الإثنين الأسود.. كيف تأثرت آثار مصر بزلزال 1992؟

تأثرت آثار مصر بزلزال 1992
تأثرت آثار مصر بزلزال 1992

فى الذكرى 29 لزلزال 92 .. مصر شهدت زلزالًا مدمرًا  في يوم 12 أكتوبر 1992 الساعة الثالثة و 9 دقائق عصرًا ، كان مركزه السطحي بالقرب من دهشور على بعد 35 كم جنوب غرب القاهرة استمر لمدة نصف دقيقة بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، ولكنه كان مدمرًا بشكل غير عادي بالنسبة لحجمه وقد تسبب في وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 آخرين لحجم الذعر الناجم عن الزلزال في القاهرة نفسها .

اقرأ أيضا: تفاصيل 82 ساعة لـ«أكثم» تحت الأنقاض

 وشرد حوالي 50000 شخص إذ أصبحوا بلا مأوى وشهدت مصرعدة توابع لهذا الزلزال استمرت على مدار الأربعة أيام التالية وكان هذا الحدث هو الأكثر تدميرًا من حيث الزلازل التي أثرت في القاهرة منذ عام 1847، كما أكده أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار .

 


وأوضح الدكتور ريحان أن الآثار كان لها نصيب من هذا التدمير خاصة مباني القاهرة التاريخية المسجلة تراث عالمي منذ عام 1979 والتي تقع في ثلاث نطاقات هي منطقة القلعة وإبن طولون، الجمالية والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودي والتي سجلت تراث عالمي باعتبارها من روائع العمارة الإسلامية حيث تتكامل فيها وظائف متعددة بتفرد شديد وهي نموذج لمدينة سكنية متكاملة بكافة وظائفها مثلت تفاعل المسلم مع بيئته فأنتجت تراث متميز يعبر عن طبقات زمنية متلاحقة في تناغم شديد.

كما اقترنت القاهرة بأحداث عدة وفترات حكم مختلفة كونت تراثها المعماري وما زالت حتى الآن، حيث أنها من أقدم مدن التراث الحي المستعمل نسبيًا حتى الآن وكذلك اقترنت بالعديد من المصنفات الأدبية التى سجلت مع ملف الترشيح كما فى ثلاثية نجيب محفوظ (قصر الشوق- بين القصرين- السكرية).

اقرأ أيضا: إنفوجراف| 10 معلومات عن زلزال 92

ونوه الدكتور ريحان إلى تأثر 210 آثر تضررت في زلزال 1992 من أصل 560 أثر وسقطت كتلة كبيرة من الهرم الأكبر في الجيزة وبدأت الدولة مشروع ترميم هذه الآثار منذ عام 1998، والذي تم على أربعة مراحل وتم ترميم العديد من الآثار المتضررة ، ومنها منطقة النحاسين وتتضمن مدرسة السلطان برقوق ومدرسة الناصر محمد وقاعة محي الدين أبو الصفا وحمام السلطان اينال، كذلك متحف النسيج الإسلامي ومنها ترميم  20 مسجد أثرى مثل مسجد السلحدار ومدرسة ومسجد برقوق والناصر برسباي و«القاضي يحيى زين الدين وأم الغلام بتكلفة 200 مليون جنيه وتم ترميم 33 أثرًا  بشارع المعز لدين الله الفاطمي الشارع الأثري الوحيد في العالم الذي يضم أقدم وأجمل آثار إسلامية على جانبيه ويبدأ من باب زويلة حتى باب الفتوح بطول 1200متر، وهو شارع يمثل قلب مدينة القاهرة القديمة ويضم شارع الخيامية والمغربلين وباب النصر،

كما يمتد إلى شارع الجمالية من ناحية الشرق ويتقاطع عرضيًا مع شارع جوهر القائد وشارع الأزهر كما تم  ترميم الأسبلة بشارع المعز لدين الله  لكي تساهم في الارتقاء الاجتماعي بسكان الشارع، مثل أسبلة محمد علي بالنحاسين وسبيل السلحدار وسبيل عبدالرحمن كتخدا وسبيل المظهر وسبيل حسين الشعيبي وسبيل نفيسة البيضاء وتقرر تحويل سبيل محمد علي بالنحاسين إلى متحف للنسيج الإسلامي مع مراعاة عدم إدخال أية تعديلات على ملامح المبنى من الداخل أو الخارج أو بنقوشه وزخارفه.

ولفت الدكتور ريحان إلى تطوير منطقة الدرب الأحمر بعد زلزال عام 1992 وقامت منظمة الأغاخان بدراسة 625 قطعة أرض ومبنى للوقوف على الإصلاحات المطلوبة وتم إعلان حى الدرب الأحمر حى ترميم خاضع لأحكام تخطيطية خاصة وتقديم حوافز للسكان ورفع كفاءة الساحات العامة والبنية الأساسية وحشد الجهود لتحسينات المنازل وتم ذلك بمساعدة المساهمين وخلق فرص عمل وتسهيلات وتدريب فى الحى وتدريب أصحاب الورش.

وأشار الدكتور ريحان بتكثيف الاهتمام بالقاهرة التاريخية فى الثمانية سنوات الماضية من حكم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لجمهورية مصر العربية والتى شملت ترميم وتطوير العديد من المواقع منها  .

مشروع لتخفيض منسوب المياه الجوفية بالفسطاط وتطوير المساكن المطلة على متحف الحضارة ومسح شامل للمنطقة الداخلية للفسطاط وافتتاح مشروع تطوير الجمالية بتكلفة 50 مليون جنيه وهى منطقة الأديب نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل فى الأدب والهدف منه الرجوع للمناسيب الأثرية للشارع وإيجاد صيغة تفاهم مع الأهالي المقيمين بالشارع،

وكذلك تجديد البنية التحتية بالكامل بكل مرافقها بما يضمن تحسين المستوى المعيشى بالمنطقة وحماية المباني الأثرية من أخطار التسربات من شبكات الصرف والتغذية ويجرى حاليًا خطة لتطوير سور مجرى العيون تشمل  مسار حدائقي من ميدان أبو الريش وحتى سور مجرى العيون وإنشاء حديقة سور مجرى العيون الحضرية بشكل عالمي وتوفير موقع  للصناعات الحرفية وتوفير خدمات مختلفة للزوار وإنشاء  منطقة خضراء يتخللها مسار مشاه رئيسي يتجه من الشمال إلى الجنوب وتطوير المباني حولها وعمل واجهات بلون واحد لها، وخلق منطقة تجارية وعامة وتحسين البيئة العامة والصحية لسكان المنطقة وتطوير شبكة البنية الأساسية وتأسيس مجتمع عمرانى بأنشطة غير ملوثة للبيئة سيجعل من المنطقة مزار عالمي بمقاييس اليونسكو.

ورصد الدكتور ريحان الافتتاحات للعديد من مشاريع ترميم وتطوير للآثار الإسلامية ومنها افتتاح مشروع ترميم مسجد وقبة ضريح الإمام الشافعي بالتعاون مع وزارة الأوقاف و السفارة الامريكية وترميم قبة قانصوة أبو سعيد بالتعاون مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وافتتاح وكالة الجداوي الأثرية بالأقصر بعد الانتهاء من ترميمها بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وافتتاح مجموعة من الآثار الإسلامية هي سبيل الأمير شيخو – ضريح الشرفا – سبيل رقية دودو – سبيل مصطفى سنان – واجهة حمام بشتاك – سبيل حسن أغا كوكليان.

ولفت إلى زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي لأهم وأشهر متحف مفتوح للآثار الإسلامية فى العالم وهو شارع المعز لدين الله في مارس 2021 واستمع إلى آراء الخبراء وآراء أصحاب المحلات والبازارات لمعالجة كل مشاكل القاهرة التاريخية بشكل جذرى ليطلق إشارة أكبر مشروع ترميم وتطوير فى القاهرة التاريخية والجارى تنفيذه حاليًا .

كما رصد الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية الدكتور حسين دقيل، أن في مثل هذا اليوم الـ 12 من أكتوبر لعام 1992م، وقع زلزال مدمر، يعرفه كل من عاشه منذ 29 عاما، وفي هذا الزلزال الذي لاقى فيه المئاتُ حتفهم وأصيب الآلاف وشُرد عشراتُ الآلاف، تعرض 212 أثرا تاريخيا بأضرار بالغة، ضمن ما يقرب من 600 أثر بالقاهرة التاريخية، بل وسقطت كتلة كبيرة من هرم خوفو بالجيزة. كما أن القبة الداخلية لهرم زوسر انهارت بعد هذا الزلزال ووقعت على التابوت؛ بل وأدى ذلك إلى سقوط أجزاء عديدة في المجموعة الجنائزية لهرم زوسر بشكل عام. وهي المجموعة التي تضم مع الهرم؛ الهرم الجنوبي، والمعبد الجنائزي، والطريق الصاعد، ومعبد الوادي، والمعبد الجنائزي، وأهرامات الملكات، والمقابر الجانبية، ومدينة العمال، وغيرها. 

وأضاف حسين دقيل ، فيما بعد تم ترميم هرم زوسر، وشمل الترميم خارج الهرم وداخله؛ حيث تم تطوير مسارات الزيارة المؤدية للهرم والممرات الداخلية المؤدية لبئر الدفن وأعمال ترميم التابوت الحجري، بالإضافة إلى أعمال الترميم الدقيق للحوائط.

وفضلا عن الآثار المصرية، فقد كانت الآثار الإسلامية من أكثر الآثار التي تعرضت للضرر نتيجة زلزال 1992م، فقد تعرض عدد ضخم من الآثار الإسلامية التاريخية للضرر؛ منها عدد كبير من المساجد والمآذن الأثرية منها؛ مئذنة مسجد الحنفي التي سقطت بشكل تام.

غير أن أعمال الترميم أنقذت فيما بعد 143 أثرا مسجلا بالقاهرة التاريخية - منها 33 أثرا بشارع المعز – ضمن مشروع ترميم تابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كمرحلة أولى، كان من ضمنها ترميم مجموعة الغوري ومسجد المؤيد شيخ والسور الشمالي وباب الفتوح، فيما تضمنت المرحلة الثانية من هذا المشروع ترميم مدرسة وقبة نجم الدين أيوب وسبيل كتاب خسرو باشا ومدرسة الظاهر بيبرس وقصر بشتاك وحمام إينال وجامع السلطان الكامل ومسجد السلطان برقوق ومدرسة وقبة الناصر قلاوون ومسجد علي المطهر ومسجد ومدرسة الأشرف بارسباي.

وشارك في مشروع الترميم المجلس الأعلى للآثار، وجهات أخري قدمت معونات مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي؛ الذي قدم منحة منأجل ترميم ثلاثة معالم أثرية كانت قد تعرضت للضرر نتيجة الزلزال أيضا، وهي بيت السحيمي وبيت الخرزاتي وبيت مصطفي جعفر.

أما المباني الثقافية التي تعرضت للضرر نتيجة زلزال 1992م، فقد شملت حوالي 17 بيت وقصر ثقافة، منها قصر الجوهرة، وقصر الأمر بشتاك، وقصر الأمير طاز الذي تعرض كثير من أركانه وأعمدته للضرر الكبير، وبيت السنارى بالسيدة زينب تأثر جدا قبل ترميمه لاحقا.