لفت نظر

جمال الشناوي يكتب.. هل القوة فى أن تكون شريفا ؟

الكاتب الصحفي جمال الشناوي
الكاتب الصحفي جمال الشناوي

أخطر مجرم فى أعين الإنسانية ..هو من يرى نفسه افضل اخلاقا من الآخرين

الجملة السابقة كتبها روائى روسى عظيم تخصص فى تشريح النفس البشرية ..فهو ايضا ينصحنا بإجبار الحياة على الإستجابة لما نريد ..فيقول مكسيم جوركى "أعلم اننى لست عملاقا ..لكنى إنسان شريف "

هل القوة فى الشرف ؟ وليست فى الثروة والنفوذ والسلطة ..الإجابة بكل تأكيد هى تكمن فى قناعات كل إنسان ..الشريف هو الواثق الذى يمنح نفسه حقوقها فقط ..ولا يبدع فى سرقة غيره .

فى الصين شاهدت بعينى كيف فرضت الدولة  الشرف على جميع مواطنيها ..فى " قارة" الصين .. لا يجرؤ أحد على اختراق القانون ..مهما كان موقعه فى الدولة  والحزب ..الصين التى إختارت لنفسها "الشيوعية المرنه" استطاعت أن تقترب من المنافسة على حكم العالم ..وإزاحه دول باتت قديمة من الهيمنه .

فى الصين لا يستطيع مواطنا أو زائرا، أن يستهين حتى بإشارة مر ور.. وروى لى مرافقا شابا، أن عدم احترام القانون.. هو اعتداء على حق كل الشعب.. وروى أن سائقا صينيا قام بالإصطدام بسيارة حاول قائدها "كسر" اشارة المرور.. حتى تأتى الشرطة وتعاقب السائق الذى إعتدى على حق الآخرين .

الصينيون إستطاعو عبور سنوات الفقر والعيش على حافة المجاعة، فقط بأخلاق يصوب شططها قانون صارم.. وعقوبات قد تبدو قاسية.. حتى خرجت أجيال جديدة تقدس النظام الذى فرضته الدولة والحزب .

ما كانت تعيش فيه الصين من تكاسل، والجنوح إلى التغييب الإنسانى الذى فرضته القيم الشيوعية العتيقه.. يتشابه كثيرا مما نعيشه الآن فى بلادنا .

لم يكن الرئيس السيسي مبالغا.. وهو يقول أنه "يرى العجب" وهو يدير الدولة.. فما يصله من معلومات بالتأكيد تسقط أوراق التوت عن سلوك غير صحيح للكثيرين .

الوضوح الذى يجنح إليه الرئيس فى ادارة شئون الدولة يراه البعض قاسيا أحيانا ، لكن  من واقع الحياة فالرئيس السيسي يمتلك شجاعة كافية  لقراءة الواقع دون رتوش .. ولديه من الشرف ما يمنحه قوة يستطيع بها، طرح كل الواقع بلا تجميل أو تزييف .

نعم لو وقفنا قليلا أمام الذات، نراجع ما نقوم به سنجد العجب، نتيجه أمراض اجتماعية تسللت إلى مجتمعنا فى العقود الأخيرة.. فنحن من نظام كان يقدس الإشتراكية، التى تعنى التواكل وقتل الإبداع الشخصى للإنسان، إلى صدمة الإنفتاح التام دون أفكار خاصة بنا تقود بلادنا إلى نهضة.. وعلت فيه قيم الفهلوة والإرتزاق .

أعراض الإنفتاح المشوه ، صاحبها تسلل لبعض تجار الدين، الذين أرادوا السيطرة والهيمنه على الناس بفعل مظاهر الدين  التى لم تصل يوما إلى جوهر الإنسان.. فالقيم الدينية تدعو إلى العدل والصدق وفعل الخير.. لكن أيا من قيم الدين الحقيقية كانت أقل تأثيرا فى مواجهة حناجر الجهلة التى تدوى فى كل مكان تذهب إليه أذنك.

.."أسلامنجيه " كما وصفهم الراحل الشجاع رفعت السعيد.. أختاروا أن يساهموا فى الإنفتاح بتجارة دينية، أهانت الدين فى الأساس قبل أن تترك الأتباع مشوهين فكريا ..وتحزبت بلادنا.. إلى فرق دينية وجماعات.. لا تختلف فقط سوى فى شكل اللحية.. وطول الجلباب، لكنها جميعا تتربح من تغييب البسطاء وتحويلهم إلى عبيد لهم..وليس لله .. فكل الأنبياء كان لهم أتباع يسمعون ويناقشون.. أما الإسلامنجية الجدد فلا يقبلون إلا بالعبيد .

كانوا يتحدثون كملائكه.. ويأتون بتصرفات الشياطين.. وبدأوا فى عزل جانب من الشعب بحكم الدين.. بل ابدعوا في حيل شيطانية لخلق مذاهب جديدة، أو إحياء القديم منها ..مذاهب وشيع وجماعات تتنافس فقط على السيطرة على المصريين حتى فى غرف نومهم .

اسلامنجية.. يحدثون عن الحرية فقط طالما تمكنهم من السيطرة على العبيد.. وفى نفس الوقت لم يقبلوا سوى بحرية السير فى القطيع .

باركوا آلات القتل والذبح والنهب والسرقة.. طالما تبسط نفوذهم على الآخر، وشهدت مصر آلاف من عمليات القتل والسرقة.. سالت دماء بريئة لمسلمين ومسيحين بفضل فتاوى من جهلاء الإسلامنجيه.. ومازلت اذكر المشهد المؤلم لإبناء أحد الخفراء فى اسيوط الذى أطلق عليه إرهابيو الإسلامنجية الرصاص.. وكانت زوجته وطفلية يجلسون أمام مشرحة المستشفى.. تبكى ومعها طفلين فى احدى ليالى الإرهاب السوداء منتصف التسعينات، ربما لم يدرك وقتها الطفلين ما حدث سوى أن أبيهما لن يعود إلي بيتهم البسيط كما كان يفعل كل يوم.. نظرة إلى أعين الطفلين الذين ينتظرهم المجهول .

آلاف العائلات فقدت أعزاء لديها فى حرب مسخ العقول ، وإحالة الناس إلى قطيع من التابعين والعبيد ..لم يتركوا كبيرة ولا صغيرة حتى فى الحياة الشخصية والعامة إلا وأمموها لصالحهم ..فى اكبر عملية لسرقة دول بكاملها .

اسلامنجية.. يصرخون فى وجهك كل لحظة يحرمون الكذب.. ويحتكرونه لإنفسهم فهم يكذبون مع كل سجده يظنونها لله.. ويخادعون الناس والخالق .

يحرمون الكذب.. وتلوك ألسنتهم الشائعات فى خطب أقرب إلى اداء ممثلى المسرح القدامى .

يمتلك الرئيس السيسى من الشجاعة والشرف ما مكنه إلى مواجهه الناس بنقائصهم ..وأولى سمات الشرف هى الواقعية والصدق مع النفس والغير .

عاشت مصر عقودا من الكراهية بفضل احاديث الإفك التى سادت.. فكان يكفى ان يبدأ مصريون أقباط الصلاة لله فى بيت حتى ينتفض البسطاء الذين خضعوا لسنوات من مسخ العقل والتجرد من سماحة الدين.. والحريات التى يضمنها.. ليهاجموا المصلين لله على دين السيد المسيح .

زرعوا الفتن بين الناس.. مارسوا التمييز ضد كل من لا يتبعهم حتى من المسلمين.. أما تابع مطيع لشهواتهم فى السيطرة والحكم.. وإما اسقطوا عنه كل عباده لله.. وجردوك من دينك علانية .

رئيس مصر الآن مارس حقه الدينى فى فرض السماحة والعدل.. لم يعد هناك خطا همايونى يفرض قيودا وشروطا على دور العبادة لمصريين أقباط.. وما فعله الرئيس ليس غريبا على الإسلام ولكنه جديدا على من يملك القرار، لإقرار العدل   "عندنا هنا قوانين قعدت 150 سنة بتنظم البناء الموحد ولم تخرج للنور. وكان من ضمنها بناء الكنائس في مصر" تلك هى كلمات الرئيس الذى يسعى إلى العدل كما كانت أخلاق المسلم الحق ..فالرئيس لا يميز بين المصريين.

  "لو إحنا عندنا في مصر هنا ديانات أخرى نحن كنا سنبني لهم دور عبادة لهم، ولو عندنا يهود هانبي لهم، لأنه حق المواطن ".

اكتب هذا بعد ما نشرت خارجية هولندا تقريرا معلبا من الماضى.. وردت عليه الكنيسة المصرية في أمستردام  ببيان واضح يحمل بيانات دقيقة.. ولا أعرف إلى متى تستمر مصر في تحمل علاقات مع بلدان صغيرة في شمال أوروبا يتم استخدامها دوما في استهداف مصر، وتعمل كماتب أمامية لقوى كبرى.. للتدخل في شئوننا .

 لا يجب أن نسمع بمعاودة الهجوم بنفس الأدوات.. ولايجب أن تلذع مصر من نفس العواصم مرة آخرى .

الأموال الضخمة التي رصدتها الولايات المتحدة في قمة الديمقراطية التي عقدتها قبل يومين لتمويل ما تراه دعما للديمقراطية.. لا أحد يعرف كم من الدماء ستسيل في المعركة المقبلة.. كم مليون سيشردوا على حدود القارة العجوز؟.. علينا ألا نغمض أعيننا عن التلاعب بالشعارات ..ولنا في آلام الربيع ذكرى يجب ألا تغيب .