رحيق السطور

حسابات الإخوان الخاطئة

كتاب الحسابات الخاطئة
كتاب الحسابات الخاطئة

لا يمكن أن نفهم أفكار عناصر الإخوان فى دولة الإمارات وممارستهم إلا بالوقوف على هذا المسلك والتصور لدى «جماعة الإخوان المسلمين» بشكل عام، نظرًا إلى أن التابعين لجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعى أو المنتسبين إلى الجماعة سرًا بالإمارات هم جزء لا يتجزأ من التنظيم العام للإخوان المسلمين ويدينون له بالولاء، هذا ما يؤكده د.جمال سند السويدي، المفكر والخبير الاستراتيجى الإماراتي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، فى كتابه الجديد: (جماعة الإخوان فى دولة الإمارات العربية المتحدة..الحسابات الخاطئة)، والذى يرصد فيه مخاطر الجماعة الإرهابية فى الخليج العربى عامة، والإمارات العربية خاصة، وقد انعكست فكرة الجماعة الأم على الإخوان بدولة الإمارات لنجدهم أيضًا قد انقسموا إلى تيارين، الأول متشدد قطبي، ويمثله حسن الدقي، الذى يعتقد أن أفكار سيد قطب هى الصحيحة، ويجب اتباعه، والثانى هو تيار حسن البنا ويمثله الدكتور محمد الركن.

وقد يكون الفرق بين الاتجاهين ليس بين تطرف واعتدال، إنما هو اختلاف تكتيكي، بين من يريد أن يتمهل فى السيطرة على المجتمع، ويتكيف معه، ومن يريد القفز إلى السلطة، وينظر إلى المجتمع على أنه جاهلى أو كافر، وهناك سببان أساسيان وراء تأليفه للكتاب، الأول هو توثيق مرحلة مهمة من تاريخ الإمارات، والتى لا توجد كتب كثيرة تتطرق إليها، ويكمن الثانى فى توضيح مدى امتعاض الشعوب من الجماعات الدينية المتطرفة ومنها «الإخوان»، إضافة إلى إبراز حقيقة أن هذه الجماعات لا تمثل الدين الإسلامى ولا تعكس قيمه، وكانت الشعوب فى الماضى تمثل حاضنة لهذا النوع من الجماعات، وما حصل الآن هو تغير جذرى فى هذا المسار، فى ظل الرفض الشعبى لهذه التنظيمات، كانت معركتها فى السابق تنحصر فى مواجهة أنظمة الحكم، وحاليًا انتقل الصراع إلى مواجهة بينها وبين الشعوب، وجاء التركيز على جماعة الإخوان، نظرًا لكونها من أقدم هذه الجماعات، وأكثرها تأثيرًا فى العالم العربي، والجماعات الدينية بكل أنواعها سواء أكانت «إخوان» أم جهادية أم غيرها هدفها واحد هو الوصول للحكم، وأظهرت الأحداث أن الكلام عن تعاطف الشعوب مع خطابها أمر غير صحيح، ويخلُص المؤلف إلى أن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين يتضمَّن تضاربًا هائلًا، وبونًا شاسعًا بين المبادئ والتطبيق، وبين المثاليَّة الخطابيَّة والانتهازيَّة التنفيذيَّة؛ فالجماعة لم تتوانَ طوال تاريخها عن استغلال الظروف ومعطيات الواقع لتحقيق مآربها والسعى وراء أهدافها من دون أية قراءة حصيفة للمتغيرات المحيطة بها، وتُراهِن على المهارات الخطابية الإنشائية لرموزها وقياداتها فى استقطاب العواطف واللعب على المشاعر من دون عمل جادّ على أرض الواقع، وفى الفصل الثانى من الكتاب يعود بنا المؤلف إلى فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؛ ليتتبَّع الإرهاصات الأولى لنشأة جماعة الإخوان المسلمين فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وشَهْرِها رسميًّا فى عام 1974م باسم جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعى فى إمارة دبي، وإنشاء فروع لها فى إمارَتَي: رأس الخيمة وعجمان تحت شعار العمل الخيرى الاجتماعي؛ فى حين لم يُسمَح لها بإنشاء فروع فى كلٍّ من إمارة الشارقة وإمارة أبوظبي،وفى الفصل الثالث يبيّن المؤلف كيف حاولت جماعة الإخوان المسلمين الإطاحة بحكومة دولة الإمارات؛ مستغلَّة أحداث ما سُمى بالربيع العربي، وعريضة مارس 2011م، حيث اعتقدت الجماعة أنه حان الوقت للاستيلاء على السلطة والحكم، مقتديةً بجماعة الإخوان المسلمين فى مصر وتونس، وهو ما اتضح لاحقًا أنه اعتقاد واهِمٌ مستندٌ إلى حسابات خاطئة.