لعبــة المصـالـح

إيهاب فتحى
إيهاب فتحى

‭..‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬سؤال‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬أين‭ ‬تقع‭ ‬مدينة‭ ‬ألماتى؟‭ ‬ففى‭ ‬الأغلب‭ ‬لن‭ ‬يجيب‭ ‬الكثيرون‭ ‬الإجابة‭ ‬الصحيحة‭ ‬لأن‭ ‬ألماتى‭ ‬عاصمة‭ ‬لدولة‭ ‬كازاخستان‭ ‬المسلمة‭ ‬والمسالمة‭ ‬وهى‭ ‬بلد‭ ‬غنى‭ ‬وهادئ‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬أخباره‭ ‬بكثافة‭ ‬فى‭ ‬نشرات‭ ‬الأخبار‭ ‬التى‭ ‬تبرز‭ ‬فقط‭ ‬الأخبار‭ ‬المأساوية‭. ‬

تغير‭ ‬الحال‭ ‬وأصبحت‭ ‬أخبار‭ ‬كازاخستان‭ ‬وعاصمتها‭ ‬يتصدران‭ ‬كافة‭ ‬النشرات‭ ‬الإخبارية‭ ‬فى‭ ‬المحطات‭ ‬الفضائية‭ ‬الدولية‭ ‬والمحلية،‭ ‬استيقظ‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أحداث‭ ‬عنف‭ ‬شرسة‭ ‬اندلعت‭ ‬فى‭ ‬أنحاء‭ ‬متفرقة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الهادئ‭ ‬ومشاهد‭ ‬مروعة‭ ‬لقطع‭ ‬السلاح‭ ‬توزع‭ ‬علنًا‭ ‬فى‭ ‬شواع‭ ‬المدن‭ ‬الكازاخية‭ ‬وفوضى‭ ‬ممنهجة‭ ‬تنتقل‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬ركن‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬وحرائق‭ ‬مشتعلة‭ ‬تلتهم‭ ‬منشآت‭ ‬تمتلكها‭ ‬الدولة‭ ‬هناك‭ ‬وأنفقت‭ ‬عليها‭ ‬المليارات‭ ‬ومقتل‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬القانون‭.‬

كأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬ساعة‭ ‬الصفر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬حملات‭ ‬الدعاية‭ ‬المنظمة،‭ ‬فهذه‭ ‬المشاهد‭ ‬المروعة‭ ‬والتخريب‭ ‬المتعمد‭ ‬والقتل‭ ‬فى‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭ ‬تحولت‭ ‬عند‭ ‬ماكينات‭ ‬الدعاية‭ ‬المنتظرة‭ ‬انطلاق‭ ‬وحش‭ ‬الفوضى‭ ‬إلى‭ ‬قوالب‭ ‬دعائية‭ ‬جاهزة‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬المسالم‭ ‬خرج‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬ويريد‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬باسم‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬المزعومتان‭ ‬ترتكب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬وتتخفى‭ ‬وراءهما‭ ‬اللعبة‭ ‬الأخطر‭ ‬لعبة‭ ‬المصالح‭ ‬التى‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشعوب‭. ‬

تذكرك‭ ‬الرائحة‭ ‬الخبيثة‭ ‬التى‭ ‬تتصاعد‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الحملات‭ ‬الدعائية‭ ‬السوداء‭ ‬بأحداث‭ ‬مماثلة‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬،‭ ‬يصدق‭ ‬بعض‭ ‬المخدوعين‭ ‬هذه‭ ‬الدعاية‭ ‬فينجرفون‭ ‬وراءها‭ ‬ويزين‭ ‬لهم‭ ‬أهل‭ ‬الشر‭ ‬من‭ ‬بنى‭ ‬جلدتهم‭ ‬أفعالهم‭ ‬وتكون‭ ‬النهاية‭ ‬الخراب‭ ‬والقتل‭ ‬والدماء‭ ‬وتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬التى‭ ‬تلاعبت‭ ‬بالمخدوعين‭ ‬وأدارت‭ ‬عملاءها‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الشر‭. ‬

يبدو‭ ‬فى‭ ‬الحالة‭ ‬الكازاخية‭ ‬أن‭ ‬الطاهى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يجهز‭ ‬وجبة‭ ‬الدمار‭ ‬لهذا‭ ‬الشعب‭ ‬المسالم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحه‭ ‬فقد‭ ‬مهارته‭ ‬بسبب‭ ‬أزماته‭ ‬الداخلية‭ ‬المستعصية‭ ‬على‭ ‬الحل‭ ‬أو‭ ‬أصابه‭ ‬داء‭ ‬الهرولة‭ ‬نتيجة‭ ‬لخوفه‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬خصومه،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الجائز‭ ‬أن‭ ‬نجاحاته‭ ‬السابقة‭ ‬ولدت‭ ‬عنده‭ ‬غرور‭ ‬تحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬دون‭ ‬إتقان‭ ‬فعله‭ ‬الشرير‭ ‬فانكشف‭ ‬سريعًا‭.‬

انكشف‭ ‬الطاهى‭ ‬الأمريكى‭ ‬بجلاء‭ ‬للجميع‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬هذا‭ ‬الانكشاف‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الفضيحة‭ ‬وهو‭ ‬يعلن‭ ‬فى‭ ‬سذاجة‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬مسئول‭ ‬عن‭ ‬مايحدث‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬الثورة‭ ‬الكاذبة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المسالم‭ ..‬وهل‭ ‬اتهم‭ ‬أحد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬الدامية؟‭ ‬إنه‭ ‬نفى‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬كاد‭ ‬المريب‭ ‬يقول‭ ‬خذونى‭. ‬

بين‭ ‬اندلاع‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬الدموية‭ ‬فى‭ ‬البلد‭ ‬المسالم‭ ‬وفضيحة‭ ‬‮«‬المريب‭ ‬‮«‬‭ ‬تكمن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬التى‭ ‬صنعت‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬الدامى‭ ‬وحركت‭ ‬المريب‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الهادئة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬كانت‭. ‬تعتبر‭ ‬كازاخستان‭ ‬بلدًا‭ ‬غير‭ ‬عادى‭ ‬فى‭ ‬موقعه‭ ‬وموارده‭ ‬وإمكانياته،‭ ‬تقع‭ ‬كازاخستان‭ ‬فى‭ ‬مثلث‭ ‬الرعب‭ ‬الدولى‭ ‬فهى‭ ‬جغرافيًا‭ ‬تقع‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المصلحة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬فهى‭ ‬هدف‭ ‬أمريكى‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭. ‬

تثير‭ ‬موارد‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬لعاب‭ ‬أى‭ ‬قوى‭ ‬استعمارية‭ ‬فهى‭ ‬التاسعة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المساحة‭ ‬لتصل‭ ‬مساحتها‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬7‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع‭ ‬ويحتل‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الشاسعة‭ ‬18‭ ‬مليونا‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬وأراضيها‭ ‬غنية‭ ‬بالنفط‭ ‬والغاز‭ ‬والمنتج‭ ‬الأول‭ ‬لليورانيوم‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬مناطق‭ ‬هائلة‭ ‬قابلة‭ ‬للزراعة‭ ‬مع‭ ‬توفر‭ ‬المياه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬الاستهداف‭ ‬فقط‭ ‬بسببها‭ ‬ولكن‭ ‬موقعها‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بخصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬يجعل‭ ‬انهيار‭ ‬الدولة‭ ‬بها‭ ‬ودخولها‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬ووصول‭ ‬موالين‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭  ‬لواشنطن‭ ‬يجعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الجار‭ ‬الثالث‭ ‬لخصميها‭ ‬اللدودين‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭. ‬

فى‭ ‬أواخر‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضى‭ ‬مع‭ ‬استشعار‭ ‬كازاخستان‭ ‬بالخطر‭ ‬الأمريكى‭ ‬بسبب‭ ‬الصراع‭ ‬المشتعل‭ ‬بين‭ ‬جارتها‭ ‬موسكو‭ ‬وواشنطن‭ ‬المتحفزة‭ ‬بسبب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وقعت‭ ‬كازاخستان‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬جعلت‭ ‬واشنطن‭ ‬تدرك‭ ‬أنه‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لاستخدام‭ ‬ألعاب‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬المزعومة‭ ‬لأن‭ ‬بهذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تفلت‭ ‬منها‭ ‬الجائزة‭ ‬الثمينة،‭ ‬فبنود‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬انضمام‭ ‬كازاخستان‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬الغربى‭ ‬أو‭ ‬إقامة‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬وهو‭ ‬الطلب‭ ‬الذى‭ ‬تلح‭ ‬عليه‭ ‬واشنطن‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬ولكن‭ ‬كازاخستان‭ ‬اكتفت‭ ‬بإعطاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬تقدر‭ ‬بـ‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬فى‭ ‬مجالى‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬لتتقى‭ ‬شرها،‭ ‬وأخيرا‭ ‬تعاون‭ ‬كامل‭ ‬بين‭ ‬جهازى‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الروسى‭ ‬والكازاخى‭. ‬

انطلقت‭ ‬ماكينات‭ ‬الدعاية‭ ‬السوداء‭ ‬تطلق‭ ‬سمومها‭ ‬حول‭ ‬ماتتخذه‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬وصدق‭ ‬بعض‭ ‬المخدوعين‭ ‬دعاوى‭ ‬الفوضى‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬بلد‭ ‬لايعانى‭ ‬مشاكل‭ ‬ضخمة‭ ‬وبهذه‭ ‬الموارد‭ ‬والمساحة‭ ‬لايكفى‭ ‬فقط‭ ‬تحرك‭ ‬المخدوعين‭ ‬لإحداث‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬الدموى‭ ‬فى‭ ‬بلد‭ ‬مسالم‭ ‬فكان‭ ‬يجب‭ ‬الاستعانة‭ ‬بخبراء‭ ‬وعملاء‭ ‬الشر‭ ‬والبنادق‭ ‬العارضة‭ ‬نفسها‭ ‬للإيجار‭ ‬لمن‭ ‬يدفع‭ ‬ولا‭ ‬تتوفر‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬إلا‭ ‬فى‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬ومن‭ ‬تديرهم‭ ‬من‭ ‬العصابات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المسلحة‭ ‬وهم‭ ‬فى‭ ‬خدمة‭ ‬السيد‭ ‬الأمريكى‭ ‬بأى‭ ‬وقت‭.‬

بدأت‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬تحشد‭ ‬العناصر‭ ‬الإرهابية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان‭ ‬بإشراف‭ ‬السيد‭ ‬الأمريكى‭ ‬بنفس‭ ‬قواعد‭ ‬المأساة‭ ‬‭ ‬السورية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناصرة‭ ‬الثورة‭ ‬الكاذبة‭ ‬المزعومة،‭ ‬أما‭ ‬كيف‭ ‬وصلوا‭ ‬بهذه‭ ‬الأعداد‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬كازاخستان‭ ‬المسالمة‭ ‬؟‭ ‬فهنا‭ ‬يأتى‭ ‬دور‭ ‬الخيانة‭ ‬فهل‭ ‬هى‭ ‬مصادفة‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬الهجوم‭ ‬الإرهابى‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬التى‭ ‬تتواجد‭ ‬بها‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التى‭ ‬تدير‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬والغاز؟‭ ‬عندما‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬لعبة‭ ‬المصالح‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬المصادفات‭. ‬

لا‭ ‬تتوقف‭ ‬الخيانة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أجنبى‭ ‬فتح‭ ‬الأبواب‭ ‬للإرهابيين‭ ‬ولكن‭ ‬تمتد‭ ‬الخيانة‭ ‬بأدواتها‭ ‬المعروفة‭ ‬ويديرها‭ ‬جيدا‭ ‬سادة‭ ‬الغرب،‭ ‬فستجد‭ ‬نفس‭ ‬النماذج‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬ينتمون‭ ‬لبلادهم‭ ‬اسمًا‭ ‬فقط‭ ‬ويقيمون‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭ ‬ويتحدثون‭ ‬باسم‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬المزعومة‭ ‬ويستخدمون‭ ‬وسائط‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬ليزيدون‭ ‬من‭ ‬خداع‭ ‬المخدوعين‭ ‬ويوجهون‭ ‬الإرهابيين‭ ‬إلى‭ ‬النقاط‭ ‬المؤثرة‭ ‬فى‭ ‬بلادهم‭ ‬لخبرتهم‭ ‬بها،‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرتزقة‭ ‬نسخ‭ ‬متكررة‭ ‬ستجدهم‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬خراب‭ ‬يقع‭ ‬فى‭ ‬بلد‭ ‬آمن‭ ‬مستقر‭. ‬

حتى‭ ‬تكتمل‭ ‬فصول‭ ‬الخيانة‭ ‬فقد‭ ‬وصلت‭ ‬قوة‭ ‬الدولار‭ ‬لشراء‭ ‬أحد‭ ‬المسئولين‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬لتسهيل‭ ‬مهمة‭ ‬الخراب‭ ‬وللأسف‭ ‬كانت‭ ‬وظيفته‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬وعندما‭ ‬فشلت‭ ‬المؤامرة‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭.‬

نعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لسؤال‭ ‬المصادفات‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬مصادفة‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬تسربت‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬وسائط‭ ‬السوشيال‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المرتزقة‭ ‬يشعلون‭ ‬الفوضى‭ ‬صور‭ ‬لهذا‭ ‬المسئول‭ ‬الكازاخستانى‭ ‬الخائن‭ ‬تجمعه‭ ‬بالرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬جون‭ ‬بايدن‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬الرئيس‭ ‬بل‭ ‬بابن‭ ‬الرئيس‭ ‬هانتر‭ ‬بايدن؟‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬المسرب‭ ‬بالصور‭ ‬بل‭ ‬سرب‭ ‬إيميلات‭ ‬بين‭ ‬الخائن‭ ‬وهانتر‭ ‬بايدن‭ ‬تكشف‭ ‬حجم‭ ‬المصالح‭ ‬والصداقة‭ ‬بين‭ ‬الاثنين،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬لايرعى‭ ‬ابن‭ ‬الرئيس‭ ‬مصالح‭ ‬العائلة‭ ‬الرئاسية‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬يرعى‭ ‬مصالح‭ ‬العائلة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬رأسمالية‭ ‬لها‭ ‬مصالح‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬وتخدم‭ ‬سياسات‭ ‬واشنطن‭. ‬

كما‭ ‬هى‭ ‬الإجابة‭ ‬فى‭ ‬لعبة‭ ‬المصالح‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مصادفات‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التسريب‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالا‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬المسرب‭ ‬رجل‭ ‬يطمح‭ ‬الآن‭ ‬فى‭ ‬العودة‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬واتهم‭ ‬بايدن‭ ‬وابنه‭ ‬بالفساد‭ ‬سابقًا‭ ‬أم‭ ‬المسرب‭ ‬أحد‭ ‬الخصوم‭  ‬المعتادين‭ ‬من‭ ‬روس‭ ‬وصينيين‭ ‬؟‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الخصوم‭ ‬المعتادون‭ ‬فهذا‭ ‬الطبيعى‭ ‬أما‭ ‬لوكان‭ ‬الرجل‭ ‬الطامح‭ ‬فى‭ ‬العودة‭ ‬فهنا‭ ‬نكتشف‭ ‬حجم‭ ‬الانهيار‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكى‭ ‬وجدية‭ ‬التحذيرات‭ ‬التى‭ ‬يطلقها‭ ‬السياسيون‭ ‬والعسكريون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الانتحابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬القادمة‭ ‬هى‭ ‬شرارة‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬أمريكية‭ ‬جديدة‭ ‬ستندلع‭ ‬بين‭ ‬التيارين‭ ‬المتناحرين‭ ‬الآن‭ ‬بعنف‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

بالتأكيد‭ ‬لم‭ ‬تدبر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لصناعة‭ ‬الفوضى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الفوضى‭ ‬كما‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الفن،‭ ‬لكن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مصالح‭ ‬استراتيجية‭ ‬هامة‭ ‬وملحة‭ ‬تحرك‭ ‬واشنطن‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الدعاية‭ ‬السخيفة‭ ‬حول‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬المزعومة‭ ‬فوصول‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬موالى‭ ‬للعم‭ ‬سام‭ ‬إلى‭ ‬العاصمة‭ ‬‮«‬ألماتى‮»‬‭ ‬وفى‭ ‬الأغلب‭ ‬ستظهر‭ ‬فيه‭ ‬الرؤوس‭ ‬الشيطانية‭ ‬للفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬يحقق‭ ‬لها‭ ‬أغراضا‭ ‬كبرى‭.‬

يعنى‭ ‬هذا‭ ‬الوصول‭ ‬خنق‭ ‬التجارة‭ ‬الصينية‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬مشروع‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬الذى‭ ‬تمثل‭ ‬فيه‭ ‬كازاخستان‭ ‬نقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬رئيسية‭ ‬مما‭ ‬يكبد‭ ‬الصين‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬أو‭ ‬ينهار‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬المشروع‭. ‬

تتشارك‭ ‬كازاخستان‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬حدود‭ ‬مشتركة‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬إقليم‭ ‬شينجايج‭ ‬المتواجد‭ ‬به‭ ‬الأيجور‭ ‬المسلمين‭ ‬والذى‭ ‬تسعى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬لإشعال‭ ‬الفتنة‭ ‬فى‭ ‬الأقليم‭  ‬وفصله‭ ‬عن‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحملات‭ ‬الدعائية‭ ‬الممنهجة‭ ‬والتى‭ ‬يتولاها‭ ‬الفاشيست‭ ‬الإخوان‭ ‬وإصدار‭ ‬القوانين‭ ‬التى‭ ‬تمنع‭ ‬شراء‭ ‬أى‭ ‬منتجات‭ ‬صنعت‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقف‭ ‬الصعود‭ ‬الصينى‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬يمثل‭ ‬البوابة‭ ‬البرية‭ ‬الرئيسية‭ ‬لمشروع‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭.‬

بالنسبة‭ ‬لخصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬الروس‭ ‬فتواجدها‭ ‬بكازاخستان‭ ‬يمثل‭ ‬لهم‭ ‬كارثة‭ ‬كبرى‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬وفى‭ ‬ظل‭ ‬حدود‭ ‬مشتركة‭ ‬تتجاوز‭ ‬الـ‭ ‬7‭  ‬آلاف‭ ‬كيلومتر‭ ‬وستجد‭ ‬روسيا‭ ‬نفسها‭ ‬بين‭ ‬طالبان‭ ‬فى‭ ‬أفغانستان‭ ‬وماحدث‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬حليفتها‭ ‬بيلا‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬أفعال‭ ‬مماثلة‭ ‬مما‭ ‬يعنى‭ ‬حصار‭ ‬شامل‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬الروس‭ ‬والأخطر‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬الفضائى‭ ‬الروسى‭ ‬بالكامل‭ ‬متواجد‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬كازاخستان‭ ‬منذ‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬وهى‭ ‬من‭ ‬تديره‭ ‬مما‭ ‬يعنى‭ ‬فقد‭ ‬روسيا‭ ‬لنفوذها‭ ‬فى‭ ‬الفضاء‭ ‬والأرض‭. ‬

كأن‭ ‬الروس‭ ‬توقعوا‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬فتجمعهم‭ ‬بكازاخستان‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬جمهوريات‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬السابق‭ ‬معاهدة‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعى‭ ‬مماسمح‭ ‬لكازاخستان‭ ‬بطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬العنف‭ ‬المسلح‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬ولم‭ ‬تمض‭ ‬ساعات‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬الخاصة‭ ‬إلى‭ ‬كازاخستان‭ ‬لأن‭ ‬سقوط‭ ‬‮«‬‭ ‬ألماتى‭ ‬‮«‬‭ ‬يعنى‭ ‬بداية‭ ‬النهاية‭ ‬لروسيا‭. ‬

سواء‭ ‬الأمريكان‭ ‬أو‭ ‬الروس‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬كازاخستان‭ ‬تواجدًا‭ ‬أجنبيًا‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬التنين‭ ‬الصينى‭ ‬الذى‭ ‬يراقب‭ ‬بدقة‭ ‬كل‭ ‬مايحدث‭ ‬منتظرًا‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬فرصة‭ ‬لتأمين‭ ‬مصالحه‭ ‬لو‭ ‬فشل‭ ‬الروس‭. ‬

عندما‭ ‬تتابع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬وتدمير‭ ‬وتواجد‭ ‬أجنبى‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المسالم‭ ‬تجد‭ ‬بدايته‭ ‬فى‭ ‬شرارة‭ ‬الفوضى‭ ‬التى‭ ‬عمت‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬كازاخستان‭ ‬باسم‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬المزعومة‭ ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬حقيقتها‭ ‬تخفى‭ ‬وراءها‭ ‬لعبة‭ ‬المصالح‭. ‬