراء الأخرى، وكلما باظت واحدة اخترعوا أختها، ومن هنا كان رهان الرئيس ودعوته إلى الحفاظ على وعى المواطنين من أجل مصر، وهو رهان فى محله، وليس كما قال أحد الإعلاميين بأنه رهان لا يمكن التعويل عليه، لأنه يجهل تماما أن أجمل ما فى المصريين هو وعيهم الحاضر بقوة وقت الأزمات وعند المخاطر، وعيهم لا يفارقهم حتى لو تخيل البعض ذلك، ولكنه حاضر دائما ويعود فى الوقت المناسب، وقد اختبرنا ذلك فى وقائع خطيرة وكثيرة فى تاريخ المصريين، بل أستطيع أن أؤكد أن ذلك كان أجمل مافى ثورة 30 يونيو عندما أزاحوا الخطر الذى حاول أن يخترق ويحرق نسيجهم ووفاقهم الوطنى.

ولا يستطيع أى مراقب إغفال الإشارات المباشرة فى كلمات السيسى إلى أهمية دور القطاع الخاص كشريك رئيسى فى المشروعات القومية وكل خطط التنمية وقدرته على أداء دوره بكفاءة واقتدار، إضافة إلى الجمعيات الأهلية، حيث حرص على التأكد من وجودها فى ذلك الاحتفال أكثر من مرة، وكذلك إيمانه بالدور المهم للإعلام، وهو ما نلاحظه فى كلماته: «أتابع تناول الإعلاميين وضيوفهم للقضايا لمعرفة ما إذا كنا قادرين على الوصول للمواطن»، وهذه النقطة بالذات تحتاج إلى مزيد من الاهتمام لأنها عملية مركبة، فى علاقة ذات اتجاهين تتعلق بالرسائل الإعلامية وهل تصل بالقوة والدقة وخلال الوقت المطلوب، ومن ثم رد الفعل على تلك الرسائل، وهى عملية مهمة فى مجملها، للأمن القومى المصرى وإحداث الأثر المطلوب فى عملية التنمية والتحديث والتنوير، فلا يمكن الرهان فقط على المشروعات، ولكن أيضا على التعريف الصحيح بها، وتحقيق تماسك المجتمع وقدرته على لفظ كل  بؤر التطرف والإرهاب، وتبنيه لقيم التسامح وقبول الآخر والاتحاد فى الوطن.

الرسائل مهمة جدا وما يماثلها فى الأهمية أن يتم ترجمتها على أرض الواقع، وتلك مسئوليتنا جميعا كأبناء مخلصين لذلك الوطن وبلا استثناء.. ويارب احفظ مصر.

أقصر طريق للمواطن

أرجو أن يتقبل الجميع تلك الكلمات بصدور رحبة وعقول قادرة على أن تجد فيها كل ما هو مفيد لإعلامنا الوطنى، ولأمننا القومى، نعرف جميعا أن جزءا كبيرا من عافية الإعلام تتمثل فى تدفق المعلومات، وأتناول هنا الجزء الآخر من العملية الإعلامية وهى الوزارات والأجهزة الحكومية، ومدى قدرتها على الوصول برسالتها الإعلامية إلى الناس فى زمن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى هى سيدة الموقف، وبكل أسف فهناك تواصل ولكن غير اجتماعى، ما أريد أن أقوله أننى حاولت تتبع الحدث الكبير الذى يتشرف ويسعد به كل مصرى، وهو مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى، وكم المعلومات والرسائل والتوجيهات من الرئيس السيسى فى مجالات عدة، والمفارقة أن كل ذلك لم تتم ترجمته فى التواصل الاجتماعى الحكومى، مجرد نظرة إلى الصفحة الرسمية لوزارة الزراعة واستصلاح الأرضى سنجد أن أحدث بوست فيها بتاريخ 14 يناير، وصفحة المكتب الإعلامى للوزارة آخر بوست 16 فبراير، والقناة الزراعية على اليوتيوب تجاهلت الحدث تماما، وصفحة المتحدث الرسمى آخر بوست عن أسعار السمك والخضر، ولا توجد أى إشارة للحدث الكبير، وزارة الرى نفس الشىء أحدث  فيديو على قناتها الرسمية على يوتيوب قبل 6 أشهر عن توقيع مذكرة على هامش أسبوع القاهرة للمياه، أما الحال فى الصفحة الرسمية لوزارة التموين على فيسبوك فلاشىء فيها «no posts yet»، أما الوضع على قناتها فى  يوتيوب فكان أفضل،  حيث عرضت كلمة الوزير خلال المؤتمر فقط، ونفس الشىء على صفحة المركز الإعلامى للوزارة، وأكتفى بهذين النموذجين، وما أريد قوله أن جزءا كبيرا من الوصول للجمهور وتوصيل الرسالة له والتواصل معه، يمكن أن يتم بأقل تكلفة ومن أقصر طريق عبر «بوست» جيد على فيسبوك، وفيديو له أهمية عند الجمهور وفريق إعلام كفء وفاهم، وما أكثر الموضوعات التى يمكن من خلالها التواصل مع فئات مختلفة من الجمهور، فى القضايا الحيوية، وأبرزها هذه الأيام بطاقات التموين، أرجو أن يتم دراسة ذلك الموضوع مع ملاحظة أن هناك قطاعات فى المناطق النائية، تحتاج إلى التواصل الشخصى من خلال القوافل  وما شابه ذلك، ودور هيئة الاستعلامات هنا مهم وكبير ومطلوب.. ويارب احفظ مصر.

مواجهة أمراض «سعار الأسعار»

عشت وعايشت كواليس معركة تطبيق القرار الجمهورى رقم ١٠٦ لسنة ٢٠٠٠ فى شأن تيسير إجراءات الفحص والرقابة على السلع المصدرة والمستوردة، القرار كان يهدف لتوحيد أجهزة الرقابة كلها تحت إشراف هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، بما يحقق مصلحة التاجر والمواطن والدولة، وكم نحتاج حاليا إلى قرار بتوحيد أجهزة الرقابة فى السوق المصرى، فكما هو واضح فقد أصبح النصب مربحا، والغش مصدرا للكسب الحرام ربما مثل المخدرات، تخيلوا ماذا لو غش غشاش فى اللحم المفروم أو فى زبدة الشوكولاتة أو فى لحم الكباب أو فى السلع الهندسية والكهربائية إلخ إلخ، لا أعتقد أن أى جهاز حتى حماية المستهلك يستطيع أن يعمل بمفرده، والمطلوب جهاز أو هيئة وتحت أى اسم يتجمع تحت إشرافها كل تلك الأجهزة، تقوم بمواجهة الغش والتلاعب المربح نتيجة «سعار الأسعار»  ويتم تحديث قوانين وعقوبات التجارة الداخلية والمواصفات.. أتمنى أن تتفهم الأجهزة ضرورة ذلك التوحد كما تفهمته قبل 20 سنة أجهزة الرقابة على الصادرات والواردات .. ويارب احفظ مصر.

بوكس

اللهم اكفنا شر هؤلاء الذين كل علاقتهم بالوطن، هى نفس علاقتهم بمحفظتهم !