«الدرونز».. أحدث مراحل الصراع فى الحرب الإثيوبية

حمَّلت لجنة نوبل النرويجية آبى أحمد مسئولية إنهاء القتال فى إثيوبيا
حمَّلت لجنة نوبل النرويجية آبى أحمد مسئولية إنهاء القتال فى إثيوبيا

مروى حسن حسين

يبدو المشهد الإثيوبى مرشحًا للمزيد من التأزم خلال الفترة المقبلة فى ضوء الحالة السياسية الحالية بين أطراف الصراع ما لم يتم التوافق على تسوية شاملة تنهى الصراع الدائر منذ أكثر من 13 شهرًا بشكل نهائى.
مرَّ الصراع الإثيوبى بمراحل عدة منذ اندلاعه فى نوفمبر 2020. فبالرغم من استعادة قوات دفاع تيجراى السيطرة على إقليم تيجراى وتحقيق انتصارات عديدة منذ يونيو الماضى، إلا أن ثمة تغيرًا استراتيجيًا طرأ على ساحة القتال، حيث اتخذت الحرب الإثيوبية مسارًا جديدًا بعد شن القوات الحكومية والمليشيات المتحالفة معها هجومًا مضادًا أسهم فى استعادة عدد من المدن التى كانت تسيطر عليها قوات دفاع تيجراى فى منطقتى أمهرة وعفر.

مما أدى إلى تعطل تقدم قوات تيجراى نحو العاصمة أديس أبابا والتى كانت على بعد 130 كيلومترا منها، بالرغم من تأكيد قادة تيجراى أن قوات دفاع تيجراى قد انسحبت طواعية دون قتال فى إطار استراتيجية عسكرية جديدة لها فى الحرب الدائرة.


ويفسر التحول الاستراتيجى فى الحرب الإثيوبية بإعلان قوات تيجراى انسحابها والعودة إلى قواعدها فى إقليم تيجراى التأثير القوى والفتاك المتزايد لدور الطائرات من دون طيار (الدرونز) التى استخدمها الجيش فى صراع أدى إلى زعزعة استقرار ثانى أكبر دولة فى إفريقيا من حيث عدد السكان.

والتى شَكَّلَت عاملًا حاسمًا فى تحول دفة الحرب الدائرة فى البلاد، حيث استطاع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، بالتزامن مع عملية الحشد والتعبئة لساحات المعركة، أن يعزز تحركاته الخارجية مع بعض الأطراف الإقليمية والدولية من أجل الحصول على السلاح لتغيير المعادلة العسكرية على الأرض.

وحصل على شحنات من طائرات الدرونز من إيران وتركيا والصين وغيرها التى نجحت فى إيقاف تقدم قوات دفاع تيجراى واستهداف عناصرها وقوافل الإمداد الخاصة بها فى مناطق تمركزها فى كل من عفر وأمهرة.

فقد تسلمت أديس أبابا صفقة الطائرات التركية (بيرقدار) بقيمة 95 مليون دولار خلال العام الجاري، بموجب اتفاق وُقع بين البلدين فى أغسطس الماضى، وإن زعمت أنقرة مؤخرًا تجميد صادراتها التسليحية لأديس أبابا خوفًا من الضغوط الدولية المتزامنة مع تفاقم الصراع الدائر فى البلاد خلال الأشهر الماضية، وهى التى تسعى إلى توسيع مبيعاتها العسكرية فى القرن الإفريقي، كما أنها تنظر إلى إثيوبيا كحليف يمكن توظيفه ضد بعض الأطراف الإقليمية فى المنطقة.


أدانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية الغارة الجوية الأخيرة التى شنتها الحكومة الإثيوبية بالطائرات المسيرة بدون طيار على إقليم تيجراي، ما تسبب فى مقتل 19 مدنياً معظمهم من النساء إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى، محذرة من تفاقم الأزمة الإنسانية فى الإقليم، مشيرة إلى أن الغارة الأخيرة جاءت بعد أيام من مقتل أكثر من 50 مواطنًا، من بينهم أطفال، فى غارة على مخيم للاجئين بشمال البلاد أواخر الأسبوع الماضي.


قال متحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، «قُتل ما لا يقل عن 108 مدنيين وأصيب 75 آخرون منذ بداية العام نتيجة الضربات الجوية التى نفذتها القوات الجوية الإثيوبية».


فى نقد نادر لحائز سابق على جائزة نوبل، حملت لجنة نوبل النرويجية آبى مسؤولية خاصة لإنهاء القتال الذى اندلع فى أواخر عام 2020. وناشدت آبى، الذى فاز بالجائزة فى عام 2019، وقف الصراع الدائر فى منطقة تيجراى. تمتنع اللجنة بشكل عام عن التعليق على تصرفات الفائزين بجائزة نوبل بعد فوزهم بالجائزة. وكان آبى استثناء، حيث أعربت اللجنة فى السابق عن «قلقها العميق» بشأن الصراع.


 يأتى الهجوم الأخير بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن عن مخاوفه لاستمرار العنف المرتكب من قبل الحكومة الإثيوبية فى إقليم تيجراى، وذلك فى اتصال هاتفى مع رئيس الحكومة الإثيوبية، حيث دعت واشنطن أديس أبابا إلى تسريع وقف إطلاق النار عن طريق التفاوض وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد. وأفاد تقرير لموقع لوجورنال دو أفريك انه من المحتمل الاقتراب من صراع عسكرى بين الولايات المتحدة وإثيوبيا.

وتساءل التقرير، هل يستطيع بايدن إعلان الحرب على آبى أحمد خارج تحالف دولي؟ لكنه استدرك، قائلًا: «إن الأشهر القليلة المقبلة ستكشف ذلك. ويرى التقرير أن إثيوبيا الآن فى مرمى نيران الولايات المتحدة، بسبب خلاف بينهما حول عدد من القضايا الاقليمية، كما تمثل إثيوبيا شوكة فى خاصرة واشنطن فى القرن الأفريقي.
منذ أغسطس 2021 واصلت الطائرات الإيرانية رحلاتها لأديس أبابا بهدف توريد الطائرات من دون طيار للمشاركة فى الحرب الإثيوبية.

وهو ما دفع واشنطن إلى مطالبة آبى أحمد بإيقاف تلك الرحلات بسبب تورط فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى فى هذه العملية، الأمر الذى أدى إلى تصاعد التوتر بين واشنطن وأديس أبابا خلال الفترة الأخيرة.

كما عكست زيارة وزير الخارجية الصينى وانج يى إلى إثيوبيا فى أوائل نوفمبر الماضى الدعم الصينى للنظام الحاكم فى أديس أبابا سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، وهو ما يعزز التقارير التى تفيد بإمداد بكين لأديس أبابا بشحنات من الطائرات من دون طيار.


تأتى حرب الطائرات بدون طيار على خلفية أزمة إنسانية متصاعدة، حيث تقول الأمم المتحدة إن 9.4 مليون شخص على الأقل فى شمال إثيوبيا بحاجة ماسة إلى المساعدة، لكن الحصار الحكومى منع وصول الإمدادات الحيوية من الغذاء والدواء إلى تيجراي.

أدت الاشتباكات العنيفة بين القوات الموالية للحكومة الفيدرالية فى أديس أبابا والمقاتلين مع جبهة تحرير شعب تيجراى إلى عدم وصول قوافل برنامج الأغذية العالمى إلى ميكيلى منذ منتصف ديسمبر. وقالت الوكالة فى بيان إن مخزون المواد الغذائية المدعمة بالتغذية لعلاج الأطفال والنساء الذين يعانون من سوء التغذية قد نفد الآن. وقالت إن الوقود اللازم لتوصيل آخر الإمدادات الغذائية الأساسية ينفد بشدة.

اقرأ ايضا | لجنة نوبل النروجية تحمل آبي أحمد مسؤولية خاصة لإنهاء النزاع في تيجراي