إنها مصر

الجرائم والتكنولوجيا الحديثة

كرم جبر
كرم جبر

هل كانت الجرائم البشعة التى نسمع عنها اليوم تحدث أيام زمان، أم أنها وليدة هذا الزمن، وتسلط عليها الأضواء بسبب انتشار فيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعى الأخرى؟

أترحم على أيام الدكتور أحمد خليفة رحمه الله، الرئيس الأسبق للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى الثمانينات، فقد حول المركز إلى غرفة فحص كبيرة، تتناول كل الظواهر الاجتماعية بالشرح والتحليل، ويقدم روشتة علاج علمية.

ونحن فى أمس الحاجة إلى مئات الأساتذة مثل دكتور خليفة، لدراسة سمات الشخصية المصرية التى طرأت عليها تغيرات حادة فى السنوات الأخيرة، ظلت فى منطقة مظلمة، بعيداً عن أضواء كاشفة تفسرها.

الجرائم البشعة كانت تحدث فى مختلف العصور، زمان والآن ولكن اختلفت وسائل ارتكابها، وأضفت عليها الثورة التكنولوجية سمات لم تكن موجودة.
فعنشدما يختطف طفلان طفلة صغيرة بقصد اغتصابها، وعند فشلهما يلقيان بها فى إحدى الترع لتلقى حتفها، فالمؤكد أن هذه الجريمة البشعة تطرح أبعاداً متعددة:
انعدام الرقابة الأسرية تماماً فى زمن ينشغل فيه الآباء والأمهات فى تدبير نفقات الحياة، فيفقدان مقومات الحياة التى يجب غرسها فى أولادهم.
 المؤكد أن الطفلين شاهدا أفلاماً جنسية على الموبايل الذى أصبح فى يد الكبير والصغير دون أدنى رقابة، ولم يتزامن مع ذلك بث الوعى حول طرق الاستخدام والابتعاد عن الممارسات الضارة.
 الانقلاب الحاد فى الأخلاق والسلوك، واختفاء الصفات المميزة لكثير من الناس، مثل المروءة والشهامة والشجاعة والصدق والأمانة، وحلت محلها صفات على العكس تماماً.

صرنا نسمع عن طبيب ينتهك حرمة مريضاته ويصورهن فى أوضاع مخلة، وأبناء يعذبون أمهاتهم ويلقون بهن فى الشارع، وشباب يعذبون كبار السن أو أصحاب القدرات بالكلاب الشرسة.. والأغرب من كل ذلك أن جموع الناس يتفرجون ولا يحركون ساكناً.
وسائل التواصل الاجتماعى زادت من شراسة الجرائم، وساعدت على سرعة انتشارها، وأصبح كل إنسان يحمل فى يده سلاحاً حاداً يستعمله فى الخير والشر، وغلبت ممارسات الشر كثيراً.

مصر ليست وحدها والمتابع لتنوع الجرائم فى مختلف أنحاء العالم، يجد بصمات الثورة التكنولوجية تزيدها غموضاً وعنفاً وشراسة وانتشاراً، وسيبقى الأمر كذلك، إلى أن تهب على العالم موجة جديدة من استعادة الأخلاق.