فرنسا ترجئ فرض التطعيم الإلزامي للطواقم الصحية في جزر الانتيل

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أعلنت الحكومة الفرنسية الجمعة تأجيل فرض التطعيم الإلزامي ضد كوفيد-19 للطواقم الطبية في جزر الأنتيل الفرنسية إلى 31 ديسمبر بعدما تسبب ذلك بأزمة اجتماعية غير مسبوقة تخللتها أعمال عنف لأيام عدة.

ومنذ الإثنين الماضي، شهدت الجزيرتان الفرنسيتان في البحر الكاريبي اللتان تعانيان من فقر وارتفاع في معدلات البطالة، احتجاجات ضد فرض التطعيم الإلزامي ضد فيروس كورونا على مقدمي الرعاية الطبية ورجال الإطفاء، واختلطت الاحتجاجات بمطالب اجتماعية مرتبطة بغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات.

وفي محاولة جديدة للتهدئة، أعلن الوزيران الفرنسيان لشؤون ما وراء البحار سيباستيان لوكورنو والصحة أوليفييه فيران في بيان الجمعة 26 نوفمبر،عن "مهلة إضافية لوضع اللمسات الأخيرة على التنفيذ الفعال لفرض اللقاح في الأنتيل".

اقرأ أيضًا: موديرنا: المتحور أوميكرون مقلق وسنطور جرعة معززة ضده

وجاء هذا الإعلان بعد أعمال عنف استمرت لأيام نصبت خلالها حواجز ونهبت متاجر واضرمت حرائق وسرقت أسلحة وذخيرة من مركز لقوة الجمارك التابعة لخفر السواحل في بوانت-آ-بيتر في غوادلوب. كما أطلق الرصاص على قوات الأمن وصحافيين في فور-دو-فرانس في المارتينيك ليل الخميس الجمعة.

وقالت الشرطة لوكالة فرانس برس الجمعة في حصيلة أن عشرة شرطيين جرحوا بينهم خمسة بالرصاص والخمسة الآخرين بمقذوفات.

من جهة أخرى، تعرض أربعة صحافيين فرنسيين أحدهم مصور لفرانس برس لثلاثة عيارات نارية أطلقها رجال يركبون دراجات نارية في شارع مهجور في فور-دو-فرانس، بينما كانوا يقومون بتصوير حاجز ناري مشتعل من بعيد.

وأدت التحقيقات الأولى التي فُتحت في أعقاب أعمال العنف التي وقعت ليل الثلاثاء الأربعاء إلى مثول ثلاثة مشتبه بهم الجمعة أمام نيابة فور-دو-فرانس .

وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس إن "هذه الأعمال الخطيرة للغاية تتطلب إدانة بالإجماع لا لبس فيها".

وذكر مصدر في محيط وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان لفرانس برس أن عشرة أشخاص على الأقل أُوقفوا لصلتهم بأعمال العنف.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال "توقيف نحو 150 شخصا منذ بدء هذا الوضع في جوادلوب ومارتينيك".

"الف وظيفة"

بدأت السلطات الفرنسية مناقشات مع نقابيين ومسؤولين محليين منذ بضعة ايام لتسوية الوضع.

وقال سيباستيان لوكورنو في خطاب موجه إلى جوادلوب بثه التلفزيون إن "بعض المسؤولين طرحوا مسألة الحكم الذاتي".

وأضاف "برأيهم يمكن أن تدير غوادلوب نفسها بشكل أفضل. إنهم يريدون مزيدًا من حرية اتخاذ القرار من قبل صانعي القرار المحليين"، مؤكدا أن "الحكومة (الفرنسية) مستعدة للتحدث عن ذلك وليس هناك نقاشات سيئة طالما أن هذه النقاشات تهدف إلى حل المشاكل الحقيقية للحياة اليومية لسكان غوادلوب".

وأعلن الوزير الفرنسي عن تمويل "ألف وظيفة مدعومة للشباب".

والوضع الاقتصادي والاجتماعي في غوادلوب والمارتينيك أكثر حساسية مما هو عليه في فرنسا القارية.

ففي غوادلوب يعيش 34,5 بالمئة من السكان تحت خط الفقر الوطني مع ارتفاع معدل البطالة (19 بالمئة)، حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء.

أما المارتينيك فهي أقل أراضي ما وراء البحار تأثرا بالبطالة (12,4 بالمئة في 2020) والفقر مع أنه "منتشر بشكل كبير". وقال معهد الإحصاء إن "نسبة الفقر تبلغ 29,8 بالمئة (أرقام 2018) أي ضعف ما هي عليه على المستوى الوطني"، مع تفاوت في مستويات المعيشة أكبر مما هي عليه في فرنسا، حسب المعهد.

ورأى علماء اجتماع أن الاعتراض على التطعيم يعكس عدم ثقة السكان تجاه السلطات منذ "فضيحة الكلورديكون".

فقد حظر استخدام هذا المبيد للآفات الزراعية الذي يعتقد أنه يسبب مشاكل في الغدد الصماء والسرطان في فرنسا في 1990، لكن سمح بمواصلة استخدامه بموجب استثناء وزاري حتى 1993 في حقول الموز في المارتينيك وغوادلوب ما تسبب بتلوث كبير ودائم.

مع ذلك، منذ بداية الوباء الذي ضرب جوادلوب بقوة الصيف الماضي ارتفع معدل التطعيم ويصل حاليا إلى نحو 90 بالمئة من مقدمي الرعاية الصحية و50 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان، لكنه يبقى بعيدة عن نسبة 75 بالمئة من سكان فرنسا القارية.