كتابة

ثورة أصنام المسرح في سبيل الجوائز

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عماد أبوغازي يكتب:

انفجرت مواقع التواصل الاجتماعى مساء السبت الماضى غضباً وحزناً بعد إعلان نتائج الدورة الرابعة عشرة من المهرجان القومى للمسرح فارتفعت أصوات البكاء والعويل وراح من فاتهم قطار الجوائز يجأرون بالشكوى، ويكيلون الاتهامات للجنة التحكيم، وراح البعض يتهمها بالتحيز والآخر بالجهل، بل وشطح خيال البعض بأنه يستطيع من الناحية العلمية أن يعلَم هذه اللجنة فنون المسرح، وقال آخر أنه أكبر من جوائز هذه اللجنة! المهم أن من لم يحصلوا على الجوائز فقدوا صوابهم، بل فقد البعض صوابه قبل أن يبدأ المهرجان ومن باب الاحتياط راح يهاجم اللجنة ويشكك فى قدراتها ووجد ذلك هوى فى نفوس من لم يحجزوا مقعداً فى لجنة التحكيم والبعض انضم للحفل غاضباً لأنه ليس فى قائمة المكرمين وهكذا أعلنت شريحة عن أغراضها وأهدافها قبل أن يبدأ المهرجان.

ما شاهدته من عروض فى دورة المهرجان القومى الرابعة عشرة وأيضاً العروض التى قدمها طلبة المعهد العالى للفنون المسرحية فى المهرجان الذى يقام كل عام لمشاريع التخرج يؤكد أن روحا جديدة سوف تكون لها الكلمة العليا

من الطبيعى أن يتأثر من يشارك فى مسابقة المهرجان القومى للمسرح المصرى ولا يحصل على جائزة، ربما يحزن أو يشعر بالأسى، لكن ليس من الطبيعى أن يصرخ ويشكك فى اللجنة ويبدو للجميع وكأنه يجأر من شدة الظلم، فهذه جائزة يمكن أن تحصل عليها أنت أو غيرك. ولكن من وجهة نظر هذه الأقلية.. كيف يحدث؟ هذا غير صحيح، وكلا وألف كلا فهناك البعض اعتاد أن يحصل على الجوائز بالإرهاب اللفظى بالصراخ بأى وسيلة وهناك جهات لا بد أن تحصل أيضاً على جوائز وإلا الويل كل الويل للجنة التحكيم التى تلقت بالفعل تهديداً بالشطب وتراجع صاحب التهديد “.... “ بعد أن أعلن أحد الأعضاء على صفحته تفاصيل التهديد! وهذا على سبيل المثال.

نعم خالف الفنان والأكاديمى د. أحمد حلاوة ولجنته الأعراف الراسخة وحطم الأصنام ومنح أغلب الجوائز للشباب، تم منحها للإبداع الحقيقى وليس للعروض النمطية التى يقدمها أصحابها منذ سنوات ورغم اختلاف أسماء هذه العروض إلا أنها عرض واحد مميت وممل، فابتعدت اللجنة عن الأسماء الكبيرة وعن الأصنام التى احتلت فضاء المسرح المصرى بالقوة، وذهبت إلى الشباب، إلى إبداع حقيقى جديد ومغاير من حقه أن يحصل على فرصة، كما حصلت هذه الأصنام على فرص عديدة من قبل! ربما أعمالهم ليست عظيمة بلغة ومفهوم هؤلاء الكبار لكنه تيار جديد وسوف يستمر فى السنوات السابقة متجاهلاً وغير عابئ بصراخكم وعويلكم أنتم ومن معكم ، نعم ثمة روح جديدة تتخلق فى سماء المسرح المصرى وحتى وإن كان لنا ملاحظات فنية.

والغريب والمحزن أيضاً أن هذا الغضب وهذا العويل لا يكون متاحاً إلا دفاعاً عن المصالح الشخصية، وأسأل هؤلاء ماذا فعلتم حين أغلقت المسارح أبوابها وحين ضاعت بعض المسارح لصالح الورثة أو تم هدمها على مدى السنوات السابقة، وهذا حدث كثيراً ومازال يحدث، ماذا فعلتم وأنتم تعرضون للمقاعد الفارغة ويشترى بعضكم بطاقات العرض حتى يتم اكتمال الجانب القانونى وتستمر العروض.. بالطبع لم يفتح أحد فاه ويتكلم فهذا شأن يخص المسرح المصرى ولا يخصكم مادام بعيداً عن الجوائز والمصالح الشخصية!

أين كان كل هذا الصراخ، كل هذا البكاء والعويل حين تم تزوير تاريخ المسرح المصرى منذ ثلاث سنوات على أرض مصر فى مهرجان أقامته دولة أخرى وشاركت فيه جحافل من المسرحيين المصريين فى الأبحاث واللجان والندوات والتنظيم، أيضاً لم يفتح أحد فاه واكتفى الجميع بالصمت خوفاً من غضب الجهة الداعية التى تمنح وتمنع، فقط أثار الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعى الناقد عبد الناصر حنفي، وكتبت أنا المقال الأول شارحاً فيه حجم الكارثة ومنبهاً للجريمة وآثارها فى جريدة أخبار الأدب التى تبنت القضية، وكتبت الناقدة عبلة الروينى والدكتورة نجوى عانوس والباقى دفن وجهه فى الرمال مخافة أن يجرح مشاعر الجهة التى احتضنت الجريمة! كنت أتمنى أن أشاهد هذه الانتفاضة دفاعاً عن تاريخ المسرح المصرى ولكن الدفاع عن الجوائز أهم دون شك وفقاً لقناعتكم الشخصية. ولأن لجنة التحكيم لا حيلة لها فهى لم تمنحكم الجوائز ولا تملك أن تمنحكم شيئاً آخر فيما بعد فهم ليسوا من المسئولين أو أصحاب العطايا والمنح!

ماذا فعلتم حين أراد البعض بيع ذاكرة المهرجان التجريبى لدولة أخرى بل وبيع هوية المهرجان، أقول لكم :البعض صفق وبارك ودافع عن الجريمة ولولا تدخل وزارة الثقافة أى لولا تدخل الحكومة لاكتملت الجريمة !ولم يفتح أحد فاه ويتكلم أيضاً، وكتبت أيضاً مدافعاً ومعى الشخصيات السابقة والتزم الجميع الصمت، وبالطبع انتفضوا دفاعاً عن الجوائز فكيف يحصل عليها هؤلاء الشباب هذه جريمة، فهؤلاء من حقهم الجوائز والتكريمات والمناصب وإدارة المسارح وعلى الشباب أن يذهبوا إلى الجحيم.  

وبدلاً من شق الصدور والتمرغ فى الرماد وبدلاً من تقطيع الوجوه من شدة الندب والعويل حزناً لأنكم مرة واحدة لم تتقدموا الصفوف وتحصدوا الجوائز وتصعدوا منصات التكريم اذهبوا وشاهدوا هؤلاء الشباب، شاهدوا المخرجة الشابة الموهوبة منار زين فى عرض “تغريبة بنت الزناتي” قبل إعلان الحرب، والمخرج المتميز محمد جبر الذى قدم من قبل عرضاً فى مسرح القطاع الخاص لم يكلف الدولة جنيهاً واحداً واستمر خمس سنوات يشاهده الجمهور من 2011 وحتى 2016 شرائح عديدة من الشباب والكبار شاهدوا عرض 1980 وانت طالع و بينما أنتم تعرضون بأموال الشعب المصرى عروضكم المميتة للمقاعد الفارغة فى القاعات الصغيرة، شاهدوا عرض مسرح الشباب الذى كتبه محمود الحدينى وأخرجه كمال عطية وحاز على العديد من الجوائز وأنتم تعرفون أن الدنيا قد تغيرت.

شاهدت هذا العام عروضاً للشباب من الجامعة، ومن معهد الفنون المسرحية، ومن مسارح الهواة بعضها حصل على جوائز والبعض لم تذكره الجوائز ولكن سيذكره الجمهور جيداً، نعم شاهدت روحاً جديدة فى عروض مثل” التجربة الدنماركية” المأخوذ عن هاملت والذى يقدم محاكاة ساخرة لأشهر مآسى شكسبير ويحولها إلى مادة للضحك وظنى أنه لولا إفراط فريق العمل فى الكوميديا وطول العرض الذى استمر لمدة ساعتين ونصف لحصل على جائزة كبرى، وفى عرض “سالب صفر” الذى يعالج مسألة علمية من خلال الحوار الدرامى والمنظر المسرحى يشاهد الجمهور روحاً جديدة ورؤية مغايرة للسائد والمألوف، وفى عرض« برنتانيا» الذى قدمه شباب المعهد العالى للفنون المسرحية يشاهد الجمهور استلهام هذا الجيل لروح ثورة 1919، وهذا ما لم يفكر فيه الكبار.

كنت أنتظر أن يقوم هؤلاء بتشجيع الشباب الذين حصلوا على الجوائز بدلاً من إعلان الحرب عليهم وعلى لجنة التحكيم، ولكن طبول الحرب دقت قبل أن يبدأ المهرجان لإرهاب اللجنة التى خيبت ظنونهم وانتصرت للضمير الحى ومنحت المواهب الصاعدة الجوائز، التى هى فقط للتشجيع سواء للكبار أو الصغار لا أكثر ولا أقل، فهناك العشرات الذين حصدوا الجوائز من قبل ولا يعرفهم أحد وليس لهم أى تأثير، والعكس صحيح هناك من لم يحصدوا الجوائز من المخرجين أمثال سمير العصفورى ومراد منير وسواهم وتأثيرهم فى المسرح المصرى والأكثر موهبة بالإضافة إلى محسن حلمى الذى رفضوا منحه جائزة التفوق فى حياته ولم يفتح فاه أو يتكلم ترفعاً وخجلاً ومنحوه له بعد وفاته “ بالعافية “ وهو الأكبر موهبة بين أبناء جيله.  

وبعيداً عن سرادق العزاء الذى أقامته هذه الأقلية حزناً على الجوائز هناك روح جديدة فى المسرح المصرى أقرب إلى ماحدث فى تسعينيات القرن الماضى سوف يكون تأثيرها واضحاً فى الأيام القادمة فما شاهدته من عروض فى دورة المهرجان القومى الرابعة عشرة وأيضاً العروض التى قدمها طلبة المعهد العالى للفنون المسرحية فى المهرجان الذى يقام كل عام لمشاريع التخرج يؤكد أن روحا جديدة سوف تكون لها الكلمة العليا، ففى المائدة المستديرة التى أقامها المهرجان القومى لكتّاب المسرح فى سياق المحور الفكرى تحت عنوان” الكتابة المسرحية وسلطة الصورة “ وسعدت بإدارتها ومحاورة ما يقرب من خمسة عشر كاتباً مسرحيا من أجيال واتجاهات مختلفة، الجميع تقريبا تحدث عن معاناته فى وصول نصه إلى خشبة المسرح! وأخيرا فى هذا السياق أذكر الراحل لينين الرملى الذى منحته لجنة تحكيم النص المسرحى فى جائزة ساويرس المركز الثانى حين تقدم للجائزة وفاز بالمركز الأول المخرج المسرحى الراحل محمد أبو السعود عن نص أفريقيا أمي، كان تعليق لينين الرملى حين سألته عن رأيه أن هذا رأى اللجنة وهذا تذوقها للمسرح، وهز رأسه وابتسم بسخرية الواثق من نفسه هذا أمر لا يعنينى حتى لو استبعدوا مسرحيتى من المنافسة، ورد فعل هذا الكاتب المسرحى الكبير لا يحتاج إلى تعليق أو تفسير.

قاسم عبده قاسم... مسيرة حياة

يتوالى رحيل الأحبة، بغياب قاسم عبده قاسم فقدت صديقًا آخر من أصدقاء العمر، صديق وأستاذ، عرفته قبل حوالى خمسين عامًا، واستمرت العلاقة إلى أسابيع قليلة مضت قبل رحيله.
  امتدت رحلة حياته ما بين السادس والعشرين من مايو عام 1942 والسادس والعشرين من سبتمبر الماضي؛ رحلة حافلة بالعطاء المتنوع والمتعدد فى مجالاته، منذ ستينيات القرن الماضى حتى غيابه عنا؛ فبين العمل الأكاديمي، بحثًا وتدريسًا وتأسيسًا، والعمل العام فى المجالين السياسى والثقافي، كانت مسيرة قاسم عبده قاسم التى ترك فيها بصمات واضحة وعلامات مؤثرة.
 التحق قاسم الشاب بكلية الآداب بجامعة القاهرة فى العام الدراسى 1963/1964، واختار دراسة التاريخ، وشارك فى الأنشطة الاجتماعية والترفيهية للطلاب، واكتسب شعبية واسعة بين زملائه ومحبة من أساتذته، فوفق شهادة المهندس أشرف عاشور ابن أستاذه، الذى شارك فى معسكر طلابى بالإسكندرية كان والده مشرفًا عليه وكان قاسم بين الطلاب المشاركين فيه، يصفه بأنه “كان ينفرد بشخصية تلفت الانتباه، كان محبوبًا من زملائه ويقودهم فى كثير من الأنشطة، وبدا عليه الذكاء وروح المبادرة وحاسة المرح وخفة الظل، كان من الواضح أنه يتمتع بالقدرة على اكتساب حب واحترام كل من كانوا حوله من طلبة ومشرفين وإداريين من الجنسين”.

لم ينحصر اهتمام قاسم عبده قاسم فى مجال تخصصه الدقيق فى تاريخ العصور الوسطى، فلم يكن الرجل مثل غيره من الأكاديميين التقليديين فى مجال الدراسات التاريخية الذين لا يتعدون فى دراساتهم وأبحاثهم حدود التخصص الدقيق، لقد تعامل مع دراسة التاريخ باعتبارها منهجًا قابلا للتطبيق على العصور التاريخية المختلفة

لقد تخرج قاسم عبده قاسم فى عام 1967، وعمل بمطار القاهرة، وفى نفس الوقت واصل دراسته العليا بقسم التاريخ فى شعبة تاريخ العصور الوسطى، تحت إشراف أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة القاهرة الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور، وأثناء دراسته العليا تفجرت الحركة الطلابية فى فبراير 1968، وبدأت مشاركته فى النشاط السياسى بشكل واضح منذ ذلك الحين، ففى ذلك الوقت كان طلاب الدراسات العليا يشاركون فى الأنشطة الطلابية، وكان لهم ممثليهم فى الاتحادات الطلابية، واستمر حضور قاسم عبده قاسم طالب الدراسات العليا بكلية الآداب ومشاركته فى النقاشات والأنشطة الطلابية طوال سنوات صعود الحركة الطلابية فى النصف الأول من السبعينيات.

فى هذا السياق تعرفت على قاسم لأول مرة، كنت قد التحقت بكلية الآداب فى العام الدراسى 1972/1973، أتذكر أننا التقينا للمرة الأولى فى مكتب الدكتور محمد أنيس رئيس قسم التاريخ، فى اجتماعات الجمعية التاريخية لطلاب القسم، كنت طالبًا فى قسم التاريخ، وكان هو يعد رسالته للدكتوراه، ومن يومها لم تنقطع الصلة، جمعتنا نشاطات عامة فى العمل السياسي، وأنشطة فى الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وتعلمت من كتبه ودراساته المتميزة فى تاريخ المماليك، ومن كتاباته فى مجال التراث الشعبي، وأعماله المهمة فى الربط بين التاريخ والأدب والفلكلور، ومن ترجماته المتعددة، وفى سنة 1995 كان واحدا من أعضاء لجنة مناقشتى فى رسالتى للدكتوراه.

يعد قاسم عبده قاسم أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة الزقازيق أحد أبرز أعلام المدرسة التاريخية المصرية المعاصرة؛ ففى تخصص تاريخ العصور الوسطى عامة، والدراسات المملوكية ودراسات تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب فى العصور الوسطى خاصة، نستطيع أن نرصد ثلاثة أجيال من الأكاديميين الذين أسهموا إسهامًا بارزًا فى هذا الحقل؛ يفصل بين كل جيل منهم والجيل الذى يليه عقدان، وفى كل جيل كان هناك رائد ترك بصمته فى التخصص، وكان قاسم عبده قاسم الرائد فى الجيل الثالث، جيل السبعينيات.

يعتبر محمد مصطفى زيادة الرائد الأول للدراسات المملوكية ومؤسس مدرستها فى الجامعات المصرية وفى بعض الجامعات العربية، فى مطلع الثلاثينيات، فقد عُين بعد عودته من البعثة مدرسًا لتاريخ العصور الوسطى فى الجامعة المصرية، فأسس بذلك تخصصًا جديدًا فى الجامعات المصرية والعربية، يجمع بين دراسة تاريخ الشرق والغرب فى تلك المرحلة، كان موضوع رسالته «العلاقات الخارجية لمصر فى القرن الخامس عشر الميلادى» ومن هنا جاء اهتمامه بالدراسات المملوكية.

وقد أكمل تلميذه سعيد عبد الفتاح عاشور المسيرة فى الدراسات المملوكية، وأصبح من أبرز المتخصصين المصريين والعرب فى تاريخ المماليك منذ الخمسينيات من القرن الماضى حتى وفاته عام 2009، ويعد المؤسس الثانى لمدرسة تاريخ العصور الوسطى عامة ومدرسة الدراسات المملوكية خاصة، وقد حصل على درجة الدكتوراه عام 1955 فى موضوع: “الحياة الاجتماعية فى مصر فى عصر سلاطين المماليك” وكانت رسالته تأسيسًا لاتجاه جديد فى الدراسات المملوكية، يهتم بدراسة التاريخ الاجتماعي، وقد وجه سعيد عاشور فيما بعد عددًا من تلاميذه للدراسة فى هذا الاتجاه، وكان قاسم أبرزهم.

ويعد قاسم عبده قاسم الرائد الثالث فى مجال الدراسات المملوكية، والأبرز بين المتخصصين فى جيله، ومؤسس مدرسة أكاديمية جديدة فى جامعة الزقازيق منذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت خلال سنوات قليلة المدرسة الأهم فى الدراسات المملوكية فى مصر، وقد اتجه إلى مواصلة الدراسة فى التاريخ الاجتماعى لعصر المماليك مثل أستاذه، ونشر قاسم عبده قاسم أكثر من ثمانين بحثًا وخمسة وعشرين كتابًا مؤلفًا منذ عام 1976، بالإضافة إلى ما قام به من ترجمات للدراسات الغربية الحديثة.

لقد بدأ قاسم عبده قاسم دراسته فى فترة برز فيها الاهتمام بدراسة التاريخ الاجتماعى والاقتصادى، فاتجه فى رسالته للماجستير إلى دراسة النيل فى عصر المماليك، وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية فى حياة المصريين وانعكاساتها السياسية، وقد صدرت هذه الدراسة فى سنة 1978 فى كتاب بعنوان: «النيل والمجتمع فى عصر سلاطين المماليك»، ثم تواكبت دراسته للدكتوراه مع الاتجاه نحو الدراسات التى تركز على طبقة أو طائفة أو فئة اجتماعية فى مصر فى العصور الوسطى، فاختار موضوعًا للدكتوراه عن أهل الذمة فى مصر العصور الوسطى، وقد صدرت عام 1977 فى كتاب بنفس العنوان بعد عامين من حصوله على درجة الدكتوراه، وقد أعيد طبع الكتابين أكثر من مرة، كما أصدر فيما بعد فى عام 1987 دراسة مستقلة عن اليهود فى مصر منذ الفتح العربى حتى الغزو العثماني، وقدم بحثًا مستقلًا عن أوضاع المسيحين فى مصر فى عصر سلاطين المماليك، أضاف فيهما لما قدمه فى رسالته للدكتوراه.

وقد اتخذت دراسات قاسم عدة اتجاهات؛ أولها دراسات التاريخ الاجتماعى والاقتصادى لعصر المماليك، وقدم فيها بالإضافة للدراسات السابقة، كتابه دراسات فى تاريخ مصر الاجتماعى – عصر سلاطين المماليك الذى صدرت طبعته الأولى عام 1979، وأبحاثه عن أسواق القاهرة فى عصر سلاطين المماليك (1976)، والمجاعات والأوبئة فى مصر زمن سلاطين المماليك (1983)، والحرف والصناعات المرتبطة بالحياة اليومية فى مصر – عصر سلاطين المماليك (1988)، وبعض ملامح الحياة الاجتماعية فى الشام فى عصر الحروب الصليبية (1994).

أما الاتجاه الثانى فى دراسته والذى يعد رائدًا فيه فى مجال دراسات تاريخ المماليك، فكان دراسة التراث الشعبى كمدخل لدراسة التاريخ؛ ويشكل هذا الاتجاه فى أعمال قاسم عبده قاسم إضافة جديدة فى حقل الدراسات التاريخية عن عصر المماليك من خلال ربطه بين التاريخ والتراث الشعبى واعتماده مصدرًا للدراسات التاريخية، ومن أهم دراسته فى هذا المجال: كتابه وبين التاريخ والفلكلور 1993، وأبحاثه المتعددة وأهمها: السيرة الشعبية مصدرًا لدراسة التاريخ الاجتماعى، والحروب الصليبية فى ألف ليلة وليلة، والشخصيات التاريخية فى سيرة الظاهر بيبرس، والأعمال الثلاثة صدرت فى عام 1986، ثم دراسته عن النيل فى الأساطير العربية (1987) والأدب الشعبى وسيلة لدراسة التاريخ الثقافى (1988)، والموروث الشعبى والدراسات التاريخية – خطط المقريزى دراسة تطبيقية (1994)، والرؤية الشعبية للأحداث التاريخية (1996)، وشجر الدر بين السيرة الشعبية والتاريخ (1999).

كذلك أحيا اتجاه ربط دراسة التاريخ بدراسة الأدب والشعر، ذلك الاتجاه الذى بدأه المؤرخ الرائد محمد صبرى السوربونى فى العشرينيات من القرن الماضي، وانزوا عند الباحثين من الأجيال التالية؛ ومن أهم ما قدمه فى هذا المجال: كتابه بين الأدب والتاريخ الصادر فى عام 1986، وأبحاثه: الشعر والتاريخ – قراءة فى شعر حافظ وشوقى فى مجلة فصول (1982)، وفى نفس السياق قدم قراءة فى شعر الحركة الصليبية فى المجلة التاريخية المصرية (1984)، والرواية التاريخية عند محمد فريد أبو حديد قراءة فى رواية ابنة المملوك (1997)، والرواية والتاريخ تفاضل أم تكامل؟ (2005)، والرواية والتاريخ – زمن الازدهار (2009)؛ وقد انعكس اهتمام قاسم عبده قاسم بالأدب على أسلوبه فى الكتابة فابتعد عن الجفاف الأكاديمى واللغة التقريرية، وتميزت كتاباته بأسلوبها الشيق الجذاب.

- وفى سياق اهتمامه بالعلاقة بين الآداب والفنون المختلفة ودراسة التاريخ قدم بحثًا فى ندوة السينما والتاريخ التى نظمتها لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة سنة 2009 بعنوان: هل هناك أفلام تاريخية عربية؟
وقد فتح قاسم عبده قاسم بهذه الدراسات المجال أمام الباحثين فى حقل دراسات تاريخ مصر فى العصور الوسطى لاستخدام الأعمال الأدبية ونصوص التراث الشعبى والأعمال الفنية كمصادر للدراسة التاريخية، بعد أن كان هذا الاتجاه غير مرحب به فى أقسام التاريخ إلا فيما ندر، وكان الباحث الذى يرغب فى نهج هذا الاتجاه يقابل باستهجان من الأساتذة التقليديين المسيطرين على أقسام التاريخ لسنوات، وقد سار بعض من أبرز طلابه على هذا النهج، وفى مقدمتهم عمرو عبد العزيز منير الذى وجه جزءا من جهوده البحثية لدراسات المورثات الشعبية واستخدامها مصدرًا للدراسة التاريخية.

أما الاتجاه الثالث فدراساته حول التاريخ السياسى لعصر المماليك، وأهمها كتبه المرجعية: الأيوبيون المماليك بالاشتراك مع على السيد، وعصر سلاطين المماليك – التاريخ السياسى والاجتماعى 1998، فى تاريخ الأيوبيين والمماليك 2001، كذلك دراسته عن الملك المظفر سيف الدين قطز، وأبحاثه عن القدس فى عصر سلاطين المماليك (1990)، ومفهوم السلطة فى عصر سلاطين المماليك (2002)، كما اهتم بدراسة علاقات مصر المملوكية بالعالم فى بحثين؛ الأول عن مصر وعالم البحر الأحمر فى عصر الجراكسة (1978)، والثانى حول علاقات مصر والحبشة فى عصر سلاطين المماليك (1987).

كذلك كانت الحروب الصليبية من الموضوعات التى اهتم بها قاسم عبده قاسم تأليفًا وبحثًا وترجمة، وقدم فيها رؤية جديدة، وتشكل دراسته حولها اتجاهًا رابعًا فى أعماله، وكان أول أبحاثه فى هذا المجال دراسته عن صورة المقاتل الصليبى فى المصادر التاريخية العربية الذى نشره فى المجلة التاريخية المصرية عام 1978، ثم درس الاضطهادات الصليبية ليهود أوروبا (1981)، وفى عام 1987 نشر دراسة مهمة فى مجلة المستقبل حول الحروب الصليبية فى الأدبيات العربية واللاتينية واليهودية، وفى نفس العام قدم  دراسته عن التجربة الصليبية من المنظور المعاصر للصراع العربى الإسرائيلي، وقد نشرها فى الكويت، وفى عام 1989 كتب عن الأصول التوراتية للحركة الصليبية والحركة الصهيونية، وفى العام التالى قدم بحثًا فى مؤتمر العلاقات العربية الإسبانية بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد طه حسين بعنوان: «مؤرخو الحروب الصليبية بداية الاستشراق»، وقدم فى سنة 1994 دراسة عن مشكلة المصطلح فى تاريخ الحروب الصليبية، وفى عام 2001 قدم بحثًا الصراع حول مصر فى أثناء الحروب الصليبية فى ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة، لكن تبقى دراساته الأهم فى هذا المجال هى كتابيه الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية (1983) وماهية الحروب الصليبية، الذى صدر فى سلسلة عالم المعرفة فى الكويت عام 1990، وكما ذكر الدكتور سليمان العسكرى الأمين العام السابق للمجلس الوطنى للثقافة والفنون فى الكويت، فإن هذا الكتاب الأخير يقدم رؤية جديدة فى المدرسة التاريخية العربية المعاصرة للحروب الصليبية.

ومن المجالات التى اهتم بها قاسم عبده قاسم كذلك دراسات التاريخ الفكرى والثقافى فكتب عن فكرة التاريخ عند شمس الدين السخاوى (1980)، وعن الثقافة والعلوم فى عصر سلاطين المماليك (1996)، كما قدم قاسم عبده قاسم دراستين عن ابن خلدون فى إطار الاحتفالية المشتركة بين المجلس الأعلى للثقافة المصرى ومكتبة الإسكندرية، الأولى فى القاهرة بعنوان: «ابن خلدون وكيف قرأه المؤرخون العرب»، والثانية بعنوان: «أزمة المفكر فى ظل نظام استبدادى: ابن خلدون نموذجًا».

وتميزت دراساته بالاعتماد على الوثائق كمصدر مهم للتأريخ؛ ففى رسالته عن أهل الذمة فى مصر فى العصور الوسطى، درس أوضاع أهل الذمة فى مصر فى العصور الوسطى مستعينا بالوثائق الأرشيفية، كما قام بنشر وثيقة من وثائق دير سانت كاترين ودراستها 1977، وقدم بحثًا حول وثائق مكتبة دير سانت كاترين كمصدر للتاريخ الاجتماعى فى مجلة الفرع الإقليمى العربى للمجلس الدولى للأرشيف نشرت سنة 1999.

ولقاسم عدد من الدراسات حول قضايا المنهج فى الكتابة التاريخية، منها: إعادة قراءة التاريخ لا كتابته، هل يمكن تزوير التاريخ، الرؤية الح ضارية للتاريخ، تطور منهج البحث فى الدراسات التاريخية، فكرة التاريخ عند المسلمين، قراءة التاريخ.

ولم ينحصر اهتمام قاسم عبده قاسم فى مجال تخصصه الدقيق فى تاريخ العصور الوسطى، فلم يكن الرجل مثل غيره من الأكاديميين التقليديين فى مجال الدراسات التاريخية الذين لا يتعدون فى دراساتهم وأبحاثهم حدود التخصص الدقيق، لقد تعامل مع دراسة التاريخ باعتبارها منهجًا قابلا للتطبيق على العصور التاريخية المختلفة، فقدم عدة دراسات أخرى فى موضوعات بعيدة عن تاريخ العصور الوسطى، تخصصه الدقيق، منها على سبيل المثال: تطور الفكر السكانى عند العرب، يهود مصر فى التاريخ الحديث، رمضان فى كتابات المؤرخين المصريين، القاهرة وتطورها التاريخي، هجرة اليهود من المغرب إلى مصر، الحج من الهند إلى الأراضى المقدسة، الذهب والعاصفة رحلة إلياس الموصلى إلى أمريكا، العلاقة بين المشرق والمغرب فى ضوء القراءة الشعبية لتاريخ – الدولة الفاطمية نموذجًا، العرب وأوروبا التطور التاريخى لصورة الآخر، اليهود فى الحضارة العربية الإسلامية.
 كما كتب فى عدد من القضايا التى تتجاوز حدود الدراسات التاريخية بحكم اهتماماته الثقافية والسياسية المتعددة، ومن هذه الكتابات: البعد الثقافى فى الصراع العربى الإسرائيلي، والمشروع الثقافى العربى هل هو حلم قابل للتحقيق، وأزمة الإنسان والكتاب فى الوطن العربي، ومشكلات الترجمة فى مجال الدراسات الإنسانية والاجتماعية، وجمهورية الخوف صورة للعراق تحت حكم صدام من الداخل، كما كانت له مشاركات فى ندوات عدة تناول فيها قضايا فكرية وسياسية عامة، منها ندوات: رؤية قومية للتاريخ العربي، الدين والمجتمع العربي، المفهوم السياسى للدولة، حول أزمة الخليج واحتلال العراق للكويت.

وقد قدم قاسم عبده قاسم طوال هذه السنوات عددا من الترجمات المهمة لدراسات غربية من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية عن الحروب الصليبية وتاريخ العصور الوسطى ومناهج البحث فى التاريخ، ليسهم فى تطوير قدرات الباحثين واطلاعهم على كل جديد، وليثرى المكتبة العربية بهذه الترجمات.

منذ قرابة ربع قرن كان قاسم عبده قاسم يتحدث فى ندوة فى الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وكان يقول إننا لا نملك مدارس تاريخية فى مصر، ربما نملك زهورا متفتحة ومتفرقة هنا وهناك لكن جامعاتنا لم تنجح فى تأسيس مدارس للدراسات التاريخية، إلا أن المفارقة هنا أن الرجل عند رحيله كان قد نجح بالفعل فى تأسيس مدرسة تاريخية لدراسة تاريخ العصور الوسطى تلتف حوله وتتكون بشكل أساسى من تلاميذه ومن المتأثرين بإسهامه العلمى، ولم تقف هذه المدرسة عند حدود كلية الآداب بجامعة الزقازيق التى التحق بها قاسم عبده قاسم منذ حصوله على الدكتوراه فى عام 1975، بل امتدت إلى مختلف الجامعات المصرية وإلى بعض الجامعات العربية خاصة جامعة الكويت التى أسهم خلال عمله بها لعدة سنوات فى تطوير دراسة تاريخ العصور الوسطى بقسم التاريخ بها.

إلى جانب تأسيس المدرسة البحثية فى دراسات تاريخ العصور الوسطى، كان قاسم يمتلك حلمًا راوده منذ بدايات مشواره، حلم تأسيس مركز للدراسات والبحوث التاريخية والاجتماعية، يحقق من خلاله طموحه وطموح الزملاء والتلاميذ الذى لا تتسع أسوار جامعاتنا بأزماتها ومعوقاتها لتحقيقه، وكانت الخطوة الأولى التى تحققت بالفعل تأسيس دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، وقد أصدرت الدار خلال ما يزيد على ربع قرن مئات من الدراسات والترجمات المتخصصة فى التاريخ والأدب والاجتماع والفلكلور، فأثرت المكتبة العربية بما قدمته، وكانت الخطوة التالية التى حلم بها قاسم، أن تصدر الدار مجلة محكمة متخصصة فى الدراسات الاجتماعية والإنسانية، ثم اكتمال الحلم بتحول الدار إلى مركز للبحوث والدراسات، لكن ليس كل ما نحلم به نتمكن من تحقيقه، لقد أنجز الرجل الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدف، وربما على تلاميذه ومحبيه استكمال الطريق لتتحول دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية إلى مركز قاسم عبده قاسم للبحوث والدراسات.

ورغم كثافة انتاجه العلمى لم يبتعد قاسم عبده قاسم عن العمل العام أبدًا، فقد شارك أنشطة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية منذ السبعينيات، ثم فى عضوية مجلس إدارتها بين عامى 1981 و1987 ثم بين عامى 1994 و2001، وأسهم بقوة فى إدارتها وتطويرها، وبحكم اهتماماته المتنوعة انضم لعضوية جمعية التراث الشعبى بمصر، والمجلس القومى للثقافة العربية بالمغرب، واللجنة العربية لعلم الاجتماع بتونس.

كذلك كانت له مساهماته المتعددة فى أنشطة المجلس الأعلى للثقافة، من خلال عضويته فى لجنة التاريخ بالمجلس لدورات متتالية، كما انضم لعضوية اللجان الاستشارية لمكتبة الإسكندرية منذ افتتاحها فى عام 2002؛ وفى المؤسستين أسهم فى ندواتهما ومؤتمراتهما، وفى أعمال الترجمة التى اضلعت بها المؤسستان.

أما مساهماته فى العمل السياسى بعد مرحلة الحركة الطلابية فقد بدأت عندما أسس المهندس إبراهيم شكرى حزب العمل الاشتراكى فى أواخر السبعينيات، حيث انضم قاسم إلى عضوية الحزب، وتولى مناصب قيادية فيه وأصبح عضوًا فى هيئته العليا، وشارك بقوة فى أنشطته لقرابة عشر سنوات، وذلك قبل أن يسيطر على الحزب التيار الإسلامي، وعندها ترك الحزب، وإن لم يترك المشاركة فى العمل العام.

كذلك عندما تأسست لجنة الدفاع عن الثقافة القومية فى أعقاب توقيع اتفاقية السلام، وحملت على كاهلها عبء مقاومة التطبيع الثقافى مع إسرائيل، وكانت اللجنة تعمل إطار حزب التجمع الوطنى التقدمى والوحدوى وتضم أعضاء من أحزاب وتوجهات سياسية مختلفة، شارك قاسم عبده قاسم فى أنشطة اللجنة، ومن ضمن مساهمته بحث نشر فى العدد السابع من كتاب المواجهة الذى كان يصدر عن اللجنة، وكان عنوانه «حطين الذكرى الثمانمائة والزمن الرديء».

لم يكن قاسم عبده قاسم أكاديميًا تقليديًا مجتهدًا، لم يكن باحثًا نمطيًا فى مجال الدراسات التاريخية، بل كان مثقفًا صاحب مشروع فكرى يتصدى لمشكلات الوطن فى لحظة الأزمة التاريخية، وكانت أبحاثه ودراساته تشكل جزءًا من هذا المشروع؛ ولعل كلمات تلميذه المقرب إلى قلبه الدكتور عمرو عبد العزيز منير فى تقديمه للكتاب الذى صدر احتفاءً بسبعينية قاسم عبده قاسم ترسم فى كلمات قليلة صورة الرجل وتلخص مشروعه؛ قال عمرو فى وصف أستاذه: «وبدا شيخنا الدكتور قاسم طوال رحلته العلمية المشرقة عالمًا يبحث عن جوهر وظيفة المؤرخ فى أمته، يتحيز لها وينحاز لقضاياها، ويعلن عن انتمائه إلى هذه الأمة مفتخرًا بذلك، ولكن ليس هذا النوع من الفخر الذى يقعده متغنيًا بمجدها الغابر، أو بماضيها الذهبي، أو البكاء على أطلالها، وإنما بالبحث عن الحى فى الأمة فى عالم أفكارها وحياتها وفاعليتها، البحث عن ضرورات الأحياء ومساراته فيها، ملتزمًا بأصول ذاكراتها الحضارية الحافزة الدافعة الرافعة، رغبة منه لإحياء كل ما يعينها على البقاء والحياة والشهود.»

لقد غاب قاسم عبده قاسم حقًا، لكنه ترك لنا ميراثًا علميًا وإنسانيًا يبقيه حيًا، وترك مدرسة من تلاميذه عليها مسئولية مواصلة طريقه، وترك نموذجًا ملهمًا للأكاديمى وللمثقف المتفاعل مع قضايا الوطن، وترك مشروعات تنادينا لاستكمالها.