رحيل جلال دويدار أستاذ صحافة الخبر .. 65 عاما فى بلاط صاحبة الجلالة

الراحل الكاتب الصحفى الكبير جلال دويدار
الراحل الكاتب الصحفى الكبير جلال دويدار

فقدت الصحافة المصرية والعربية اليوم أحد أعمدتها برحيل الكاتب الصحفى الكبير جلال دويدار رئيس تحرير جريدة «الأخبار» الأسبق، عن عمر ناهز ٨٦ عاما، والذى امتدت رحلته فى بلاط صاحبة الجلالة لأكثر من ٦٥ عاما سطر فيها تاريخًا من المجد غير قابل للاستنساخ وبرؤية صحفى موهوب، صنع لنفسه أرشيفا صحفيًا سيظل عصيا على النسيان.
 

رحل الكاتب الكبير وترك فى قلوب تلامذته ومحبيه حزنا ولكن سيظل حيا بسيرته ومهنيته التى استقوها منه. ولم ينس الراحل توثيق سيرة حياته الصحفية والمهنية فى كتاب اختار له عنوان «حكايتى مع صاحبة الجلالة» ويسرد فيه الراحل مشواره الصحفى الطويل كما ذكر فى مقدمة الكتاب.. والتى أكد خلالها أن الإخلاص والشفافية والتفانى والبذل والعطاء والمصداقية وتقبل المعاناة والاجتهاد والانضباط والعدالة وحسن التعامل والانتماء والولاء لمهنة الصحافة ولـ «أخبار اليوم» كانت وسيلته لشق طريقه من محرر تحت التمرين إلى منصب رئيس التحرير.

«حكايتى» يوثق السيرة والمسيرة

فى الفصل الأول من الكتاب الذى حمل عنوان «البداية: الأسرة والمدرسة» أشار «دويدار» إلى أن مسيرته الصحفية بدأت مع التحاقه بالمدرسة الابتدائية بمدينة سمنود بالغربية حيث كانت تقيم عائلته مشيرا إلى أن هذه الفترة عكست هوايته للأنشطة الإعلامية بشكل عام، وهو ما دفع المدرس المسئول عن تلك الأنشطة لاختياره فى الإذاعة الداخلية بالمدرسة..

كما أوضح أن تشجيع والده له للمواظبة على القراءة ساهم فى تعظيم حبه للصحافة وحرص والده كذلك على شراء صحف ومجلات «أخبار اليوم» و«الأخبار» وآخر ساعة ومجلة الجيل، وجذبت ما تتضمنه تلك الصحف والمجلات انتباه «دويدار» وحلم أن تتاح له الفرصه مستقبلا للعمل بها.. حتى وصل الثانوية ومعها ازداد عشقه وهوايته للعمل الصحفى، وكان ذلك دافعا له للكتابة لمختلف الصحف والمجلات عارضا أن يكون مراسلا لها فى بدايته.. وأشار إلى أنه على الرغم من عدم تلقيه ردا على خطاباته.. إلا أنه واظب على الكتابة فى باب مخصص للقراء فى مجلة «الإثنين» والتى كانت تصدر عن دار الهلال.. مضيفا أن من أسعد أيام حياته كان عندما تلقى شيكا من تلك المجلة بمبلغ « جنيه» مكافأة لفوزه عن مضمون إحدى الرسائل التى كان يرسلها للمجلة.. وأوضح أن سبب سعادته لم يكن مرتبطا بمبلغ المكافأة وإنما الاعتراف بإمكانات موهبته الصحفية.

ويكشف الراحل فى ذلك الفصل بداية صلته بـ «أخبار اليوم» والتى ترجع إلى توقف القطار أثناء عودته مع رحلة مدرسية شارك فيها لمدينة أسوان وبالاستفسار عن سبب توقف القطار علم بوقوع حادث قطار آخر فأسرع لموقع الحادث حاملا كاميرته التى كانت تلازمه وبدأ فى التصوير وجمع المعلومات عن الحادث بنية التوجه بها لمقر «أخبار اليوم» فور عودته، وبعد وصوله أبلغ مسئولى الاستعلامات فى مدخل المبنى وبعد اتصال حضر له أحد الصحفيين وطلب منه أن يحكى له ما حدث وقام بتدوينه ثم أخذ منه الفيلم المصور للحادث واصطحبه لصالة التحرير وقدمه لصحفى آخر علم فيما بعد أنه سكرتير التحرير الشهير الراحل عثمان لطفى والذى صافحه وشكره.

وفى اليوم التالى وبعد عودة «دويدار» لمدينته سمنود كانت سعادته لا توصف عندما وجد كل ما يتعلق بحادث القطار منشورا فى جريدة «الأخبار» بالصور التى التقطها.. وعلى الفور أسرع بالكتابة إلى عثمان لطفى عارضا أن يكون مراسلا للأخبار موضحا أنه انتظر أياما وأسابيع دون أن يتلقى أى رد.

ويكمل أنه فى عام 1955 وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بالدراسة فى قسم الصحافة بكلية الآداب بجامعة القاهرة ليبدأ البحث عن عمل بجانب دراسته واتيحت له فرصة عن طريق صديق عائلى للعمل فى قسم الأرشيف بوكالة أنباء الشرق الأوسط.. وأثناء ذلك استطاع خاله والذى كان عمدة لإحدى قرى مركز أجا بالدقهلية على خطاب توصية من أحد أقرباء الكاتب الصحفى الكبير الراحل محمد التابعى من أجل التدريب فى صحف «أخبار اليوم»..

وذهب لمقابلته فى منزله بالزمالك وهو اللقاء الذى وصفه «دويدار» بأنه يحبس الأنفاس لأنه مع أحد قمم وأعمدة الصحافة المصرية، والذى سأله عن اهتماماته الصحفية ودراسته وطلب منه التوجه فى اليوم التالى لمقابلة عملاق آخر للصحافة وأحد صاحبى «أخبار اليوم» الأستاذ مصطفى أمين.. ولم ينم «دويدار» تلك الليلة حتى ذهب للقاء مصطفى أمين والذى سأله عن دراسته بقسم الصحافة وأسباب التحاقه به ولماذا اختار «أخبار اليوم» للتدريب؟.. فأخبره بأنه يهوى ويحلم بالعمل بالصحافة منذ أن كان فى المدرسة الابتدائية وتحديدا فى صحف «أخبار اليوم» وحكى له «دويدار» قصة حادث القطار التى نشرتها جريدة «الأخبار»..

فطلب منه أن يذهب لمقابلة الأستاذ لطفى حسونة نائب رئيس التحرير والمسئول عن أخبار الجامعات للتدريب تحت إشرافه، والذى بدوره كلفه بالعمل مندوبا لأخبار الجامعات.. ليبدأ مسيرته فى الجريدة حتى تم تعيينه رئيسا لتحرير جريدة «الأخبار» عام 1992 كما يذكر فى أحد فصول الكتاب البالغة 14 فصلا.. واستمر فى رئاسة التحرير طوال 13 عاما أكد أنه وضع خلالها نصب أعينه ما تعلمه من أساتذته وفى مقدمتهم مصطفى، أمين وجلال الحمامصى، وموسى صبرى.. مشيرا إلى أنه كان يتمسك بالالتزام الذى لمسه الجميع من مصطفى أمين صاحب ومؤسس «أخبار اليوم» والذى كان يحضر يوميا قبل التاسعة صباحا ويوقع كقدوة لكل العاملين فى الساعة الميقاتية.. ويذكر «دويدار» أنه خلال حقبة توليه رئاسة تحرير جريدة «الأخبار» كان على اتصال دائم بالرئيس الأسبق حسنى مبارك والذى كان يتابعه ويمده بالكثير من «الأخبار».. وأنه أطلق عليه لقب «البلدوزر الصحفى» من واقع كتاباته وأدائه لعمله.
يضم الكتاب أيضا العديد من المهمات الصحفية التى قام بها الكاتب الراحل وعددا من الحكايات الصحفية التى عاصرها أو كان جزءا منها.