إنتباه

جديرون بالرثاء.. لا الغضب!

علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب

"آن للشافعى أن يمد قدمه".. تستدعى الذاكرة المقولة المشهورة عن الإمام العظيم ـ والمقامات محفوظة ـ عندما تصدمك طريقة تفكير بشر بلا حصر هذه الأيام. بالقطع لن أمد قدمى، أو حتى ألوح بأصبعى فى وجه صاحبنا، لكنى أعمل بالنصيحة الإلهية، وأعرض عن من أحسبه فى عداد الجاهلين.


 نماذج يتلبسها الغرور المقترف بجهل متكلس، مع ادعاء بلا حدود، لكن مع أول جملة تسقط الأقنعة الزائفة بتتابع يشبه ما يحدث فى لعبة الدومينو. العجيب فى أمر معظم هؤلاء تصورهم أنهم يملكون الحقيقة المطلقة.

نوع آخر، ما أن يبدأ فى تناول أى موضوع تكتشف بسهولة بالغة أنه لا يدرك الواقع على نحو صحيح، فالرؤية لديه غائمة وضبابية، لكنه جاهز من فوره لإصدار أحكام قاطعة دون أن يهتز له جفن. صنف ثالث يتسم صاحبه بتصلب ليس فى أطرافه، ولكن فى عقله، يفتقر لأى درجة من المرونة، لا يتراجع مهما كشفت له خلل منطقه، ومجانبة ما يقول للصواب، حتى لو انفض الجميع من حوله.
 أما ذلك الطاووس، فإنه بارع فى تصدير انطباع للمحيطين به، أينما حل، بأن فى جعبته بدائل لكل شىء، وإجابة لأى تساؤل، فإذا ما وضعته الظروف على المحك، كان لسقوطه دوى فظيع، لكنه لا يقلع عما اعتاده، ولا يفكر فى التوبة.


 وكله كوم، وذاك النموذج كوم وحده، أنه يفتقر لأى خيال، إلا أنه يصر دائما على تقديم سيناريوهات يتصورها مخارج لأى أزمة، بينما يلف ويدور فى حلقة مفرغة لا يخرج منها حتى يدوخ، ومع ذلك يحترف تكرار ذات الخطأ.
 أما هذا النموذج الفذ، فلا تعلم من أين تأتيه كل هذه الثقة بنفسه الممتلئة كالبالون، ثقة زائدة بلا أساس أو فهم، وكما ذاته المتضخمة لا يملؤها إلا الهواء، فإن أفكاره هشة، وأى اجتهاد لا يتجاوز حد الظنون!


 وأينما تولى وجهك، لا تحتاج لبذل أى جهد فى أن يصدموا بصرك، ثم عقلك، لكن عقولهم تعجبهم، بل يتيهون بها أمام الجميع، ويتعجبون ممن ينصرف عنهم. إنهم جديرون بالرثاء، بأكثر ما يستدعون الغضب!