«النوفيلا».. رواية قصيرة تواكب العصر

«النوفيلا».. رواية قصيرة تواكب العصر
«النوفيلا».. رواية قصيرة تواكب العصر

حسن‭ ‬حافظ

عبر‭ ‬صفحات‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬المئة‭ ‬إلا‭ ‬قليلا،‭ ‬يبدع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬كتّاب‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬أو‭ (‬النوفيلا‭)‬،‭ ‬وهى‭  ‬الصورة‭ ‬التى‭  ‬تتوسط‭ ‬الرواية‭ ‬الطويلة‭ ‬والقصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬لكى‭  ‬تكون‭ ‬مساحة‭ ‬وسطاً‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬تقنيات‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية‭ ‬والقصصية‭ ‬معا،‭ ‬فهى‭  ‬عمل‭ ‬يُقرأ‭ ‬فى‭  ‬جلسة‭ ‬واحدة‭ ‬ربما،‭ ‬لكنها‭ ‬تترك‭ ‬فى‭  ‬النفس‭ ‬علامة‭ ‬لا‭ ‬تزول،‭ ‬ربما‭ ‬لذلك‭ ‬أبدع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الكتّاب‭ ‬فى‭  ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬الأدبى‭  ‬على‭ ‬مدار‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬استمرار‭ ‬ازدهارها‭ ‬مع‭ ‬إيقاع‭ ‬القرن‭ ‬الحادى‭ ‬والعشرين‭ ‬اللاهث‭ ‬الراكض‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬مواصلة‭ ‬ازدهار‭ ‬فن‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬التى‭  ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬وزمان‭ ‬واحد،‭ ‬سيكون‭ ‬طبيعيا‭ ‬خصوصا‭ ‬أنها‭ ‬نبتة‭ ‬تراث‭ ‬عريق‭ ‬فى‭  ‬الثقافة‭ ‬العالمية‭.‬

 

تعدُّ‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬استجابة‭ ‬حقيقية‭ ‬لتطورات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬الذى‭ ‬شهد‭ ‬تسريع‭ ‬الإيقاع‭ ‬فى‭ ‬نمط‭ ‬الحياة،‭ ‬فبعدما‭ ‬شهدت‭ ‬الرواية‭ ‬الملحمية‭ ‬التى‭ ‬تتجاوز‭ ‬الألف‭ ‬صفحة‭ ‬كما‭ ‬ظهرت‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬االحرب‭ ‬والسلامب‭ ‬لتولستوى،‭ ‬أو‭ ‬االإخوة‭ ‬كارامازوفب‭ ‬لدوستويفسكي،‭ ‬أو‭ ‬الثلاثية‭ ‬لنجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬قمة‭ ‬تطورها،‭ ‬أفسحت‭ ‬المجال‭ ‬لازدهار‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬التى‭ ‬بدأت‭ ‬تعرف‭ ‬طريقها‭ ‬سريعا‭ ‬إلى‭ ‬صدارة‭ ‬المشهد‭ ‬الإبداعى‭ ‬العالمي،‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬أبرزها‭ ‬اقلب‭ ‬الظلامب‭ ‬للبولندى‭ ‬جوزيف‭ ‬كونراد،‭ ‬وامزرعة‭ ‬الحيوانب‭ ‬للبريطانى‭ ‬جورج‭ ‬أورويل،‭ ‬واالعجوز‭ ‬والبحرب‭ ‬للأمريكى‭ ‬إرنست‭ ‬همنجواي،‭ ‬واليس‭ ‬لدى‭ ‬الكولونيل‭ ‬من‭ ‬يكاتبهب‭ ‬للكولومبى‭ ‬جابرييل‭ ‬جارثيا‭ ‬ماركيز‭.‬

وترجع‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬بجذورها‭ ‬فى‭ ‬الأدب‭ ‬العالمى‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬االديكاميرونب‭ ‬للأديب‭ ‬الإيطالى‭ ‬جيوفانى‭ ‬بوكاتشيو،‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬الذى‭ ‬عُدّ‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬بواكير‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وتم‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬النوفيلا‭ ‬أى‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬على‭ ‬القصص‭ ‬التى‭ ‬تضمنها‭ ‬العمل‭ ‬الروائى‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الحكي،‭ ‬ليكتب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬كتّاب‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬منوال‭ ‬عمل‭ ‬بوكاتشيو،‭ ‬حتى‭ ‬اكتملت‭ ‬فنيًا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بقرون،‭ ‬بينما‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬القصص‭ ‬التى‭ ‬تضمنها‭ ‬العمل‭ ‬الإنسانى‭ ‬الخالد‭ ‬األف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلةب‭ ‬هى‭ ‬البداية‭ ‬الحقيقية‭ ‬لهذا‭ ‬الفن،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وأثر‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أجيالها‭ ‬الأدبية‭ ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬بوكاتشيو‭ ‬نفسه‭.‬

ورغم‭ ‬الجذور‭ ‬المتعددة‭ ‬للرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬فإنها‭ ‬ظهرت‭ ‬بوضوح‭ ‬كشكل‭ ‬فنى‭ ‬متكامل‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬ليتم‭ ‬وضع‭ ‬تعريف‭ ‬لهذا‭ ‬الفن‭ ‬الروائى‭ ‬يقول‭ ‬بأن‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬هى‭ ‬العمل‭ ‬المبدع‭ ‬إبداعا‭ ‬نثريا‭ ‬محققا‭ ‬التوازن‭ ‬الدقيق‭ ‬بين‭ ‬الإيجاز‭ ‬المعبر،‭ ‬وبين‭ ‬التوسع‭ ‬السردى‭ ‬المعمق،‭ ‬وهما‭ ‬عنصران‭ ‬يعتمد‭ ‬عليهما‭ ‬أساسا‭ ‬فن‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬فهو‭ ‬فن‭ ‬يستفيد‭ ‬بأفضل‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬فنى‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬والرواية‭ ‬معا،‭ ‬لتتجه‭ ‬الآراء‭ ‬للقول‭ ‬بأن‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬كلمة،‭ ‬و40‭ ‬ألف‭ ‬كلمة،‭ ‬وعرفها‭ ‬الأديب‭ ‬العالمى‭ ‬ماركيز،‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬برع‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬بأنها‭ ‬مثل‭ ‬عمود‭ ‬الخرسانة‭ ‬تصب‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة،‭ ‬بينما‭ ‬الرواية‭ ‬مثل‭ ‬البيت‭ ‬العالى‭ ‬تتعدد‭ ‬فيه‭ ‬الشرفات،‭ ‬فالرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬عمل‭ ‬فنى‭ ‬شديد‭ ‬التكثيف‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬الشخصيات‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬استخدام‭ ‬اللغة‭.‬

وأصبح‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬لغة‭ ‬أوروبية‭ ‬من‭ ‬يمثل‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬فنجد‭ ‬فى‭ ‬ألمانيا‭ ‬الروائى‭ ‬توماس‭ ‬مان،‭ ‬الذى‭ ‬أبدع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬القصيرة،‭ ‬مثل‭ ‬اتريستانب،‭ ‬واتونيو‭ ‬كروجرب،‭ ‬واماريو‭ ‬والساحرب،‭ ‬واالموت‭ ‬فى‭ ‬البندقيةب‭ ‬التى‭ ‬تعدُّ‭ ‬درة‭ ‬من‭ ‬درر‭ ‬الأدب‭ ‬الألمانى‭ ‬وواحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأنضج‭ ‬الروايات‭ ‬القصيرة،‭ ‬التى‭ ‬أثرت‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأجيال‭ ‬الأدبية‭ ‬منذ‭ ‬صدورها‭ ‬عام‭ ‬1912،‭ ‬وكذلك‭ ‬رواية‭ ‬اسد‭ ‬هارتاب‭ ‬لهيرمان‭ ‬هسا،‭ ‬ونجد‭ ‬بالألمانية‭ ‬أيضا‭ ‬رواية‭ ‬االمسخب‭ ‬للروائى‭ ‬التشيكى‭ ‬فرانز‭ ‬كافكا،‭ ‬التى‭ ‬تعدُّ‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الروايات‭ ‬القصيرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

وفى‭ ‬أمريكا‭ ‬ازدهر‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الروائى‭ ‬هرمان‭ ‬ملفيل‭ ‬صاحب‭ ‬الرواية‭ ‬الملحمية‭ ‬اموبى‭ ‬ديكب،‭ ‬إذ‭ ‬كتب‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ ‬بعنوان‭ ‬ابينيتو‭ ‬سيرينوا‭ ‬ونشرها‭ ‬عام‭ ‬1855،‭ ‬لتصبح‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬علامة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بينما‭ ‬ألف‭ ‬الفرنسى‭ ‬ألبير‭ ‬كامو‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ ‬بعنوان‭ ‬االغريبب‭ ‬لتصبح‭ ‬منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬نشرها‭ ‬1942،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الروايات‭ ‬القصيرة‭ ‬عالميا‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنها‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬موجة‭ ‬العبث‭ ‬التى‭ ‬اجتاحت‭ ‬العالم‭ ‬فى‭ ‬أثناء‭ ‬مرحلة‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬كتب‭ ‬الروائى‭ ‬الفرنسى‭ ‬جان‭ ‬بروليه‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ ‬بعنوان‭ ‬اصمت‭ ‬البحرب،‭ ‬التى‭ ‬نشرها‭ ‬تحت‭ ‬الاسم‭ ‬المستعار‭ ‬فركور،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الألمانى‭ ‬لبلاده‭.‬

وأصبح‭ ‬للرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬مكانتها‭ ‬وحضورها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬المصرية،‭ ‬فنجد‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬يكتب‭ ‬روايات‭ ‬قصيرة‭ ‬عديدة‭ ‬يؤسس‭ ‬بها‭ ‬لهذا‭ ‬الفن‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬إذ‭ ‬كتب‭ ‬رائعته‭ ‬ايوميات‭ ‬نائب‭ ‬فى‭ ‬الأريافب‭ ‬كرواية‭ ‬قصيرة‭ ‬عام‭ ‬1937،‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬رواية‭ ‬اأشعب‭ ‬ملك‭ ‬الطفيليينب،‭ ‬واستخدم‭ ‬مصطلح‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ ‬فى‭ ‬عمله‭ ‬اراقصة‭ ‬المعبدب‭ (‬1939‭)‬،‭ ‬التى‭ ‬ضم‭ ‬إليها‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬االعوالمب‭ ‬ونشرتا‭ ‬معاً‭. ‬كما‭ ‬أبدع‭ ‬الأديب‭ ‬يحيى‭ ‬حقى‭ ‬رائعته‭ ‬اقنديل‭ ‬أم‭ ‬هاشمب‭ ‬فى‭ ‬شكل‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ (‬1944‭)‬،‭ ‬التى‭ ‬تعدُّ‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الروايات‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

وبداية‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬النصف‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬مع‭ ‬أدباء‭ ‬الأجيال‭ ‬الشابة‭ ‬التى‭ ‬انطلقت‭ ‬بالتوازى‭ ‬مع‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬1952،‭ ‬ويعدُّ‭ ‬يوسف‭ ‬إدريس،‭ ‬الذى‭ ‬أبدع‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬كتّاب‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬وأحد‭ ‬روادها‭ ‬الكبار،‭ ‬فنجد‭ ‬أن‭ ‬جل‭ ‬إنتاجه‭ ‬الروائى‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬خانة‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬مثل‭: ‬االحرامب‭ ‬1959‭ ‬واالعيبب‭ ‬1962،‭ ‬واالعسكرى‭ ‬الأسودب‭ ‬1962،‭ ‬وارجال‭ ‬وثيرانب‭ ‬1964‭. ‬ويعتبر‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الكتّاب‭ ‬المصريين‭ ‬والعرب‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬فنجد‭ ‬لديه‭ ‬عدة‭ ‬أعمال‭ ‬يمكن‭ ‬وضعها‭ ‬تحت‭ ‬خانة‭ ‬هذا‭ ‬الفن،‭ ‬فصاحب‭ ‬االثلاثيةب‭ ‬واالحرافيشب،‭ ‬كتب‭ ‬روايات‭ ‬قصيرة‭ ‬شديدة‭ ‬الإبداع،‭ ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬أعماله‭ ‬التى‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬االكرنكب‭ ‬1974،‭ ‬وارحلة‭ ‬ابن‭ ‬فطومةب‭ ‬1983،‭ ‬وايوم‭ ‬قتل‭ ‬الزعيمب‭ ‬1985‭.‬

وازدهر‭ ‬فن‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬عند‭ ‬كتّاب‭ ‬جيل‭ ‬الستينيات،‭ ‬فنجد‭ ‬بهاء‭ ‬طاهر‭ ‬يتألق‭ ‬فى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬القصيرة‭ ‬التى‭ ‬حفرت‭ ‬اسمه‭ ‬كأحد‭ ‬كبار‭ ‬المبدعين‭ ‬المصريين،‭ ‬إذ‭ ‬كتب‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬ابالأمس‭ ‬حلمت‭ ‬بكب،‭ ‬واأنا‭ ‬الملك‭ ‬جئتب،‭ ‬واشرق‭ ‬النخيلب،‭ ‬واقالت‭ ‬ضحىب،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬أبرز‭ ‬روائعه‭ ‬اخالتى‭ ‬صفية‭ ‬والديرب،‭ ‬بينما‭ ‬كتب‭ ‬خيرى‭ ‬شلبى‭ ‬روايته‭ ‬القصيرة‭ ‬االسنيورةب،‭ ‬وكتب‭ ‬سليمان‭ ‬فياض‭ ‬روايته‭ ‬اأصواتب،‭ ‬ويمكن‭ ‬عد‭ ‬معظم‭ ‬أعمال‭ ‬إبراهيم‭ ‬أصلان‭ ‬خصوصا‭ ‬عمله‭ ‬الأشهر‭ ‬امالك‭ ‬الحزينب،‭ ‬ضمن‭ ‬الروايات‭ ‬القصيرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬لما‭ ‬تميز‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أسلوب‭ ‬خاص‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التكثيف‭ ‬والتجريد‭ ‬يناسب‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬الإبداعية‭.‬

واستمرت‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬ازدهار،‭ ‬إذ‭ ‬كتب‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبدالمجيد‭ ‬روايات‭ ‬قصيرة‭ ‬عدة‭ ‬منها‭: ‬اليلة‭ ‬العشق‭ ‬والدمب،‭ ‬واالصياد‭ ‬واليمامةب،‭ ‬واقناديل‭ ‬البحرب،‭ ‬واشهد‭ ‬القلعةب،‭ ‬بينما‭ ‬كتبت‭ ‬سلوى‭ ‬بكر‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ ‬بعنوان‭ ‬امقام‭ ‬عطيةب،‭ ‬وكتب‭ ‬محمد‭ ‬جبريل‭ ‬روايته‭ ‬القصيرة‭ ‬االأسوارب،‭ ‬بدوره‭ ‬كتب‭ ‬صبرى‭ ‬موسى‭ ‬روايته‭ ‬القصيرة‭ ‬احادث‭ ‬النصف‭ ‬مترب،‭ ‬ومحمد‭ ‬سلماوى‭ ‬االخرز‭ ‬الملونب،‭ ‬ومحمد‭ ‬حجاج‭ ‬االزلزالب،‭ ‬أما‭ ‬أهم‭ ‬رواية‭ ‬قصيرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربى‭ ‬فهى‭ ‬ارجال‭ ‬فى‭ ‬الشمسب‭ ‬لغسان‭ ‬كنفاني‭.‬

الناقد‭ ‬حسن‭ ‬الجوخ،‭ ‬صاحب‭ ‬كتاب‭ ‬االرواية‭ ‬القصيرةب،‭ ‬يوضح‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأدبية‭ ‬ويقول‭: ‬اانتشار‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬من‭ ‬تاريخنا‭ ‬المعاصر،‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬أسباب‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال،‭ ‬التى‭ ‬تمارس‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬الأدب‭ ‬وإيقاعه‭ ‬وفنياته،‭ ‬إذ‭ ‬أدت‭ ‬سرعة‭ ‬إيقاع‭ ‬العصر‭ ‬فى‭ ‬التغيير‭ ‬والتطور،‭ ‬وسرعة‭ ‬تغيُّر‭ ‬التوجهات‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وتوالى‭ ‬أحداث‭ ‬عالمية‭ ‬مؤثرة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬شكلا‭ ‬سردًيا‭ ‬يتساوق‭ ‬وإيقاع‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الراكض‭ ‬اللاهث‭ ‬المتوترب‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تطور‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬وازدهارها‭ ‬وتطورها‭ ‬المطرد‭ ‬فى‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وضع‭ ‬كتّاب‭ ‬الرواية‭ ‬الطويلة‭ ‬فى‭ ‬مأزق‭ ‬صعب،‭ ‬من‭ ‬ثم‭ ‬أخذوا‭ ‬يتوجهون‭ ‬إلى‭ ‬شكل‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة،‭ ‬كمحاولة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المأزق،‭ ‬بل‭ ‬راحوا‭ ‬يدمجون‭ ‬بين‭ ‬فنى‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬والرواية،‭ ‬مستجيبين‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬لروح‭ ‬عصرهم‭ ‬وطبيعته‭ ‬وسرعة‭ ‬إيقاعه،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الضغوط‭ ‬التى‭ ‬يعانيها‭ ‬الإنسان‭ ‬المعاصر‭ ‬المتوتر،‭ ‬ورغبته‭ ‬الدائمة‭ ‬فى‭ ‬التغيير‭ ‬والتجديد،‭ ‬تجعله‭ ‬لا‭ ‬يُقبل‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬الطويلة‭ ‬أو‭ ‬الملحمية‭ ‬ذات‭ ‬القواعد‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬المحددة،‭ ‬مما‭ ‬هيّأ‭ ‬فرصا‭ ‬ذهبية‭ ‬لكتّاب‭ ‬الرواية‭ ‬القصيرة‭ ‬فانتشرت‭ ‬رواياتهم،‭ ‬واتسعت‭ ‬قاعدة‭ ‬قرائهمب‭.‬