الأيادى العابثة| حرب الشائعات ومعركة الوعي

حرب الشائعات
حرب الشائعات

محمد القليوبي

مع كثرة التحديات، وما تحقق على أرض الواقع من انجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية، تزداد نسبة الشائعات المنتشرة التي يروجها أعداء الوطن في كل اتجاه من وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد بيئة خصبة لأي شائعة تطال أشخاصاً بأنفسهم، أو مجالاً بعينه بهدف إثارة بلبلة داخل الرأي العام، وتستهدف المواطن بالأخص، وانتقالاً إلى القنوات الخاصة بالجماعة الإرهابية التي تبث سمومها يومياً لتكدير سلم هذا الوطن، في المقابل تقف الدولة بأجهزتها الإعلامية والثقافية في وجه هذه الموجات المتلاحقة لترتقي بوعي الشعب في معركة مكملة لحربنا على الإرهاب.

 

رصدت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية نسبة انتشار الشائعات في كافة المجالات، وذكر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن الشائعات زادت بشكل ملحوظ خلال العام الماضي عن الأعوام السابقة إذ وصلت لنسبة 23 % مقارنة بنسبة 22 % عام 2020، وبحسب المركز فالشائعات التي تم ترويجها خلال العام الماضي كانت أغلبها حول الوضع الاقتصادي، والتي مثلت نسبة 41 % من إجمالي نسبة هذا العام، وزادت تلك النسبة خلال الشهور الماضية بدرجة كبيرة.

 

معركة الوعي

المتحدث العسكرى للقوات المسلحة العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ، قال خلال حديثه مع إحدى القنوات التليفزيونية، إن المعركة ضد الإرهاب ليست أمنية فقط بل هي معركة تنموية ومجتمعية تعتمد على الوعي لمواجهة الشائعات؛ إذًا هي معركة كبرى ضد قوى الظلام التي لا تهدأ حتى تستغل أي فرصة لنشر شائعات تستلزم اليقظة، والمواجهة المباشرة من خلال كافة الوسائل الإعلامية سواء مع مواقع التواصل الإجتماعي، وهي ليست بالأمر اليسير، فمع الأزمة الاقتصادية العالمية واجه الاقتصاد المصري كثير من الشائعات وسط أجواء عاصفة على كافة دول العالم، وكان الهدف هو النيل من استقرار هذا الاقتصاد لصالح أجندات أجنبية معروف توجهاتها وأهدافها.

شائعة أبو الهول 

في الفترة الأخيرة كانت أشهر شائعة انتشرت في مصر هي إغلاق عين تمثال أبو الهول مما ينبئ بحدث كبير ستشهده مصر، ونالت هذه الشائعة اهتماماً ضخماً من الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن هناك صحفا ومواقع إخبارية سارت وراء الرائجة دون تغليب المنطق، وساهموا بقصد أو دون قصد في تأكيد تلك الشائعة الساذجة، ليمثل خبر أبو الهول لحظة كاشفة لحقيقة الوضع الذي نعيش فيه إذ دل على غياب الوعي عن الكثيرين، وقصور المعرفة.


أما عن أكثر المجالات استقبالاً للشائعات فكان مجال الفن، وتمحورت تلك الشائعات حول أخبار الوفاة التي طالت عدد كبير من الفنانين، وهو ملف قديم ظهر حتى من قبل مواقع التواصل الاجتماعي وتطورها، والغريب أن مصدر هذه الشائعات غالباً ما يكون مجهولاً، وأبرز هؤلاء الذين طالتهم شائعات الوفاة الفنان عادل إمام الذي لا يخلو عام دون خبر عن وفاته، حتى إنه طالب مروجو تلك الأخبار الزائفة بالتوقف عن نشرها لأنها «منغصة» لأي شخص في حياته الأسرية والعملية.

 

وفي الأساس فإن تلك الشائعات التي تطال رموز الفن والثقافة والإعلام ليست عشوائية أو ظهرت من قبيل الصدفة والدعابة، لكنها مقصودة وموجهة، فالهدف منها النيل من قامات مصر الثقافية والفنية وزعزعة ثقة الجمهور العام فيهم بأي طريق كان، ويعتمد مصدر الشائعة على تلهف المتابعين لأخبار الفضائح، والوفاة وبالتالي فهي تؤثر على مسيرتهم في مجالاتهم.


ولهذا فإن مواجهة هؤلاء ممن أصيبت نفوسهم بمرض نشر الشائعات يعتمد على عدم نشرها إلا بعد ثبوت صحتها، والتوعية المستمرة من قبل الوسائل الإعلامية المختلفة للمتابعين حتى يستطيعون التفريق بين الشائعة، والخبر الصحيح، والمصدر الذي بدأت منه الشائعة.