مدير عام المساجد بالأوقاف: الصلاة على النبي طريق الرضا الإلهي

 د. أسامة فخرى الجندى
د. أسامة فخرى الجندى

سيرة النبى صلى الله عليه وسلم تحيي فى كل مسلم نوازع الخير وتطفئ مشاعل الشر وتهذب النفس وتجعلها مهيأة دوما للانتصار على الهوى، أما الصلاة عليه فهى النور الذى يسبح بالأرواح فى فضاءات من الرضا الإلهى وعن فوائد الصلاة على المصطفى يقول د. أسامة فخرى الجندى مدير عام المساجد بوزارة الأوقاف:
 
قال تعالى: (إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى ‌النبى ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (الأحزاب: 56).

فإن للصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فضائلَ عظيمة ومِنَحًا جليلة منها؛ تشريف المُصَلِّى على النبى صلى الله عليه وسلم بإبلاغِ سلامِهِ للرسولِ صلى الله عليه وسلم. 


وردّ الرسول صلى الله عليه وسلم عليه السلام؛ حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ للَّهِ ملائِكةً سيَّاحينَ فى الأرضِ يبلِّغونى عن أمتيَ السَّلامَ»، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَىَّ رُوحِى حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ».

وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكْثِرُوا الصلاةَ عليَّ، فإنَّ اللهَ وكَّلَ بى ملَكًا عند قبرى، فإذا صلَّى عليَّ رجلٌ من أُمَّتِى قال لى ذلك المَلَكُ:يا محمدُ إنَّ فلاناَ بنَ فلانٍ صلَّى عليك الساعةَ».
 
ومن فضائل الصلاة على رسول الله ما قاله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن مُسلِمٍ يصلِّى عليَّ إلَّا صلَّت عليهِ الملائِكةُ ما صلَّى علَيَّ فليُقلَّ العَبدُ من ذلِكَ أو ليُكثِرْ».

كفاية الهموم ومغفرة الذنوب: فعن أبى بن كعب (رضى الله عنه) أنه قال: يا رسولَ اللهِ إِنَّى أُكْثِرُ الصلاةَ عليْكَ فكم أجعَلُ لكَ من صلاتِي؟ فقال

«ما شِئْتَ»، قال : قلتُ الربعَ، قال: «ما شئْتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ»، قلتُ : النصفَ، قال : «ما شئتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ»، قال : قلْتُ فالثلثينِ قال: «ما شئْتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ»، قلتُ : أجعلُ لكَ صلاتى كلَّها ؟، قـال : « إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ».

ومن عظيم فضائل الصلاة على رسول الله نيل شفاعته (صلى الله عليه وسلم)، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضى الله عنهما) أنه سمع النبى (صلى الله عليه وسلم) يقول : «إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا.


 ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِى الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِى الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِى إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُــونَ أَنَا هُــوَ، فَمَــنْ سَــأَلَ لِى الْوَسِــيلَةَ حَلَّــتْ لَــهُ الشَّفَاعَةُ»، وقال (صلى الله عليه وسلم) : «أولى النَّاسِ بى يومَ القيامةِ أَكثرُهم عليَّ صلاةً».

وبالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع الدرجات وحطّ الخطايا والسيئات: يقول (صلى الله عليه وسلم) : «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ».

ومن لطيف الصلاة الإبراهيمية حين نقول اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم نذكر بعضًا من آراء العلماء فى ذلك ؛ للوقوف على مفهوم التشبيه فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بين المشبَّه والمشبَّه به.

فمنها: أن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة، لا للقَدْر بالقَدْر، فهو كقول القائل 
أحسن إلى والدك كما أحسنت إلى فلان، ويريد بذلك أصل الإحسان لا قَدْره ؛ فمن المعلوم ومما لا شك فيه أن قدر الوالد أرفع شأنا من أى فلان آخر.

ومنها: رفع المقدمة المذكورة أولا، وهى أن المشبه به يكون أرفع من المشبه، وأن ذلك ليس مطردًا ولا مطلقًا، بل قد يكون التشبيه بالمثل، بل بالدون، كما فى قوله تعالى: (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ 
وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالى؟ ولكن لما كان المراد من المشبَّه به أن يكون شيئًا ظاهِرًا واضِحًا للسَّامِع، حَسُنَ تشبيه النور بالمشكاة.

وكذا هنا: لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهورًا واضِحًا عند جميع الطوائف حسن أن يَطْلُبَ لسيدِنا محمد وآل سيدنا محمد بالصلاة عليهم مثل ما حصل لسيدنا إبراهيم وآل سيدنا إبراهيم.

ويؤيد ذلك ختم الطلب المذكور بقوله (فى العالمين) أى كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين، ولهذا لم يقع (فى العالمين)

إلا فى ذكر إبراهيم دون ذكر آل محمد على ما وقع فى الحديث. ومنها: وأحسن منه أن يقال: هو- صلى الله عليه وسلم- من آل إبراهيم، وقد ثبت ذلك عن ابن عباس (رضى الله عنهما) فى تفسير قوله: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) قال: محمد من آل إبراهيم، فكأنه أمرنا أن نصلى على محمد وعلى آل محمد خصوصًا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عمومًا، فيحصل لآله ما يليق بهم.