كنوز| 1450 عاما أضاء خلالها رسول الإنسانية طريق البشرية بالحق

بائع حلوى المولد فى لقطة من عام 1909
بائع حلوى المولد فى لقطة من عام 1909

كل مولد نبوى شريف وأنتم ومصر والأمة الإسلامية بخير بمناسبة حلول العام الجديد للمولد النبوى الشريف، نحتفل، وتحتفل الأمة الإسلامية كلها بالعام 1450 لميلاد رسول الإنسانية النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» المبعوث من الله بالحق المبين، والراجح الذى اتفق عليه المؤرخون وأهل العلم أن مولد النبى كان لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول فى عام الفيل، فى السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية الشريفة، وبالتقويم الميلادى يكون ميلاده الكريم فى 22 أبريل 571 ميلادية، ومصر فى مقدمة الدول التى تحتفل بمولد الرسول الكريم رسميا وشعبيا، وللشعب المصرى طقوسه الخاصة التى تميزه منذ مئات السنين فى الاحتفال بالمولد النبوى دون الالتفات لدعوات تحريم الاحتفالات التى تدخل البهجة على قلوب المصريين فى مولد النبى الكريم، وهناك مرويات شعبية وأخرى مدونة تقول أغلبها إن مصر بدأت الاحتفال بالمولد النبوى فى عصر الفاطميين، وإن أول احتفال أقيم كان فى عهد الخليفة المعز لدين الله عام 973، وعرفت صناعة حلوى المولد فى عهده، وكان يأمر بتوزيع الحلوى فى الاحتفالات التى تبدأ من غرة ربيع الأول حتى الثانى عشر منه.


ومن بين ما تناقله العامة أن الحاكم بأمر الله كان يحب أن تخرج معه زوجته فى يوم المولد النبوى، فخرجت بثوب شديد البياض وعلى رأسها تاج من الياسمين، فقام صنّاع الحلوى برسم الأميرة والحاكم فى قالب الحلوى على هيئة عروسة جميلة وفارس يركب حصانه، واقتصر احتفال المولد النبوى فى الدولة الفاطمية على عمل الحلوى وتوزيعها مع الصدقات، والاحتفال الرسمى كان يتمثل فى موكب قاضى القضاة حيث تُحمل صوانى الحلوى، ويتجه الجميع إلى الجامع الأزهر، ثم إلى قصر الخليفة حيث تلقى الخطب، ويقول حسن السندوبى فى كتابه «تاريخ الاحتفال بالمولد النبوى من عصر الإسلام الأول إلى عصر فاروق الأول»: إن الاحتفال بالمولد النبوى فى العهد الفاطمى كان يتم بشكل رسمى بعد صلاة ظهر اليوم الثانى عشر من شهر ربيع الأول، وكان الخليفة الفاطمى يخرج على حصانه فى موكب مهيب يوم المولد، فأصبح المصريون يصنعون حلوى تشبه هذا الحصان الذى يدخل البهجة على قلوب الصغار والكبار، وكان الخليفة يزف بالطبول والأناشيد، حتى يصل إلى الميدان، وتقام الاحتفالات الدينية والشعبية، ويجتمع الأعيان والرؤساء صبيحة يوم المولد، ويُنصب كرسى للوعظ، وتقام بعد ذلك موائد الطعام العامة لكل الناس.


وتقول المرويات إن السلطان صلاح الدين الأيوبى أوقف الاحتفال بالمولد النبوى عندما تعمد اقتلاع مذاهب الفاطميين، لكن الاحتفالات عادت فى عصر المماليك، فكانت تمتد ليالى تلاوة القرآن الكريم والمديح النبوى والتواشيح، وفى صباح يوم المولد يوزع السلطان القمح على الشعب، واستمرت مظاهر الاحتفال فى العصر العثمانى ودولة محمد على باشا الكبير وكل حكام الأسرة العلوية، واعتاد الملك فاروق على حضور احتفالات الجيش المصرى بالمولد النبوى، وكان يقيم فى القصر ليالى التلاوة، ويأمر بتقديم حلوى المولد للشعب فى السرادق الملكى الكبير الذى كان يحضر إليه مع الوزراء وقادة الجيش والسياسيين لمشاركة الشعب فى تلك المناسبة الجليلة، وحتى بعد قيام ثورة يوليو 1952 استمرت الدولة فى الاحتفال الرسمى والشعبى بالمولد النبوى الشريف فى عهد الرؤساء «محمد نجيب وعبد الناصر والسادات وحسنى مبارك، والرئيس عبد الفتاح السيسى».  

 

وفى كل عام تزدان شوارع القاهرة وكافة المحافظات بشوادر ومحلات بيع حلويات المولد النبوى التى تفننت فى صناعتها مصانع شعبية وأخرى كبيرة تخلق تفاوتا كبيرا فى الأسعار، لكن، تظل «عروسة المولد» و«الحصان الذى يعلوه فارس يمتشق سيفه» من أهم السمات المترسخة فى المظاهر الشعبية بالمولد النبوى الشريف رغم ما دخل عليهما من تطور صناعى أفقدهما شكلهما التقليدى القديم.


« كنوز»