أوروبا وخطر الحرب بعد فشل المباحثات بين روسيا والغرب

أوكرانيا وتأهب دائم لغزو روسى محتمل
أوكرانيا وتأهب دائم لغزو روسى محتمل

 سميحة شتا

لا يبدو أن المفاوضات المكثفة التى أجريت مؤخرا بين روسيا من جانب، وأمريكا وحلف الناتو وغرب أوروبا من جانب آخر، أحرزت التقدم المتوقع لدرء الغزو الروسى لأوكرانيا.. فالهوة لا تزال شاسعة بين المطالب الروسية والمواقف الأمريكية والأوروبية بشأن أوكرانيا وأمن أوروبا ودور الناتو تجاهها، بعد ان قدمت روسيا للولايات المتحدة قائمة مطالب قالت إنها ضرورية لتفادى احتمال نشوب صراع عسكرى واسع النطاق فى أوكرانيا.
فقد طالبت موسكو بضمانات أمنية تشمل وقفاً لتوسيع الناتو شرقاً، وتجميد دائم للتوسع الإضافى فى البنية التحتية العسكرية للتحالف من قواعد وأنظمة أسلحة وغيرها داخل الأراضى السوفياتية السابقة، وإنهاء المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا، والتعهد بعدم انضمامها للناتو، وفرض حظر على الصواريخ متوسطة المدى فى أوروبا.

 

صحيح أن واشنطن لم ترفض إلا أنها هددت بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة واتخاذ مواقف تصعيدية سياسية وعسكرية قد تعيد أجواء الحرب الباردة مرة أخرى.


وتتزايد مخاوف من قبل حلف الناتو من احتمال تجهيز روسيا لبدء توغل جديد فى أراضى أوكرانيا، على غرار ضمها لشبه جزيرة القرم فى 2014، والذى ينذر بأزمة جديدة تهدد شرق أوروبا من احتمال نشوب حرب بين موسكو التى حشدت نحو 100 ألف من قواتها على حدود أوكرانيا، والولايات المتحدة والناتو اللذين يرفضان إغلاق الباب أمام انضمام دول جديدة للحلف ووقف التوسع شرق أوروبا.


وقد تعرضت أوكرانيا لهجوم إلكترونى بعد ساعات من اختتام المحادثات دون تحقيق انفراجة بين روسيا والحلفاء الغربيين استهدف فيما يبدو المواقع الحكومية فى أوكرانيا فى نفس الوقت نشرت روسيا مزيدا من القوات. 


كما اتهمت المخابرات العسكرية الأوكرانية موسكو بالتحضير «لاستفزازات» ضد القوات الروسية المتمركزة فى المنطقة الانفصالية فى مولدوفا المجاورة، والتى يمكن استخدامها كذريعة لغزو أوكرانيا.


ورغم أن روسيا تنفى التخطيط لمهاجمة أوكرانيا، لكنها تقول إنها يمكن أن تتخذ إجراء عسكريا لم تحدده ما لم تُقبل المطالب التى قدمتها لكل من الحلف وواشنطن.. ومع ذلك تأكد روسيا أنها تأمل فى استئناف المحادثات الأمنية مع الولايات المتحدة لكن هذا يعتمد على رد واشنطن على مطالبه.. وقال وزير خارجية بولندا زبيجنيو راو ورئيس الدورة الحالية لمنظمة الأمن والتعاون أن أوروبا أقرب إلى الحرب أكثر من أى وقت آخر خلال الثلاثين عاما الماضية.

وقالت روسيا إنها وصلت إلى طريق مسدود فى الوقت الذى حاولت فيه إقناع الغرب بمنع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو والتراجع عن عقود من توسع التحالف فى أوروبا.


وقد بدأت المحادثات الأسبوع الماضى فى وقت بلغت فيه العلاقات الأمريكية الروسية أشد مراحل التوتر منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود.


وصرح الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج: «لن يكون حل خلافاتنا سهلا، لكن جلوس جميع الحلفاء فى الناتو وروسيا على نفس الطاولة وانخراطهم فى الحوار علامة إيجابية واكد أن الحلف قد يلجأ لنشر قوات إضافية فى الدول الأعضاء به بشرق أوروبا فى حال استخدمت روسيا القوة ضد أوكرانيا. 


وتضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها فى الناتو والاتحاد الأوروبى على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للتخلى عن أى غزو إضافى لأوكرانيا.


وترفض الولايات المتحدة والحلف جزءا كبيرا من المقترحات الروسية، لكن بوتين حذر من رد «عسكرى تقني» غير محدد إذا لم يوافق الغرب على مطالب روسيا، وكانت روسيا قد حشدت نحو 100 ألف جندى قرب الحدود مع أوكرانيا استعدادا لما تقول واشنطن وكييف أنه غزو محتمل.

 

وقبل المحادثات أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر جروشكو أنه «إذا انتقل الناتو إلى سياسة الردع، فهذا يعنى أنه ستكون هناك سياسة الردع المضاد من جانبنا».. وقالت ويندى شيرمان نائب وزير الخارجية الأمريكى أن روسيا أمامها أحد خيارين اما الدبلوماسية أو المواجهة مشددة فى الوقت ذاته على أن الحلفاء مستعدون لكل الاحتمالات ويتشاورون بشأن حزمة عقوبات تلحق ضررا هائلا بالاقتصاد الروسى بينها خط الغاز «نورد ستريم ٢».


وكشفت واشنطن عن خطط عقوبات ستفرضها على روسيا اذا قامت بغزو أوكرانيا.. وتشمل عزل المؤسسات المالية الروسية الكبرى عن المعاملات العالمية، وحظر استخدام التكنولوجيا الأميركية الصنع أو المصمَمة فى أميركا لخدمة الصناعات الدفاعية والاستهلاكية الروسية، وتسليح أوكرانيا بأحدث أنظمة الدفاع الغربية. 

اقرأ ايضا | «أمريكا» تهدد موسكو بعواقب كارثية.. وروسيا تستعد لكل الاحتمالات