أول سطر

الله أكبر وتحيا مصر

طاهر قابيل
طاهر قابيل

أول قصة واقعية سمعتها عن حرب أكتوبر 73 سمعتها من ابن عمى «محمد عبد الصبور» - رحمة الله عليه - قال إنه فى يوم من أيام المعركة كانت قواتنا بعد العبور تحتاج دعماً من الذخيرة ..

ولأنه سباح ماهر كلف بنقلها فلم يتوان أو يفكر فى الصعوبات التى ستقابله وقذائف العدو التى تتساقط حوله ..

فعبر قناة السويس وكله سعادة وفخر وهو يضع الصندوق على صدره حتى وصل لزملائه على الضفة الشرقية وسجد لله شاكراً بأرض سيناء الحبيبة وسط هتافات الله أكبر وتحيا مصر.


ابن عمى واحد من ملايين المصريين الذين عقدوا العزم وامتلأوا بالشجاعة لاختراق النار وحصون العدو على خط بارليف وتنفيذ مهامهم لننعم نحن والأجيال القادمة بالانتصارات وتحقيق الصعب الذى كان بالحسابات البشرية مستحيلاً ..

مما دفع وزير دفاع الجيش الإسرائيلى أن يقول إن أرض إسرائيل فى المكان الذى يضع فيه الجندى قدميه ..

لقد عشنا 6 سنوات من الظلام .. كنا أطفالاً لا نعرف شيئاً عن المعركة والنصر و الهزيمة ولكن كانت ترعبنا أصوات الطائرات الحربية والتحذيرات التى تطلقها الإذاعة المصرية بعدم التقاط أشياء من الأرض حتى لو أعجبتنا لأنها «شيراك خداعية» ألقاها العدو..

وعرفنا فى طفولتنا الإسراع للمخابئ بعد أن نسمع صفارات الإنذار ذات الصوت المزعج والمرعب ..

وأناس يمرون فى شوارعنا ينادون «اطفئوا النور» والزجاج مغطى «بالجلاد»أو مدهون باللون الأزرق.


حدثت المعركة وكنت وقتها بالصف الخامس الابتدائى وكنت مازلت أبكى الضحايا من أقرانى بمدرسة «بحر البقر» الذين استشهدوا فى العام السابق بقصف العدو الخسيس ونذالته وهم يدرسون فى الفصول وقد حرصت بعدما التحقت بمهنة الصحافة أن أذهب إلى تلك المدرسة والمتحف المقام بها ..ومازلت أتذكر «الدماء الجافة» على الكراريس والكتب «والمرايل» التى كنا نرتديها زياً بالمدارس الابتدائية .


عندما أعلنوا عن مشاركة تلاميذ المدارس والجامعات فى أول احتفال بالنصر فى عام 74 شاركت فيه وافتخر به ومازلت أتذكر ملابس القوات البحرية التى كنت ارتديها واحتفظت بها «امى» - رحمة الله عليها - حتى تكون ذكرى فخر وعزة لى ولجيلى وأبنائى ..

فانتصارات أكتوبر ليست يوماً أو حدثاً عادياً فهو عشقنا نقدره ونفخر به وتتوارثه الأجيال ونفخر برجال ضحوا بأنفسهم لكى ننعم نحن بالسعادة والأمن ..

وقد حرصت وأنا بالمرحلة الثانوية على زيارة» العريش» وألمس رمال سيناء والاستحمام بمياه قناة السويس بعد أن استعدنا أرض الفيروز ..

كما اصطحبت مجموعة من أبطال أكتوبر وعشت معهم يوماً واستمعت لحكاياتهم وبطولاتهم فى «كبريت» وزرت بقايا خط بارليف وتجولت فى «تبة الشجرة وعيون موسى»..أكتوبر 73 ستظل فخراً وعزة لكل المصريين.