إنها مصر

كان ياما كان زمان!

كرم جبر
كرم جبر

زمان كنا نقول لبعضنا كأصدقاء: بلاش نمشى مع الولد ده لأنه بيعاكس بنات وأخلاقه وحشة، والآن أصبح الشباب يتباهون بمعاكسة البنات بوقاحة، والبنات يتجرأن فى معاكسة الشباب، واختفى الحياء والأدب.

زمان كان الطالب الذى يأخذ دروسا خصوصية، فاشلا وضعيفا، والآن أصبحت الأسر تقتطع من لقمة عيشها للدروس ولا يوجد بيت فيه طالب، إلا وتستنزف ميزانيته على المدرسين الخصوصيين.

زمان كان الطالب الذى يدخل مدرسة خاصة هو الضعيف وكانت المدارس الحكومية هى النموذج، والآن أصبحت المدارس الخاصة علامة للتفوق والوجاهة، وتحولت المدارس الحكومية إلى درجة أقل.

زمان كان الجيران بخير ويسألون عن بعضهم، ويحرص "شباب الحتة" على حماية بنات الجيران، ولا يجرؤ غريب على مغازلتها أو مطاردتها.. والآن أصبح شباب الحتة هم الذين يعاكسون بناتها بأبشع الألفاظ والتصرفات.

ووأضح أن كلمة "زمان" تتغير بتغير الزمان، وكان سيد درويش يغنى "فين المصرى بتاع زمان" من أكثر من 120 سنة، وكان يبحث عن المصرى الذى سبقه بسنوات ويرثى حال المصريين فى أيامه.

كل جيل يرى فى نفسه الأفضل، وعندما يمضى الزمن يظل معتقداً أن الأجيال الحالية تمثل هبوطاً فى كل شيء ابتداء من القيم والمثل والأخلاق حتى احترام الكبير وقيمة العمل والمثابرة والجهد.

ولكن فى عصر سوشيال ميديا والسماوات المفتوحة أصبحت القضية أخطر، وسائل الانتشار بسرعة الإنترنت ولم يعد التليفون أو الراديو أو التليفزيون العادى هى أدوات التواصل وتشكيل الرأى العام.

فى الحرب العالمية الثانية برزت أهمية وسائل الإعلام بصورة كبيرة، وكانت الجيوش الألمانية تغزو الدول بالإعلام قبل الجيوش، رغم تواضع الوسائل المستخدمة مثل المنشورات والراديو، وكان وزير الدعاية الألمانى جوبلز يعتمد سياسة "اكذب ثم اكذب ثم اكذب فقد يصدقك الناس".

والآن أصبح فى يد كل شاب ورجل وامرأة وطفل صغير جهاز موبايل متصل بالإنترنت، يستطيع أن يتجول فى العالم شرقاً وغرباً دون رقابة، وتكمن الخطورة فى عدم مراقبة المحتوى خصوصاً ما يتعلق بالعنف والجنس.

وانعكس ذلك على الشباب بصورة خاصة، وارتفعت معدلات الجرأة لدى الأولاد والبنات، وأصبحت العلاقات متشابكة ومعقدة ولا يمكن السيطرة عليها، وتحدث المشاكل والأزمات التى تصل إلى حد الموت والانتحار بسبب الانفلات الأخلاقى.

منذ عدة سنوات أيام مهرجان القاهرة السينمائى، كانت السينمات تزدحم على مقولة "فيلم مناظر"، وكان الشباب يبحثون عن ذلك وينتقلون بين دور العرض.. الآن أصبح لدى كل شاب سينما خاصة تنقل له ما يشاء دون رقابة.