فى الصميم

لبنان.. إذا انفجر!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

بعد عامين من ثورة الشباب اللبنانى السلمية التى فاجأت الجميع، ها هو لبنان الشقيق يقف على حافة الحرب الطائفية التى يعرف كل اللبنانيين أنها ستكون النهاية الكارثية للبنان الذى نعرفه!


قبل عامين كان شباب لبنان يتحرك بوعى غير مسبوق. حيث توحد الكل ضد الفساد وتردى الأوضاع. كانت السمة الأساسية لتحرك الشباب هى تخطى حواجز الطائفية ورفض كل الطبقة السياسية التى تتسلح بالطائفية لتفسد كل شيء حتى وصلت- مع حريق ميناء بيروت والانهيار الاقتصادى الشامل- إلى إفلاس لا تريد الاعتراف به.


تراجعت الطبقة السياسية قليلا من باب المناورة، لكن كان واضحا من البداية أنها ستقاوم حتى النهاية دفاعا عن أوضاع فاسدة، وسترفض التغيير وستستخدم كل الأسلحة بما فيها الصراع الطائفى تسانده خطوط إمداد ودعم خارجى لا تأبه بمصلحة لبنان وشعبه، بل بنفوذها ومصالحها فى منطقة مازالت تدفع- عبر السنين- ثمن صراعات الآخرين على أرضها!!


انفجار الموقف فى لبنان لن يقف عند حدود البلد العربى الصغير الجميل بل سيكون بداية لانفجارات أخرى إذا لم يتغلب العقل قبل الكارثة. المنطقة كلها تمر بظرف دقيق. القوى الكبرى تعيد تمركزها، والقوى الإقليمية الطامعة تريد تثبيت مكاسبها على حساب العرب، والمتاجرون بالدين والطائفية مع حزب الفساد الداخلى يضعون أنفسهم فى خدمة المخططات المعادية كما تعودوا على مر السنين!!


فى المقابل.. كان هناك وعى ينمو بضرورة استعادة القرار الوطنى والتفاهم العربى كطريق وحيد مطلوب للانقاذ.. وكانت هناك جهود متواصلة لخلق جسور تعاون عربى مشترك كما حدث فى التوافق المصرى العراقى الأردنى، وكانت هناك إرادة صلبة للحفاظ على وحدة ليبيا واستكمال مسيرتها الانتقالية، وكانت هناك خطوات على طريق إنقاذ تونس الشقيقة مما أوصلها إليه حكم الإخوان. وكانت هناك خطوات ايجابية على طريق إنهاء محنة سوريا واليمن الشقيقتين.
الصراع فى لبنان وحوله هو جزء من الصراع الأكبر حول مصير المنطقة. وانفجار الأوضاع فى لبنان سيتعدى الحدود وسيكون إعلانا عن إغراق المنطقة من جديد فى طوفان الحروب بالوكالة. وهو - فى نفس الوقت - تأكيد على أن الطريق الوحيد الذى ينبغى أن نتمسك به هو الطريق الذى يمر بالدولة الوطنية وبالتعاون العربى المشترك.. بعيدا عن الطائفية والمتاجرين بالدين المتحالفين مع الفساد.


الحقائق التى ينبغى أن يدركها الجميع.. لبنان - إذا انفجر- فلن تكون هناك طائفة تزهو بانتصارها، لأن الجميع سيخسرون!!


ولبنان- إذا انفجر- فسوف تعبر آثار الانفجار إلى كل المنطقة. وسوف تكون الفرصة متاحة أمام مخطط التفجير الطائفى فى كل دول المنطقة!


ولبنان- إذا انفجر- فسوف يكون اعلانا بأن كل الأعداء المتحاربين على الأرض العربية «بالأصالة أو بالوكالة»، مستمرون فى عدائهم للدولة الوطنية، وللتعاون العربى المشترك- ولحرب شعوب المنطقة ضد الفساد والطائفية والاتجار بالدين.


ولبنان- إذا انفجر- فسوف يكون الانفجار فى وجه الجميع. قبل نحو نصف قرن كان هناك انفجار طائفى فى لبنان. تذكروا أسبابه ونتائجه على المنطقة كلها!! وتذكروا أن الوضع يختلف الآن، واللعبة أخطر، وخرائط دول المنطقة على موائد الذئاب التى لا تشبع أبدا!


إنقاذ لبنان مهمة عاجلة. لكن الأهم هو الاستمرار فى استعادة الدولة الوطنية والتعاون العربى طريقا أساسيا لبناء القوة الذاتية القادرة على إنهاء استباحة الأرض العربية لتكون ساحة للحروب بالوكالة، ولتكون قادرة على أن الحل بأيدينا إذا تحررت هذه الأيادى من قيود الطائفية والفساد والعمالة المتاجرة بالدين!!
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي