إنها مصر

صرخة النجاة!

كرم جبر
كرم جبر

كُتب لمصر النجاة، لأنها حافظت على ثوابتها الراسخة، وقاد الجيش المصرى العظيم عملية إعادة تثبيت أركان الدولة، ولم يكن صدفة أن يرفع الأشرار شعار يسقط حكم العسكر، فهم يدركون تماماً أن بقاء الجيش معناه بقاء مصر واستمرارها، وانهياره - لا قدر الله - يعنى انهيار الدولة.. ورسخ الجيش قاعدة احترامه للشعب، وبادله الشعب الاحترام .

استهدفت جماعة الشر استبدال مؤسسات الدولة بكيانات بديلة، الشاطر وميليشياته وكهنة المقطم، وتلقى جهاز الشرطة أصعب الضربات، من الدعوات الكاذبة إلى هيكلته بهدف تصفيته، إلى ظهور الضباط الملتحين لأخونة الأمن، ناهيك عن التنكيل بجهاز أمن الدولة، ومحاولات محو ذاكرة الأمن، وحرق أقسام الشرطة لتوصيل رسالة للداخل والخارج بأن الدولة غير قادرة على حماية مواطنيها، ولكن خاب مسعاهم ووقفت البلاد على قدميها واستعادت قوتها.

ديمقراطية الربيع العربى كانت تهيئ لاقتتال داخلى وحروب دينية لمدة ثلاثين عاماً، مثلما حدث فى أوروبا فى القرن السابع عشر، وأدى إلى فناء ثلث سكان بعض الدول، وبعدها يجلس المنهزمون على موائد التفاوض، لاختيار النموذج الديمقراطي، على قاعدة «كلهم مهزومون»، فيقبلون رغم أنفهم الشروط والإملاءات.

ما أسموه الربيع العربى من فعل الشيطان، الذى جاء من الغرب بحثاً عن الإرهابيين شياطين الشرق، الذين هم أصلاً من صناعته، فاتحدت إرادتا الطرفين لإشعال صراع دينى دموى فى المنطقة.. ولا يعلم الغرب أن صراع الأديان فى الشرق ليس كما فى بلادهم، وتتعمق جراحه بمرور الزمن ولا تتداوى، وإراقة الدماء لم تتوقف لحظة واحدة، حتى الآن فى مستنقعات الثأر الديني.

أما الربيع المصرى فانطلقت نسائمه فى 30 يونيو، يوم خرج الشعب المصرى عن بكرة أبيه، ينقذ بلاده من بين أنياب الشيطان، واستجابت السماء لدموع الخائفين على بلدهم، وكانت إرادة الله فوق أيدى كل من أضمر لمصر شراً.. ولكن لا تزال الكهوف مليئة بالشياطين، والعقول مفخخة بأفكار إرهابية، أخطر من الديناميت والمتفجرات.

الربيع المصري، ينبع من ثقافة المصريين وحضارتهم ووعيهم ومكوناتهم الفكرية وعقيدتهم الدينية الوسطية، ويترجم المخزون الاستراتيجى للمجتمع، فى صياغة نظام حكم يلبى سلمية السلطة، ويحقق رضاء عموم المصريين.

الخروج العظيم فى 30 يونيو كان الصيحة الحاسمة لمواجهة الإرهاب والإرهابيين، وأن هذا الوطن لن يجعل مستقبله موضوعاً للمراهنات، ولا يستسلم أبداً لزيف وخداع اللوبى الناعم الذى يبرر العمليات الإرهابية بالقفز على حقوق الإنسان، ففاتورة العمليات الإرهابية سبب رئيسى فى المعاناة، وكانت السيارات المفخخة التى تقتل الأبرياء حافزاً ليصرخ الناس: ارحلوا عن وطننا، فالمصريون يزرعون الخير والحب والسلام، وأنتم صناع الموت والخراب والدمار.