في الصميم

إرهاب إسرائيل.. وتواطؤ أمريكا!

جلال عارف
جلال عارف

ما إن تمت جريمة القتل المتعمد للصحفية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، حتى سارع رئيس حكومة الكيان الصيونى وأركان حكومته والمتحدثون باسم الجيش الإسرائيلى إلى ترديد أكاذيبهم عن أن الشهيدة قتلت برصاص فلسطينى!!

بل سارعوا إلى «فبركة» ڤيديو فى محاولة بائسة لاثبات هذه المزاعم. لكن الحقيقة كانت أقوى.. فالجريمة تم تسجيلها بالصوت والصورة، والعالم كله لم يصدق حرفًا من أكاذيب اسرائيل، وحتى بعض المنظمات الحقوقية داخل الكيان الصهيونى فضحت هذه الأكاذيب، وأمريكا التى تعوّد الكيان الصهيونى على دعمها الكامل فى مثل هذه المواقف لا تملك هذه المرة إلا أن تتحمل مسئوليتها إزاء مقتل شيرين التى تحمل جنسية أمريكا إلى جانب جنسيتها الفلسطينية.

واضطرت اسرائيل لسحب روايتها الكاذبة والبحث عن رواية جديدة وأكاذيب مختلفة. ومع ذلك يبقى الموقف الامريكى موضع تساؤلات عديدة.. أدانت واشنطن الاغتيال الاجرامى لمواطنة تحمل جنسيتها، لكنها لم توجه الاتهام للقاتل الذى تعرفه جيداً بحجة انتظار نتائج التحقيق. لكن الغريب هو أن تعلن واشنطن ثقتها فى أن اسرائيل قادرة على انجاز تحقيق شامل وشفاف (!!) وأن تكون هناك ضغوط على السلطة الفلسطينية لمشاركة اسرائيل فى التحقيق لكى تمنحه المشروعية الغائبة (!!) وأن تتجاهل - حتى الآن - كل الدعوات العربية والدولية لاجراء تحقيق دولى مستقل، وترفض أيضاً الحديث عن اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية!!

موقف امريكى لا يعنى إلا أن تطلب من القاتل أن يحقق مع نفسه (!!) وأن يقوم بالتحقيق الجيش الاسرائيلى الذى لم يفلت قادته من المحاكمة على جرائم الحرب التى ارتكبوها على مر السنين إلا بدعم واشنطن نفسها (!!) وأن يكون الحكم للقضاء الاسرائيلى  الذى حكم ذات يوم فى قضية مماثلة بتغريم القاتل «شلناً واحداً» وكان ذلك حكما قاسيا بالنسبة لمن تعودوا على قتل الفلسطينيين بلا عقاب، وبدم بارد، وبانتظار المكافأة لا القصاص!!

وللتذكير فقط.. شيرين أبو عاقلة هى الأخيرة - حتى اليوم - فى كشف الشهداء من الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم اسرائيل ضمن عشرات الآلاف من ضحايا الارهاب الاسرائيلى على مدى ثلاثة أرباع القرن كانت أمريكا خلاله هى الداعم الاساسى لاسرائيل والحامى الأول لها من دفع ثمن جرائمها. من حق واشنطن أن تتصرف كما تشاء أمام رأى عام أمريكى يطالب بمحاسبة من قتلوا مواطنة أمريكية، لكن الأمر يختلف مع شعوب عربية لم تعد تقبل ازدواج المعايير فى سياسة أمريكا وغيرها من دول الغرب، ولم يعد مقبولاً لديها حديث الحريات وحقوق الانسان عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا ثم الصمت الكامل على جرائم اسرائيل، بل والتواطؤ لتمريرها دون عقاب!!

فى برنامج الرئيس بايدن زيارة قريبة لاسرائيل. لا أعرف إن كان سيمضى فيها أم لا، وإن كان سيذهب فهل سيصافح القتلة أم سيعزى الفلسطينيين فى شهدائهم؟ وهل سيدرك أن إغلاق ملف التطبيع المجانى «والسلام الابراهيمي» لم يعد منه مفر، وأن التهرب من الحقائق لن يؤدى إلا للمزيد من الكوارث، وأن فلسطين ستظل باقية و«العابرون» سيذهبون؟

آن الأوان لان تدرك أمريكا أن أخطاء سياستها فى المنطقة ستكلفها الكثير. لن تستطيع دعم إرهاب اسرائيل بلا ثمن، ولن تستطيع المضى فى تقديم نفسها كمحاربة من أجل حقوق الانسان ودعم الحريات وهى تتواطأ مع احتلال اسرائيلى لابد أن ينتهى، ومع جرائم حرب يرتكبها ولابد أن تحاكم.