مدارات

بين الجنسية والديانة

رجائى عطية
رجائى عطية

بين الجنسية وبين الديانة والملة فوارق، أوضحها أن الجنسية، لا تستلزم التبعية لديانة أو ملة معينة كأصل عام، وأنها بصفة عامة تتسع لأصحاب الديانات المعترف بها ولغيرهم من المواطنين، كما أنها لم تعد تستلزم الانتماء لعنصر معين أو لون معين أو لغة معينة ..

لأن معنى الجنسية هو الانتماء لوطن معين لتوفر الولاء له عند جميع المواطنين فى السراء والضراء.


إذا استُثنيت إسرائيل، فلن تجد دولة غيرها فى العالم ربطت بين الديانة والجنسيةً . 


هذا وتوافر الولاء شرط تستلزمه الجنسية كما تستلزمه الديانة أو الملة، لكن الشارع قد يفترضه افتراضًا إذا وجدت شرائط خارجية يراها المشرع كافية لوجوده دون ما حاجة إلى التحقق من توافره فعلاً لدى هذا الفرد أو ذاك .. وقد تتعدد الجنسية فى بعض الأنظمة فينتمى الشخص لأكثر من جنسية فيحمل فى نفس الوقت جنسية أو جنسيات لغير دولته الأم، على أن الدولة لا تلتزم فى معاملة من ينتمى إلى جنسيتها ـ إلاّ بإعمال قوانينها هى، ومثل هذا الوضع قد يكون نادرًا فى الانتماء للديانات والملل، ويفترض وجود الولاء اللازم للجنسية بمجرد الميلاد لأب يحملها، وفى بعض الأحيان بمجرد الميلاد من أم تحملها، كذلك فيمن تتزوج أو يتزوج من زوج أو من زوجة .. فيكتسب الجنسية بالزواج إما فورًا أو بعد انقضاء فترة على قيام الزوجية يحددها القانون . كما تكتسب جنسية الدولة بالإقامة العادية فيها لمدة محددة بشروط عامة للجميع، كما قد تمنح الجنسية من الدولة لقاء خدمات استثنائية، ويفترض الانتساب للديانة أو الملة بميلاد من يولد لأب ينتسب لها أو لأم تنتسب إليها، كما يفترض ذلك الانتساب للقيط الذى يوجد أو يعثر عليه بين ظهرانى أهل الديانة أو الملة، وينتقل إلى الديانة أو الملّة ويدخل ضمن أتباعها من يقوم بالإقرار علانية باعتناقها بالصيغة المقررة وبالطقوس المرسومة إن كان لذلك صيغة أو طقوس .


قديمًا كان يتم تعريف الغير بالميلاد أو الوفاة، بالإذاعة أو بالقيد فى السجلات . وهذا التنظيم الذى لم تُخِلّ به جماعة متحضرة أو بدائية ـ صاحبه من أقدم الأزمنة عُرفٌ مستحكم لم ينازع فيه أحد، بل يعامل الآدميون بعضهم بعضًا على أن لكل منهم حياته الباقية ما بقى فى الدنيا منذ مولده إلى موته، بلا تفريق ولا تحليل ولا التفات فى ذلك إلى التغيرات التى تبدأ وتستمر بلا توقف منذ تحرك الجنين فى الرحم إلـى رحيله وهو شيخ فانٍ، وتظل هذه الوحدة قائمة فى نظر الذات والغير مهما طرأ على الآدمى من تغيير صعودًا وهبوطًا، شكلاً وموضوعًا . وبعض ذلك راجع إلى دوام إحساس الآدمى بذاته ما عاش واختلافها عن ذوات الآخرين الذين يقابلونه بذلك، حتى أقرب الأقربين.


وأيضًا لم يشذ عن هذا إلاَّ الكيان العنصرى الاسرائيلى، فهو يقيم الانتماء للدولة على اعتناق اليهودية، اعتناقاً عنوانه الأم، وميلاد الأم بانتماء يهودى، أما الميلاد لأب ــ فهو بذاته لا يكفى سببًا لإسباغ الجنسية اليهودية الاسرائيلية، ومن أجل ذلك تقاتل اسرائيل لاستثناء نفسها من كل دول العالم، بأن تكون « اليهودية » شرطًا لا بديل عنه لجنسية الدولة اليهودية !!! 


فى كل دول العالم، والدول الكبرى والدول النامية، تجد المواطنة أساسًا للإنتماء للوطن وحمل جنسيته، يحملها المسلم والمسيحى واليهودى من لا دين له، إلاَّ إسرائيل، فالجنسية واليهودية قرينان فيها لا يفترقان، وظنى أن هذه العنصرية لا مجال لعيشها فى عالم صار يخلع عنه كل العصبيات، ويجعل بغيته الإنسان حيث كان !