دردشة مع الجن ! .. أصعب يوميات لـ«الأخبار» في الخمسينيات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في واحدة من أصعب يوميات جريدة الأخبار التي رأت النور في عددها الصادر بتاريخ 24 أغسطس عام 1959، كتبت الجريدة عن قصص المصريين مع الجن في مختلف المواقف.

 

وتحت عنوان «دردشة مع الجن» كتبت الصحيفة: 

 

لو كانت أن تحدثني فتاة صغيرة لقلت أن كلامها فشر أو وهم أو كذب ولكنها سيدة مثقفة وجاوزت الخمسين قالت بينما زوجها المهندس وأخوها المدير يذكر أنها بالحوادث فقد وقعت منذ عشرة أعوام فقالت ذهبنا إلى الريف لقضاء بضعة أيام وهناك أقمنا كعادتنا في منزل العائلة وهو بيت كبير يحيط به حديقة واسعة بنيت فيها غرف للخدم.

 

وفي أحد الأيام مساء فوجئنا بطفلنا الصغير كان يجري مذعورا وكان يصيح ولما سأل عن السبب أشار إلى الحديقة وزاد الصراخ والهلع  واحتضنت الصغير ومشيت معه حتى اكتشفت سبب فزعه ولكنه صرخ وجرى بعيدا وتملكتني الحيرة.

 

أسعفتني خادمتنا العجوز بالشرح فجاءت المسكينة وهي تلهث وتقول لو رأيته يذهب إلى هناك لمنعته ولما سألتها إلى أين؟.. قالت: إلى  غرفة أبو المكارم.. إنه الجنايني الذي ظل في في خدمته سنوات أي خطر إذناي يذهب الصغير إلى غرفته أو إليه ومرة أخرى أسعفتني الخادمة العجوز بالرد فقالت:

 

أقول لك الحق أصل أبو المكارم اتجوز عفريته ولم تكن المرأة تهذي وكانت هذه المعلومات معروفة شائعة بين أهل القرية لقد اكتشفوا أن أبو المكارم تزوج جنيه على حد قولهم لم يروها ولكن سموعها أو بالأصح سمعوا الزوج وهو يتكلم معها فكان الرجل يذهب إلى غرفته كل ليلة ووراء الباب يقف الناس يستمعون إلى هذا الحوار.

 

فكان يتحدث لها مساء الخير يا أم الشعور تسلم إيدك يا أم الشعور.. الملوخية حلوة يا أم الشعور.. والغسيل زي الفل.. كتر خيرك يا أم الشعور.

 

كانت أم الشعور وهذا كان اسم الزوجة الجنية تتحدث مع الزوج كان يستطيع أن يراها وأن يسمع صوتها وأن يأكل من يدها وكان هناك أكثر من دليل على صدق كلامه فكان لا يتناول طعامه مع أحد.. إنه ينتظر الليل حتى يتعشى مع أم الشعور وكان لا يكلف أحدا بغسل ملابسه وكان الذي يقوم بذلك زوجته أم الشعور.


 
ومات أبو المكارم منذ عامين ومنذ ذلك الوقت لم يجرؤ أحد على فتح باب غرفته لأن فيها عفريتا، بعد ذلك سكتت الست المثقفة ومضى زوجها المهندس يذكرها قائلا:

 

والشيخ فتحي الله يمسيه بالخير وبدأت السيدة تروي الحادثة فقالت الشيخ فتحي كان رجلا من الإنس أما حديثه ومعاملاته فإنها تقتصر على الجن.. إنه صديق الجن فيتحدث إليهم ويعرفهم على الناس بشرط أن يكونوا طيبين فالشيخ فتحي لا يعرف إلا الجن ولم نصدق كلامه في الأول حتى أثبته بالدليل في أحد الأيام جلس الرجل وأطلق بعض البخور وراح يقول آيات من كتاب الله وأخيرا سألنا للتأكد: هل توافقون؟.. هل تأذنون بدخول أحبائي وأصدقائي إلى الجان.

 

وقال كل منهم نعم وفي هذه اللحظة سمعنا صرير الباب كأنه يفتح ثم فوجئنا بدق على باب الغرفة ثم سمعنا صوتا رقيقا يقول: مساء الخير.. فسكتت السيدة والتفتت إلى زوجها وأخيها خشية أن تكون قد أخطأت في الرواية فأكمل الزوج الحديث وقال :

 

 نسيت الكرسي كنا نجلس وأمامنا كرسي ثابت على الأرض وبعد أن سمعنا الصوت يقول مساء الخير رأينا الكرسي يتحرك وكان يدا خفية تعدله استعدادا للجلوس.

 

فسكت الزوج ثم قال الأخ: ونسيت الكحة صوت الكحة التي كنا نسمعها.. إنه صوت رجل يكح وقد قال الجن فعلا إنه مزكوم.. وأصبح الكل صامتا وعادت السيدة إلى الحديث فقالت: رغم ذلك إلا أننا كنا في شك قولنا إن الشيخ فتحي هو الذي يتكلم أو يكح وأراد الرجل أن يثبت صدق كلامه فقال إنه مستعد أن ينسحب وأن يترك الجن يظهر لنا وحده في أي وقت بشرط أن نعطي للجن إذن بذلك لك أمامه.

 

وبالفعل نفذنا ما قال وفي الليلة التالية استيقظت على صوت دق على الباب ولما قمت بفتحه سمعت صوتا يناديني باسمي ويقول: مساء الخير فكان نفس الصوت ولما أذنت له بالدخول جلس على المنضدة لقد تحركت قليلا وراح الرجل - أقصد الجن - يسألنا عن الصحة والأحوال ثم فوجئت به يقول لزوجي يجب أن تحترس من طريقك فاليوم مثلا كنت على وشك الموت عندما كنت تخترق شارع كذلك في طريقك إلى الدكتور فكاد يخبطك الترام ولكني تدخلت بسرعة فرفعت السنجة وتوقف الترام فاندهش لأن هذا فعلا حدث صباحا.

 

وبعد ذلك كان يزورنا الجن كل ليلة ويسبق بزيارته دائما على أن يدق على النافذة ولكن لم نضيق من ذلك حتى حدثت الزيارة مرة في منتصف الليل وكنت وحدي في البيت كان زوجي مسافر واستيقظت على الدق وسمعت نفس الصوت يقول نفس العبارة: أقول لكم الحق خفت ولم يغمض لي جفن في هذا الليلة وأخيرا استدعيت الشيخ فتحي وأخبرته أني غيرت رأيي وسحبت الأذن ومن يومها لم يحضر الجن.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم