إنها مصر

الجهاد الروحى

كرم جبر
كرم جبر

أين النظرة الشفافة للذات المسلمة الحقة، من الذين فتحوا بابا لدعاوى الإرهاب وفتاوى الشر المستطير، الذى أصبح مرتكزا عقائديا لجماعات العنف والذين استباحوا سمعة الناس وأعراضهم، والذين يبثون الشائعات والاغتيال المعنوى للآخرين؟
وكأنهم اختزلوا الإسلام بروحه وقيمه ومبادئه، فى سلطة تُقتنص وحكم يُعتلى وسلطان تهون فى سبيله الأرواح وترخص الدماء، أو فى أفعال يحرمها الإسلام ويدين من يرتكبها.
أين الذات المسلمة الشفافة من أدبياتهم السوداء، بعد أن صنعوا فسطاطين: فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، وانطلق الأشرار يعيثون فى الأوطان تخريبا ودماء وأشلاء، بعد أن ساقوا بعض شباب الأمة إلى العداوة والبغضاء، متصورين كذبا أن ما يفعلونه هو الإيمان؟
انقلبت الرؤية الشفافة للذات المسلمة من النقيض إلى النقيض، فخيّل للأشرار أن الإسلام برحمته قد انزوى فى شهوة الاستئثار بالسلطة والقفز على الحكم، فأمسى حبيس لعبة السياسة والمناورات والألاعيب.
ولو أن هذه النظرة الشفافة امتزجت بصورة الإسلام الحقيقية فى عصورنا الراهنة، ما وجدت مسلما إلا وتسكن فيه الرحمة ويصفح الصفح الجميل، ويرتفع فوق الكراهية وسواد الحقد، فلا يرى إلا جمال الحق والقيم العليا، دون عنف مقيت، فلا تراق دماء أو تتمزق أشلاء أو تقطع رؤوس.
مبادئ إسلامية لها فعل السحر فى النفوس الظامئة إلى الحق، والتواقة إلى الأمن والعدل، وبلسما لكثير من أوجاع العصر وشكاياته، لترقى الذات المسلمة من حال وجدانية نازلة، إلى حال أخرى صاعدة أكثر رفعة وبهاء، فتصبح الكائنات كلها لدى تلك الذات، نابضة بإكسير الحياة والجمال والحب والروح والسكينة.
لم يطرأ على الذوات المتحجرة لأهل الشر مقدار الجرم الذى جنوه فى حق الإسلام، وماذا تكون الصورة التى انطبعت فى ذاكرة أطفال العالم عن الإسلام الذى يدعون رفع رايته؟، فانطلقت تلك المنظمات الإرهابية تهتف زورا وبُهتانا باسم الإسلام، وتعيث فى الأرض تقتيلا وقطعا للأعناق وبترا للرقاب.
ألا يدرك هؤلاء أن الجهاد الروحى يجب أن يمضى فى اتجاه مختلف لتحفيز الإنسانية لتوفر للجائعين والعراة والمرضى لقمة العيش وجرعة الدواء، والخلاص من الأنانية الفردية المقيتة التى أثمرتها الحضارات المادية؟
الوعى الذى كان بلسما يداوى الجراح، ويهدى الحائر ويعلى شأن الانسان والاوطان، وتعرض لهجوم غادر من جماعات تغييب الوعي، ليحتلوا منصات العقول ويلوثوا صفاء القلوب.