إنهــا مصـــــــر

لماذا تغيَّر الناس ؟

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

لا يمكن أبداً أن أسلم أن سمات الشخصية المصرية، يمكن أن تحتوى تحت مظلتها القاتل بالساطور أو الزوج الذى يأخذ أسرته رهائن، أو التلاميذ الذين يذبحون زميلهم فى المدرسة، أو اغتصاب المحارم والتحرش بالسيدات.


 المصرى ليس ذلك المتخاذل الذى يرى الأعمال القذرة ولا يتحرك ويكتفى بالفرجة، أو يصور بالموبايل للنشر فى فيس بوك، وليس المجرم الذى يغتصب ويقتل ويسرق وكأنه لا يفعل شيئاً.


 وليس المنافق والكذاب وشاهد الزور وآكل أموال اليتامى والشتام والبذيء والذى يقذف الناس بالباطل ويستعرض قوته الزائفة فى قهر الضعفاء.


 المصرى ليس كل هؤلاء، ولكنها نماذج شاذة تطفو على السطح، وتحدث صخباً وضجيجاً ويتناقلها الناس وكأننا كلنا كذلك، ويتم التعميم وليس وضع الحدث فى حجمه الاستثنائي.


 اختلفت منظومة القيم فى السنوات الأخيرة، بفعل الرياح العاتية التى هبت على المنطقة وأخذتنا فى طريقها، وأضفى البعض عليها لمسات محلية، فصارت هذه الجرائم الشاذة ذات مواصفات خاصة.


 ولكن ما زالت بيوتنا تزخر بآباء محترمين وأمهات عظيمات، فيهم ملامح الشخصية المصرية الراسخة فى الوجدان، وشاهدنا نماذج منهم فى الأحداث الجسام التى مرت بها البلاد بعد أحداث يناير.


 ولا نغفل الرياح العاتية التى غزتنا من الخارج، فأصبحت أمراض العالم كله فى الجهاز الصغير الذى يلعب عليه الشاب أو الفتاة، دون وعى للخيط الرفيع أو السميك الذى يفصل بين المباح والمحظور.


 لم ننتبه لضرورة التحصين وانتقلت أمراض العصر إلينا بنفس سرعة الإنترنت، دون وجود مؤسسة علمية تدرس الظواهر مبكراً وتدق نواقيس الخطر.
 فتحزن إذا رأيت فتاة جميلة وجامعية وتجيد اللغات الأجنبية، متهمة فى قضية دعارة أو اتجار بالبشر أو ممارسة الفسوق، لأنها أساءت استخدام "التيك توك"، والمصير الأسود الذى ينتظرها وضياع مستقبلها.


 وتحزن إذا رأيت "أولاد ناس" فى سن المراهقة وهم يعاكسون السيدات بأساليب فجة ويتفاخرون بذلك، دون خوف من عقاب، إلا إذا وقع المحظور.
 رغم كل ذلك فليس المصرى هو الذى يتم اختزاله فى الصور المشينة التى تعكسها بعض الجرائم، فهى موجودة منذ القدم، ولكن وسائل الاتصال الحديثة هى التى جسدتها ووضعتها تحت الأضواء.


 ورغم ذلك نحتاج إلى دراسات طويلة ومتأنية وواثقة، حول سمات الشخصية المصرية والتغيرات التى طرأت عليها وكيفية مواجهتها والتقليل من سلبياتها وتعظيم إيجابياتها.


 فمن سمات الشخصية المصرية المروءة والشجاعة والشهامة ومساعدة الغير، فلماذا نرى بعض الناس يتفرجون على تصرفات بشعة ولا يحركون ساكناً، هل هو الخوف أم مآثرة السلامة أم "وأنا مالي"؟


 ومن سمات الشخصية المصرية التعايش السلمى الآمن لكل أبناء الديانات والثقافات والحضارات.. فلماذا ظهرت النغمات الطائفية فى السنوات الأخيرة وكيف نتصدى لها؟


 ومن سمات الشخصية المصرية التسامح والمحبة والسلام النفسى والرضا بما قسمه الله.. لكن كل هذا تغير، وأصبح الأخ لا يتمنى الخير لأخيه.