الشيخ عمر الديب: الإسلام يصون كرامة الإنسان فى كل مراحل عمره

الشيخ عمر الديب
الشيخ عمر الديب

يحتفل العالم فى أكتوبر من كل عام بيوم المسنين، تلك الفئة المباركة فى المجتمع التى أوصى الله عز وجل بمنزلتها فهم الآباء الذين تحملوا أعباء الصغار ليصلوا إلى  بر الأمان فقال تعالى:» فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما «، كما أوضح شفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم فضل كبار السن بقوله:» البركة مع أكابركم « لما لهم من مكانة خاصة فهم من يشفعون لأهل بيوتهم فى الآخرة ، وهذه إطلالة إيمانية وإنسانية للشيخ عمر الديب وكيل الأزهر الشريف الأسبق حول توقير وسماحة الإسلام لرعاية المسنين ، ووصايا الرسول صلى الله عليه وسلم عن كيفية التعامل معهم.

يقول الشيخ عمر الديب: يصون الإسلام كرامة الإنسان فى كل مراحل عمره ويخص كبار السن بالإحسان دون تمييز فى درجة القرابة أو العقيدة فقال تعالى عن الوالدين:« وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا» ، ولا تفرقة بين الآباء والأجداد فى هذا الإحسان عملا بقوله تعالى:« واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام » فإجلال الكبير واجب لمواجهة ما قد يلاقيه فى المجتمع من الفئات التى مازالت تنعم بالشباب وتقصر فى العطاء، ويضيف: معايير كبر السن لا تقاس بالسنوات فهناك كبار عاجزون وهم فى سن الستين وآخرون يعيشون بروح الشباب وهم فى سن الثمانين، ورعاية المسن لا تقتصر على تقديم الرعاية الصحية لهم بل إشعارهم بأن الأهل فى حاجة إلى مشورتهم وخبرتهم وعطائهم ويدعم ذلك مرافقتهم دائما وتوسيع دائرة صداقاتهم وإظهار الوفاء والاحترام لهم لإسعادهم، وللقادرين على العطاء أنصح بالتطوع لزيارة المسنين فى دور رعايتهم لتقديم العون النفسى والصحى لهم.

ويتابع: مرحلة تقاعد المسنين تقدير إيجابى لشيبة الإنسان وتأمين حياة كريمة له إلا أن لها جوانب سلبية كثيرة تأمل هذه الفئة التغلب عليها منها انخفاض الدخل والمقدرة الصحية وطول الفراغ لعدم إشراكهم فى الأنشطة المجتمعية فيلجأ المتقاعد الذى لم يخطط مسبقا للتعايش مع مرحلة ما بعد التقاعد بتعويض ذلك النقص بالتدخل فيما لا يعنيه فيضجر من حوله، أما من يتسلح بالعقيدة والإيمان فى شبابه فسيدرك فى الكبر أن أمامه رسالة لم تتم بعد مع الأبناء والأحفاد أو النشء فى مجتمعه لنقل تجاربه وخبرته إليهم ويتذكر قول على بن أبى طالب رضى الله عنه :(اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) فيكون ذلك حافزا لحياة جديدة بعد سن الستين يساعد فيها نفسه لخوض مرحلة الشيخوخة بنجاح.

ويضيف: مع تقدم العمر يحرص الكبير على عدم تغيير القديم فيحدث ما يسمى بصراع الأجيال ويتضح فى مداومة نقد الأجيال الشابة فى التصرفات والأقوال والآراء، أما المسن الذى يواصل النشاط الذهنى والبدنى فيكون أكثر مرونة لتقبل التغيرات الاجتماعية، ويؤكد: للأجداد نفس حقوق الآباء بل تزيد لما بلغوا من السن، والرسول صلى الله عليه وسلم الذى أوصى الشباب بشيوخ المجتمع فقال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»، ورسم لنا المنهج العملى لرعاية المسن فكان ينصت لشيخ مشرك ويفك أسر كبير ويتلطف مع مسن وهذا أبو بكر الصديق رضى الله عنه دخل ومعه والده أبو قحافة ليبايع النبى صلى الله عليه وسلم فلما رآه  صاحب الخلق الرفيع قال: (هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه  فيه)، كما تفردت السنة النبوية بما اعترف به الأطباء فيما بعد ومنها إن لجسد المسن عليه حق بالابتعاد عن الإرهاق حتى فى العبادة فحدث التخفيف للمسن غير القادر فى الصلاة ليصلى على الوضع الذى يتحمله، وتناول الطعام الصحى لمكافحة أمراض الشيخوخة بدون عقاقير وإنما بسنة عدم التقتير أو الإسراف فى الطعام والشراب، وربط الرسول صلى الله عليه وسلم رياضة المشى بعبادة الصلاة ليمارسها المسن القادر على الذهاب إلى المسجد فقال (إن أعظمكم أجرا أبعدكم دارا)، والتوصية النبوية بعدم التفريط فى أداء العبادات فإنها تورث الطمأنينة والراحة النفسية ليعالج المسن ما ينتابه من قلق وكأبة فى مرحلة الشيخوخة، وليتخذ كل من يعيش فى بيته مسن موعظة من سير دائرة الحياة فى قوله تعالى: «الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة».