بقلم: محمود سالم
يقال إن 3 أشخاص معصومى الأعين وضع أمامهم فيل وطلب منهم تحديد ماهية ما يلمسونه .. الأول لمس الزلومة وقال إنها خرطوم مياه وعندما لمس الثانى القدم قال إنها جذع شجرة والثالث لمس الأذن فقال إنها شراع مركب لكن أحدا لم يقل إنه فيل .. تلك هى « نظرية الفيل» التى رواها د. أحمد جلال وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادى المرموق فى إشارة إلى أن كل شخص من الممكن أن يخطئ فى تشخيص وضع ما مثل الوضع الاقتصادى. قالها خلال لقاء نظمته الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع بمشاركة د. جودة عبد الخالق وزير التموين والتضامن الاجتماعى الأسبق ، وكانت القضية المطروحة تتعلق بقدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة التحديات .
وعلى حد تعبير د. أحمد جلال فإن الإجابة بشأن تلك القدرة تبدأ بتحديد واضح لأمور ثلاثة الأول أننا نواجه مشكلة اقتصادية ناتجة عن تحديات ما داخلية أو خارجية والثانى أننا نبحث عن حل لهذه المشكلة والثالث أننا راغبون فى أن يكون لدينا اقتصاد قادر على مواجهة التحديات اليوم وغدا . لكن الحل الأكثر تكاملا هو تحقيق توازن مالى كلى يصاحبه معدل نمو مرتفع مع عدالة معقولة فى توزيع عوائد النمو . تلك الأهداف تتفاعل مع بعضها ومن المؤكد أن بعضها لا يحتمل التأجيل . وبناء على تلك المعايير يتضح أن الاقتصاد هذه الأيام « بعافية» بعض الشىء رغم الإنجازات التى لا يمكن إنكارها فقد نجح برنامج الإصلاح الاقتصادى فى القضاء على السوق السوداء للدولار وخفض التضخم وتراجع عجز الموازنة لكننا نعانى الآن من ضغوط على الجنيه وندرة الدولار وزيادة حجم الديون .. صحيح أن معدل النمو جيد لكن المهم هو طبيعة هذا النمو، فقد حققنا معدلات معقولة من النمو لكن مصادره الأساسية هى رأس المال فى المقام الأول وتأتى الإنتاجية فى المؤخرة وكذا فإن الحكومة تقدمت بمبادرتين هامتين هما تكافل وكرامة وحياة كريمة لكن التعليم والصحة لا يحظيان بالدعم الكافى كأولوية فى تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص . والحل فى رأى د. جلال يتمثل فى التحول من التنمية بالمشروعات إلى التنمية بالسياسات مع تحديد الأولويات وتطوير منظومة السياسة الجمركية .
أما د. جودة عبد الخالق فقد انتقد العديد من الأوضاع خاصة سياسة الاستيراد وفتح الأبواب على مصراعيها رغم أن منظمة التجارة العالمية تتيح وضع ضوابط فى الحالات التى تمر بها بعض الدول ومنها مصر مطالبا ببيت خبرة اقتصادى يمد أصحاب القرار بالمشورة كما انتقد لجوء مصر إلى صندوق النقد من جديد لكن د. جلال رد بالقول إن العيب ليس فى الصندوق ولابد أن نلوم أنفسنا قبل لوم الصندق ومن يريد الذهاب إليه يذهب ومن لا يريد على كيفه!
