فى الصميم

لماذا تنتشر «العاهات الغنائية»؟!

جلال عارف
جلال عارف

لا أريد المشاركة فى ضجيج معارك صغيرة أو مُفتعلة، ولكن فقط بعض نقاط للتوضيح لعلها تسهم فى تصحيح المسار!!


عندما ظهر أحمد عدوية لم يمنعه أحدٌ، فقط أراد أن تعتمده الإذاعة، ورفضت اللجنة المختصة ذلك، كما حدث مع الآلاف، ولعل أشهرهم مُلحننا العظيم محمد الموجى الذى اعتمدته الإذاعة مُلحِّناً ولم تقبله مطرباً، ليتفرغ الموجى بعد ذلك للتلحين ويبدع أجمل الأغنيات التى حملتها أجمل الأصوات خاصة مع رفيق عمره عبدالحليم، وليدخل تاريخنا الموسيقى مع ١٨٠٠ لحن تضعه فى المقدمة بين ملحنى العصر الحديث.


كانت اللجنة صاحبة القرار فى ذلك تضم القمم؛ كعبدالوهاب والسنباطى، ومدحت عاصم. وكان من لا تعتمدهم يحاولون فى باقى المجالات. يغنون فى الأفراح، ويُسجلون الأسطوانات، ثم أشرطة الكاسيت بعد ذلك. لكنهم كانوا يظلون على حلمهم بالاعتماد فى الإذاعة لأنه يمثل شهادة الاعتراف الأكثر احتراماً بمواهبهم.


الوجه الآخر هو أننا كنا أمام فيضان من الغناء الجميل كانت الإذاعة (ثم التليفزيون المصرى)، داعمًا أساسيًا له. كانت أجيال من المبدعين تُقدم أجمل ما عندها. وكان الغناء الجميل يصل للجميع عبر الإذاعة والتليفزيون ثم فى حفلات أم كلثوم وأضواء المدينة التى تجمع ألمع نجوم الغناء وتأخذهم إلى الأقاليم وإلى العالم العربى.


ووسط فيضان الإبداع الجميل كان القبح يتوارى، كانت كل أنواع الغناء موجودة ومتاحة، وكان الذوق العام المتعايش مع الجمال يعطى لكل نوع من الإبداع نصيبه المستحق فى الساحة. ولم تمنع هوجة «السح الدح امبو»، أو «العتبة جزاز» عبدالحليم حافظ من أن يختم حياته مع ألحان الموجى العبقرية و»رسالة من تحت الماء»، ثم «قارئة الفنجان»، الخالدتين فى تاريخ الغناء العربى.


جوهر المسألة أن نتيح الغناء الجميل والموسيقى الراقية للناس، وأن نوفر لأطفالنا ذلك فى المدارس والأندية وقصور الثقافة، وأن تكون حفلات الموسيقى والغناء الجميل متاحة للجميع وبأسعار تناسبهم.


ومع ذلك كله ستبقى «العاهات الغنائية»، لكنها ستبقى على الهامش فى قعدات المزاج أو جلسات الفرفشة كما كانت دائماً منذ زمن كباريهات عماد الدين!!
أن ننتج الأجمل والأرقى ليحاصر القبح، وأن نصل به للجميع. هذا هو الدور الغائب الذى يستحق منا كل الاهتمام!!