نجيب وناصر والسادات قصة رؤساء مصر مع «الموارنة»

قصة رؤساء مصر مع الموارنة
قصة رؤساء مصر مع الموارنة

علاقات طيبة ومميزة جمعت بين الموارنة ورؤساء مصر السابقين: (نجيب وناصر والسادات)، حول تفاصيل هذه العلاقات يحدثنا جورج ضرغام الأمين العام «للمركز المارونى اللبنانى للثقافة والإعلام بالقاهرة»، فيقول: الرئيس محمد نجيب زار الكاتدرائية المارونية مرتين، أولاهما كانت فى عام 1953 مع الرئيس اللبنانى كميل شمعون، واستقبلهما المطران المارونى بطرس ديب، وحضر نجيب القداس داخل الكاتدرائية، وبعدها ذهب مع المنسينيور يوحنا طعمة ليشهد احتفال المدرسة المارونية بافتتاح أبنيتها الجديدة وألقى خطبة هناك، ومن شدة إعجابه بالمدرسة وبجودة تعليمها ألحق ابنه للدراسة بها، وآخر زيارة له كانت عام 1972 للتعزية فى وفاة المنسينيور «طعمة».

أما الرئيس عبد الناصر فقد جمعته علاقة احترام متبادل مع المنسينيور طعمة فقد سلمه ناصر كأس التفوق للمدارس المارونية فى عيد العلم، وقد حكت لى السيدة الراحلة مارى بشعلانى وكانت مقربة من طعمة أنه عندما سمع خبر نكسة يونيو 1967 أقام قداسا ليطلب من الله النصرة لمصر ودعا للرئيس عبدالناصر أن يوفقه الله وينصره على أعداء مصر، وكان دائما يذكره بـ»رائد القومية العربية»، ويعلق صورته فى مكتبه. 

وقد قابل «طعمة» الرئيس السادات (وكان عضوا فى مجلس قيادة الثورة) فى العرض الخاص بفيلم «حياة أو موت» وعرفته عليه المنتجة السينمائية آسيا داغر، وجمعت بينهما علاقات طيبة، فقد أهدى السادات إليه أثاث المطرانية الجديد، وأهداه أيضا مكتبه الخاص، وهو ما زال موجودا فى المركز الثقافى داخل المطرانية ونحتفظ به، كما استقبلت المدرسة المارونية والمطران يوسف مرعى عائلة الرئيس السادات، فقد زارتها السيدة رقية السادات وزوجها الدكتور أمين عفيفى، وكذلك السيدة سكينة السادات شقيقة الرئيس، وقد سلم الدكتور صلاح البستانى الرئيس السادات جائزة «باتشيكى» للسلام ولوحة تذكارية، ولم تتناول الصحف والإعلام تفاصيل الجائزة أو الإشارة إليها بسبب الأوضاع السياسية والأقلام اليسارية التى كانت تعارض الرئيس السادات لأسباب غير موضوعية، كما جمعت علاقات صداقة مميزة بين السادات والكثير من الرموز والقيادات المارونية أمثال الشيخ بيار الجميل، وحميد فرنجية، وريمون إده وغيرهم. 

«عــــازورى» رائـــد التحــــرّر العــــربى
 

يحكى الصحفى والإعلامى اللبنانى أنطوان سعد، عضو الهيئة الاستشارية العليا للمركز المارونى اللبنانى، ومؤلف كتاب «بقاء المسيحيين فى الشرق خيار إسلامى»، عن الدور البارز لنجيب عازورى فيقول: ما قام به نجيب عازورى خلال آخر عشرة أعوام (1906-1916) من حياته القصيرة نسبيًا فى مصر يعطى فكرة واضحة عن أهمية هذا الرجل الفكرية والسياسية، وعن قدراته التحفيزية والاستنهاضية، ولكن ربما لم يتمكّن عازورى من تحقيق ما حققه فى هذه المدة القصيرة لو لم يكن فى مصر، واحة الحرية والتحرّر والليبرالية فى العالم العربى آنذاك، ذات الإشعاع المؤثّر على مجريات الأحداث فى السلطنة العثمانية عمومًا والمشرق العربى خصوصًا، ويمكن التعرّف على جزء من كفاحه السياسى وحتى العسكرى من خلال الاطّلاع على كتاب «الطريق إلى الثورة العربية الكبرى (1906-1916) لصديقه الفرنسى أوجين يونغ، الصادر فى باريس سنة 1925، وبخاصة ترجمته الصادرة فى بيروت سنة 2017. 


غير أن نضال نجيب عازورى بدأ واستوجب حكمًا عثمانيًا بالإعدام قبل هجرته إلى مصر، فقد وُلد فى بلدة عازور القريبة من جزّين فى جنوب لبنان فى تاريخٍ غير معروف على وجه الدقّة، والأرجح أنه فى سنة 1870، أما ما هو معروف عنه فهو أنه درس فى مدارس الفرير فى بيروت، ثم تخرّج فى المدرسة السلطانية فى إسطنبول، وفى كلّية الدراسات العليا فى باريس سنة 1898، وعيّن فور تخرّجه مساعدًا لحاكم القدس كاظم بك، وفى سنة 1904 اعتزل منصبه وغادر فلسطين إلى فرنسا لخلافات مع كاظم بك، فصدر بحقه الحكم بالإعدام فى 31 يوليو 1904، «لأنه ترك موقعه من دون إذن، وذهب إلى باريس، حيث قام بأعمالٍ تهدّد كيان الدولة». 


فى العاصمة الفرنسية، أصدر فى سنة 1905 كتابه المشهور «يقظة الأمة العربية فى آسيا الصغرى»، الذى يُعتبر أقدم طرح ممنهج حمل دعوة واضحة لقيام دولة عربية مستقلة عن تركيا تضم مناطق المشرق العربي، وهرب إلى القاهرة، حيث استقرّ وتابع نشاطه التحررى، فتولّى تحرير جريدة مصر الناطقة باسم حزب مصر الفتاة وأسّس محفلًا ماسونيًا على غرار محافل الكاربونارى ذات الأهداف التحرّرية القومية وتوفى فى سنة 1916 فدفن فى القاهرة.