مصر تواجه «سباق الأرانب».. حرب بدأت منذ 50 عاماً بحملة «تنظيم الأسرة»

شرح واف لاستخدام حبوب منع الحمل
شرح واف لاستخدام حبوب منع الحمل

قراءة: أحمد الجمَّال

تعانى مصر مشكلة كبيرة بسبب الزيادة السكانية، حيث وصل تعداد المصريين إلى 102 مليون نسمة، بحسب ما أعلنت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، أمام البرلمان فى أغسطس الماضي. فيما دعا رئيس قطاع الإحصاء بالجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عبدالحميد شرف، إلى خفض معدل الخصوبة فى مصر إلى 2% (بدلاً من 3.4% حالياً) للوصول بعدد السكان إلى 150 مليون نسمة فقط عام 2052 بدلاً من 193 مليون.

والحقيقة أن محاولات مصر لمواجهة الزيادة السكنية بدأت منذ سنوات طويلة، وقد نشرت آخرساعة تحقيقاً عن تنظيم الأسرة قبل 50 عاماً تحت عنوان امطلوب إيقاف سباق الأرانبب ناقشت فيه هذه القضية.. وفى السطور التالية نعيد نشر التحقيق بتصرفٍ:

أوقفوا سباق الأرانب فى مصر، وضعوا حداً للزيادة الهائلة فى المواليد.. هذا الهدف هو المحور الذى يدور حوله أسبوع تنظيم الأسرة من أجل خفض نسبة المواليد إلى الواحد فى الألف. وهناك 2800 مركز لتنظيم الأسرة تعمل لتحقيق هذا الهدف.

إن الانفجار السكانى فى مصر وصل إلى حد خطير لا بد من مواجهته فوراً على المستوى العام، ومن هذا المنطلق يبدأ أول أسبوع لتنظيم الأسرة فى مصر من أجل المستقبل.

وفى مراكز تنظيم الأسرة ستُعقد الدراسات والندوات واللقاءات مع المنتفعات بالمشروع، بهدف معرفة الاتجاهات والاستفادة من الخبرات للنهوض بالمشروع إلى ما خطط له، وهو الوصول إلى تخفيض فى تنظيم الأسرة يصل إلى واحد فى الألف سنوياً طوال السنوات الثمانى القادمة، وليكون اتنظيم الأسرةب مشروعاً تحتضنه الجماهير المستفيدة منه، ومن هنا يجب أن تكون الجماهير الداعية له والمؤمنة به والعامل الأول لإنجاحه.

وقد تحركت جميع الأجهزة والهيئات فى تنظيم الأسرة هذا الأسبوع، وقرّر حافظ بدوى، وزير الشئون الاجتماعية، صرف وسائل تنظيم الأسرة مجاناً لأسر المهجرين والمجندين، والذين يثبت البحث الاجتماعى احتياجهم لها، كما أعلنت وزارة الصحة وأجهزة البحث العلمى أنها توالى الأبحاث لتطوير وسائل التنظيم بأسلوب جماعى بحيث تجمع كل الجهود الفردية لتحقيق هذا التطوير.

وستتفق وزارة الأوقاف مع لجنة الدعوة والفكر بالاتحاد الاشتراكى لوضع خطة تشمل إمداد 16 ألف إمام مسجد فى القرى بالدراسات الشاملة لمشكلات المجتمع وتطويره ومدهم بكل ما يحتاجون إليه، للارتفاع بمستوى فهمهم السياسى والثقافى والاجتماعي.

تنظيم الأسرة والتعليم

وهناك علاقة وثيقة بين درجة تعليم المرأة وإيمانها ومواظبتها على تنظيم النسل، فمن واقع دراسة على مائة حالة فى مدينة الصلب بالتبين، تبين أن 75% من المتخلفات أميات، ويؤكد ذلك متوسط خدمة كل مركز الذى يبلغ فى القاهرة 205 حالات وفى الإسكندرية 257 حالة بينما فى أسوان 28 حالة فقط.

وتقول عزيزة حسين، رئيسة هيئة تنظيم الأسرة بالقاهرة، ووكيلة الاتحاد الدولى لتنظيم الأسرة، من واقع حضورها كثيراً من المؤتمرات الدولية وعملها على أرض الواقع: اقطعنا شوطاً كبيراً فى هذا المشروع ولكن هناك خطوات على الطريق، ويجب بذل الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية المستفيضة، وأن تعمل جميع الأجهزة متكاملة، وأعتقد أن المناطق العمّالية هى من إحدى المناطق التى يمكن أن ينجح فيها مشروع تنظيم الأسرة نجاحاً كبيراً بحيث نصل لهدفنا المنشود وهو خفض نسبة المواليد سنوياً طوال السنوات الثمانى القادمة.

الرائدة الريفية

ويقول سيد زيدان، مدير إدارة تنظيم الأسرة بوزارة الشئون الاجتماعية: اإن المشكلة فى جوهرها مشكلة سلوكية ترتبط بسلوك الأفراد وتقاليدهم، من ثم لا يمكن أن ينجح مشروع تنظيم الأسرة فى مواجهة هذا السلوك ما لم تؤثر فيه مفاهيم وقيم جديدة، وهناك دور أساسى لأجهزة الإعلام حيث إنها تعطى الجو الملائم لكى يتحرك من يقوم بالاتصال المباشر ليؤثر فى هذا السلوك مباشرة وأن يقوم بهذا الاتصال المباشر قيادات تابعة من جماهير المكان نفسه لسبب أساسى وهى أنها تتكلم فيما يتعلق بخصوصيات الأسرة وهو تنظيم الأسرة، أمثال الرائدة الريفية، وواعظ القرية على أن يتوافر فيهم الإيمان بالفكرة عن فهم واقتناع علمى سليم، والقدرة على التأثير فى الغير.

موقف رجال الدين

لكن ما موقف رجال الدين من الدعوة إلى تنظيم الأسرة؟ لا شك أن الدين يريد المجتمع القوى والفرد القوى، ومن هنا فإن رجال الدين وقياداته يدعون إلى تنظيم الأسرة.

تحدثنا مع الشيخ عبدالرحمن النجار، مدير عام المساجد عضو لجنة الدعوة الدينية باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى، حيث قال: لا شك أن رجال الدين المؤهلين يؤيدون تنظيم النسل لأنهم يعرفون أن هناك مجتمعاً له طاقة وإمكانيات متاحة يستلزمها عدد متناسب من البشر، وتنظيم الأسرة يقوم بعملية المداومة هذه صعوداً وهبوطاً وثباتاً، فحينما تزيد طاقة المجتمع الاقتصادية يمكن أن يزيد عدد أفراد الأسرة، لكن فى ظروفنا الحالية يجب أن يتوقف الاندفاع نحو الزيادة، هذا فضلاً عن أنه ليس إهداراً لروح، فما هو إلا عملية فصل بين ما يمكن أن ينشئ الروح بتلاقى مفرزات الذكر والأنثى، وهو لا يمكن أن يكون مثل عملية الإجهاض، ومن هنا فليس هناك أى تعارض بينه وبين الدين.

موقع التجربة

ويتحدث الدكتور محمود محمد مصطفى، رئيس مكتب تنفيذ الأسرة بمحافظة الدقهلية عن التجربة من واقع توزيع 25 ألف شريط لحبوب منع الحمل خلال شهر، حيث يقول: اتمثل هذه الوسيلة 5% من وسائل منع الحمل، ويرتفع عدد من يخدمه المركز الواحد فى عاصمة المحافظة إلى أكثر من 200 حالة شهرياً، بينما لا يزيد فى القرى على 100 حالةب.

ويؤكد الدكتور سمير جرجس من قرية االخلديةب أن الحالات لا تزيد على متوسط 90 حالة شهرياً، رغم أن عدد سكان القرية يبلغ خمسة آلاف نسمة، بينما تقول الدكتورة انتصار محمد السحار من مركز سيدات الدقهلية: إن عدد الحالات ارتفع من 200 إلى 400 حالة فى خلال ثلاثة أشهر فقط، كما أن نسبة الوسائل الحديثة توالى الارتفاع، وكان هناك عدة عوامل تشجيعية منها توزيع هدايا مثل شهادات الاستثمار على المنتظمات فى التردد.

وبخصوص التجارب الجديدة لتنظيم الأسرة اعتماداً على الوسائل المستحدثة، فإن  هناك تجربة قام بها الدكتور فؤاد الحناوى، أستاذ أمراض النساء والولادة بجامعة الأزهر، وهى تجربة القرص الواحد كل شهر، حيث تمت على 600 سيدة من المترددات على عيادة الأزهر، وإن كانت هذه التجربة لم تظهر أى حالات نقص لبن لدى المرضعات أو صداع أو انتفاخ، فإنها تحتاج إلى تطوير، حيث إن السيدة تكون تحت ظروف تعاطى برشام نزول الطمث كل شهر.

وتجربة حقن الهرمونات التى طبقها الدكتور محمد كريم فى جمعية المعادى مازالت هى الأخرى تحتاج إلى مزيد من البحث.. والتجربة الثالثة قام بها الدكتور عباس الشربينى أستاذ أمراض النساء والولادة بكلية طب قصر العينى، وتتلخص كما يقول فى العودة إلى النظام القديم وهو النظام الذى كان متبعاً قبل سنوات طويلة ويعرفه نساء القرية بوضع محلول الملح المركز أو غيره وهو عبارة عن محلول كيميائى يوضع بواسطة قطعن من القطن، وليس له أى أثر ضار، كما أنه لا يجعل السيدة تحتاج إلى مجهود كبير فى الحساب، خاصة الأميات فى القرية، وأيضاً لا تكون السيدة ملزمة بالذهاب إلى الطبيب كما فى حالة تركيب اللولب، وما لا يرضى به كثير من سيدات القرية.

إن قضايا تنظيم الأسرة كثيرة ومتشعبة من حيث المركز وإمكانية تطويره والوسائل التى يستخدمها وطرق ووسائل الدعوة لتنظيم الأسرة وذلك من أجل منع سباق الأرانب الذى يلتهم كل جهودنا فى عملية التنمية الاقتصادية.