خواطر

وأخيراً وتنفيذاً لإرادة المولى نجيت من اللعينة وعدت لوطنى (١)

جلال دويدار
جلال دويدار

أكثر من شهرين.. أمضيتهما فى العاصمة الصربية بلجراد.. أسيراً لهجمة وعبث كورونا اللعينة بمقومات صحتى. بعد هذه الأيام الثقيلة الوطأة والحافلة بالتشتت والحيرة كتب الله الرحمن الرحيم.. أن أعود إلى أرض الوطن الغالى سليماً معافى إلا من المعاناة من بعض المضاعفات التى سوف تزول بإذنه تعالى بمرور الوقت.


لا جدال أنها كانت أزمة طاحنة تملكنى خلالها شعورعارم بأنها النهاية التى قد يكون الله قد كتبها لى. زاد من هذا الشعور هو أن تتمكن منى الكورونا اللعينة..

معلنة بداية انتصارها عليّ ونجاحها فى التوصل إلى تصفية حساباتها معى انتقاماً من عشرات المقالات التى كتبتها محذراً من أخطارها وشرورها.


وهكذا كانت الأقدار قد شاءت أن تدهمنى اللعينة وأنا فى زيارة كنت أتوق لها.. لابنتى وأسرتها حيث يضطلع زوجها السفير عمرو الجويلى - الذى هو بمثابة ابنى الثانى- بواجب خدمة الوطن سفيراً لمصر فى هذا البلد الصديق. حالتى المرضية تطلبت بناء على نصيحة الأطباء نقلى إلى مستشفى متخصص فى علاج مرضى الكورونا بما يتيح أن أكون تحت الرعاية الطبية المباشرة والمطلوبة. 


إن ما أقلقنى وزاد من آلامى ولوعتى مرافقة ابنتى حنان لى حيث مكّنها من ذلك أنها كانت قد أصيبت بالكورونا هى الأخرى. كان وجودها حتميا وضروريا للتعامل والتفاهم مع طاقم المستشفى من أطباء وممرضات وخاصة مع حالتى الحرجة ومعاناتى الصحية.. ولاأملك سوى أن أقول جزاها الله كل الخير هى وزوجها وأكرمهما الله على كل ما بذلاه من أجلى.
وعلى مدى أيام بقائى ٢٥ يوماً فى اثنين من مستشفيات بلجراد المجهزة للتعامل مع مرضى الكورونا كانت شريكة العمر تعيش معاناة المتابعة والانتظار والترقب الثقيل لتطور حالتى المرضية حيث كانت هى الأخرى تعالج من كورونا فى المنزل.


الحقيقة أن الأيام بالمستشفى كانت ثقيلة ومريرة والليل كان طويلاً بلا نوم وبلا نهاية. فقد عانيت من الغياب الكامل للنوم عن عينى. يضاف إلى ذلك معايشتى لكم هائل ومتواصل من المحاليل المنسابة إلى جسدى ليل نهار لوصول العلاج الضرورى ولتعويض عدم تمكنى من تناول الماء والطعام وكذلك تحاليل للدم وأشعات مقطعية وغيرها تحتاجها متابعة حالتى الحرجة ومضاعفات الكورونا. 


للحق فإننى تلقيت خلال هذه الأسابيع أعلى مستويات العلاج والرعاية الطبية التى اتسمت بالحرفية والمهنية الطبية. وأوضح الأطباء الصربيون لى أن تلقى المصل الواقى فى مصر قبل عدة شهور ساهم بشكل فعال فى الحد مما كانت تدبره لى اللعينة. وجرى ذلك بإرادة الله سبحانه وتعالى الذى  كتب لى التعافى من هذا المرض الشرس.