في سباق لحصد اللايكات وزيادة المشاهدات

كارثة جديدة اسمها قنوات الروتين اليومي

قنوات الروتين اليومي
قنوات الروتين اليومي

كتب: محمد عطية

تيك توك، يوتيوب، أنستجرام، وغيرها هي مواقع تواصل فكري ومعلوماتي مفيدة علميًا واجتماعيًا، هذا إن أحسنا استخدامها، لكن هواة الثراء السريع وبعض من تجردوا من أي حياء أو قيمة أخلاقية، كان لهم رأي آخر، واستخدموها فيما لا يليق.

ورغم أن أجهزة الدولة تقف بالمرصاد لكل الخارجين عن القانون وتقاليد المجتمع، إلا أن البعض لا يرتدع، واليوم أمامنا ظاهرة جديدة وهي الروتين اليومي للتحايل على القانون لنشر الفسق بطرق مختلفة مثل الظهور في فيديوهات تحصد اللايكات والمتابعين، بفلترات أومتخفيات وراء النقاب وغيرها من الأساليب. 

بعد القبض والحكم على العديد من فتيات التيك توك وغيرهم، انتشرت الفترة الأخيرة ظاهرة جديدة عبر اليوتيوب ومنصات السوشيال ميديا وهي قنوات «الروتين اليومي» وهي عبارة عن قنوات بها العديد من الفيديوهات لنساء داخل منازلهن يظهرن بملابس لا تليق أن يظهرن بها إلا داخل المنزل فقط، بعضهن يرتدين ملابس ضيقة وشفافة ويقمن بحركات وإيحاءات جنسية وذلك أثناء أداء الأعمال المنزلية من تنظيف وطبخ وغيرها من طلبات المنزل أمام الكاميرا ويركزونها على أجسادهن دون وضوح الوجه، وهناك بعض السيدات يظهرن بوجوههن ولكن يرتدين النقاب على هذه الملابس الضيقة حتى لا يتعرف عليهن أحد، وذلك من أجل تجميع عدد أكبر من المشاهدات، لكن الأغرب تفكيرهن في التحايل على القانون عن طريق وضع فلاتر أو ارتداء النقاب للهروب من العدالة.

ولأن العائد المادي من السوشيال ميديا مرتبط بعدد المشاهدات فاتجهت منشئات تلك القنوات إلى أبعد الحدود، فبالرغم من أن عناوين بعض الفيديوهات وهي «الروتين اليومي» والتي تشير إلى تمحورها حول الطبخ والتنظيف والأعمال المنزلية، إلا أن المضمون يكشف عن شيء آخر.

لذلك ليس من المستغرب أن تلقى مثل هذه الفيديوهات تفاعلاً كبيرًا وتحصد أعدادًا أكبر من مشاهدات المراهقين وغيرهم، حيث تخطى ما حققته إحدى القنوات أكثر من نصف مليون مشاهدة، الأمر الذي أثار الجدال بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

هناء ورشا وشهد

بدأت «أخبار الحوادث» بالبحث في فيديوهات اليوتيوب والتيك توك لنجد أمامنا فيديو بعنوان «يومي غسيل ستائر خليها زي الفل من يد الست المصرية» بقناة تحت اسم «يوميات الأسطورة هناء» تظهر في بداية الفيديو سيدة ترتدي جلبابا لونه برتقالي وتغطي وجهها بنقاب وتبدأ بمقدمة لما ستفلعه في يومها ثم تطلب التفاعل معها والليكات والمشاركة ثم تظهر وهي تقف داخل طبق وتبدأ بغسيل الستائر داخل الحمام في الوقت ذاته تقوم بعمل كل شيء أمام المشاهدين دون مراعاة لحرمانية جسدها وماتفعله.

  واصلنا البحث لنجد فيديو آخر في قناة باسم «يوميات رشا الحنونة»، الفيديو مدته حوالي 9 دقائق بعنوان «تعالوا نعمل اجمل صنية بطاطس» ووصلت مشاهداته إلى حوالي 2 مليون مشاهدة!، وبمجرد فتح الفيديو ستجدها ترتدي نقابًا لتغطية وجهها وجلبابا رماديًا نصف كم خفيف الوزن يظهر مفاتن جسدها بالكامل وهي تقف داخل مطبخها وتبدأ بعمل الوصفة وتشرح لمشاهديها ما تفعله.


 وفي قناة أخرى باسم «يوميات شهد» وجدنا فيديو بعنوان «روتين يومي لفلاحة مصرية في المطبخ» وبمجرد فتح الفيديو تجد امرأة مصرية ريفية تقف بجلباب أحمر ضيق وترتدي كمامة طبية وخلفها مطبخ من الطوب الأحمر وتبدأ حديثها باستعطاف الناس كون البيت بسيط وكونها فلاحة بسيطة وتطلب من المشاهدين عدم الاستهزاء بها؛ بل تطلب المشاركات واللايكات والتشجيع للاستمرار.


  وفي قناة «الغزالة فوفا» والتي يتعدى متابيعها حوالي 30 ألف والمعروفة «بروتين فوفا» فهي سيدة في اوائل العقد الرابع من العمر تظهر دون أن تخفي ملامح وجهها لكنها تظهر دائمًا بملابس ضيقة لتظهر مفاتن جسدها وتتعمد أن تظهرها وغالبًا ما تواجه الكاميرا بظهرها، والمثير أنها تذكر وتؤكد أن زوجها لا يمانع في ظهورها بهذا الشكل، لكن الأسوأ كان في التعليقات التي تطلب منها ارتداء جلباب لونه احمر أو ارتداء ملابس معينة سبق ان ارتدتها من قبل والأغرب التعلقيات من أطفال قائلين؛ «يا طنط إلبسي العباية الشيفون، يا طنط نزلي الكاميرا على جسمك شوية»!
 وباستكمال البحث وجدنا العديد من الفيديوهات منها لشقيقتين بإحدى القرى، وتظهران داخل حظيرة الماشية، وفيديو آخر لفتاة ترتدي بنطلون وتيشرت قصير يظهران مفاتن جسدها اثناء قيامها بعض الأعمال المنزلية بشكل غير لائق، واستكمالنا البحث في العديد من الفيديوهات وجدنا أن جميعهن يبدأن يتحدثن للجمهور بمقدمة معروفة؛ وهى تشجعيهن لمشاهدى اليوتيوب على الاشتراك فى القناة وتفعيل زر الجرس لتحقيق أكبر عدد من المتابعات والمشاهدات ليحصدن حفنه من الدولارات دون التفكير في شيء آخر.

فعل فاضح علني

تواصلت «أخبار الحوادث» مع إسلام محمد المحامي لمعرفة العقوبة القانونية عن ما يقدم من محتوى خادش خلال تلك الفيديوهات أمام ملايين من المشاهدين عبر منصات السوشيال ميديا، فقال: إن تلك الجريمة في عرف القانون هي فعل فاضح علني، ويتعارض مع قيم المجتمع المصري، وتصل عقوبتها كنص المادة 25 إلى الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أوأرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته أو منح بيانات شخصية إلى نظام أوموقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة، اما المادة 26 تنص بالعقاب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه لا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس بالكرامة أوالشرف.