إنها مصر

أبناء صالحون

كرم جبر
كرم جبر

ابنك إذا أحسنت تربيته هو رصيدك فى الحياة، ويزداد الرصيد كلما سلحته بالعلم والأدب والأخلاق، ليكون نافعاً لبلده وناسه وأسرته، ولن يفعل ذلك إلا إذا شرب من صغره معانى الاحترام.

كن صديقه، وخاويه، وتحدث معه فى كل القضايا، واطلب منه أن يصنع لك كوباً من الشاى أو فنجاناً من القهوة، واشرب معه وتحدث بود وحب ودفء، ولا تكن جافاً أو غليظ الكلام بل اختصر المسافات إلى عقله وقلبه وأفكاره.

علِّم ابنك أن يحترمك، ولا تسمح له أن يدخن أمامك حتى لا يسقط الخيط الرفيع للاحترام، أو يناديك باسمك أو يسخر من كلامك، أو يتركك ولا يرد عليك، أو يتأخر ما بعد منتصف الليل دون أن يستأذنك.

نحن نعيش الآن أسوأ عصور تربية الأولاد، فالأب الميسور يسرف فى التدليل حتى الإفساد ويعتقد أن التدليل هو السعادة، فنجد أبناء يحترفون قلة الأدب وعدم الاحترام، والتكبر والغرور والغطرسة.

قالوا لى فى إحدى الجامعات المرموقة، حيث يدفع الطالب عشرات الآلاف من الجنيهات، أن الطلاب يرصدون الأستاذ أو المعيد الذى لا يعجبهم، ثم يتسللون ويتلفون سيارته بالمسامير والسكاكين، أو ينشئون مواقع وهمية على فيس بوك لتجريسه والهجوم عليه.

وعلى المقاهى فى الأحياء الشعبية أشكالاً وصوراً من شباب ضائع، يسهر من بعد الغروب حتى الفجر، شيشة وبرشام وعقول تائهة يمكن أن تفعل أى شيء.

علموا أولادكم الأدب، حتى لا يضيعوا منكم بسبب قلة الأدب، وأمامنا صور وحكايات لعائلات تدفع ثمناً فادحاً لعدم التربية، وآباء كانوا فرحين بسفالة أولادهم، فأصبحوا يذرفون دموع الحسرة والندم.

الأبناء الصالحين أثمن من المجوهرات والذهب، فاستثمروا أموالكم فى تربيتهم وتعليمهم وتهذيبهم، أفضل مليون مرة من التدليل بالفلوس والإفساد بالعطايا.
ولكل أم، علِّمى ابنتك عزَّة النفس، فلا تتنازل ولا تفرط، وتصون كرامتها وكبريائها لتكون سند الأسرة فى الحياة، فالبنت الصالحة شجرة وارفة الظلال على والديها وإخوتها، وفيض من الرحمة والحنان.

الأم هى الحضن الدافئ فى الاحتواء، تسمع وتناقش وتفكر، دون نصائح من عصر فات، ولا حكم ومواعظ لا تجدى ولا تنفع، بل تخلق مزيداً من النفور والابتعاد.

علميها العفة، ومعناها صون السمعة والسيرة والجسد والعرض، فلا تتهافت ولا تساير أصدقاء السوء، ولا تفعل إلا ما يجعل رأسها مرفوعة فى السماء.

البنات تشرِّف أسرتها بعلمها ووظيفتها ونجاحها، وتكسرت كل الأطواق التى كانت تقيد حركتهن، ويجب أن تدرك البنت تماماً أن الحرية سكين له حدين.