ساعة عصاري| «الحاجة عالية».. سند أبنائها وأحفادها

الحاجة عالية
الحاجة عالية

عمر يوسف

حظيت المرأة المصرية بمكانة عظيمة على مر العصور، واستطاعت أن تسطر فى التاريخ بحروف من نور، وكان لها ثقلها وكيانها الخاص، حتى إنها تقوم بالكثير من الأعمال الشاقة التى تفوق أعمال الرجل فى كثير من الأحيان.

هكذا كان وضع الحاجة «عالية» ابنة قرية جريس بمحافظة المنوفية، والتى قدمت التضحيات من أجل أبنائها حتى وصلت بهم لبر الأمان بعد وفاة زوجها..

وحملت الحاجة عالية التى تعدت الثمانين من عمرها، على عاتقها عماد أسرتها، بعد وفاة زوجها وحفظتها من التفكك.

فالحاجة عالية تستيقظ من نومها فى الرابعة والنصف صباحًا، تصلى الفجر، ثم تشعل نيران المواقد، وتضع الحطب فى الفرن الطينى.

تذهب بعد ذلك لإيقاظ زوجات أبنائها واحدة تلو الأخرى حتى يساعدنها فى الأعمال الصباحية، من حلب البهائم وتحضير الخبز والزبد والجبن، وما إن تدق الساعة السادسة حتى يستيقظ البيت بأكلمه، من أصغر حفيد حتى الابن الأكبر.

تشتعل نيران الموقد الذى يتوسط مائدة الإفطار حتى يشع الدفء فى الغرفة الكبيرة، وفى جانب من الموقد يوضع براد الشاى لتغلى مياهه بهدوء.. ثم تبدأ مهمة إعداد الطعام، وعقب نهاية الإفطار توزع عليهم مهام عملهم فى الأرض الزراعية «جمال هيسقى الغيط القبلية، وشعبان هيودى البهايم الغيط الشرقية، جبر هيحش برسيم من غيط القنطرة، بينما محمد سوف يقابل أحد التجار ليتحدث معه حول بيع محصول الذرة».

يذهب الجميع للعمل، فتقف على رأس نساء البيت حتى ينهين الأعمال المنزلية من غسيل الملابس، وتفصيص الذرة قبل بيعها، ولا تقف مكتوفة الأيدى بل تصعد السطوح لإطعام الطيور التى يربينها بالأعلى، ومراقبة جوز الحمام الصغير الذى خرج من البيض قبل عدة أيام، وتطعمه وتسقيه بفمها الصغير، وبعد كل ذلك تفترش الأرض أمام منزلها الطينى فى انتظار أبنائها ظهرًا بعد عودتهم من العمل..

عدسة المصور محمد وردانى جسدت ملحمتها اليومية.

اقرأ أيضاً|ساعة عصاري| شارع المعز..رحلة إلى القاهرة الفاطمية