10 أيام فصلت وفاته عن رحيل السادات : ديـَّان.. قائد سفينة الحمقى فى حرب أكتوبر

السادات مع ديان فى تل أبيب
السادات مع ديان فى تل أبيب

عشرة أيام فقط، هى تلك الفترة الفاصلة بين رحيل أنور السادات، ووزير الدفاع الإسرائيلى  موشى  ديَّان، ففى  حين استشهد صاحب قرار الحرب والسلام فى  السادس من أكتوبر 1981، توفى  الثانى  فى  16 من الشهر والعام ذاتهما. ووفقًا لصحيفة «هاآرتس»، ظهر ديَّان على شاشة التلفزيون الإسرائيلي، ناعيًا السادات يوم وفاته، وقد لاحت على وجهه وجسده علامات الهزال والمرض، ولم يغادر منزله مجددًا، إلا وهو جثة هامدة، بعد عشرة أيام من هذا التاريخ، مختتمًا سنوات عمره الستة والستين.


وخلافًا لصورته المنحوتة فى  ذهن الأجيال المعاصرة، أو تلك التى  تعرفه برباط أسود على عينه اليسرى، ترك موشى ديَّان وراءه سيرة ذاتية مفعمة بعديد الأسرار، التى تغاير إلى حد كبير الصورة النمطية للجنرال الإسرائيلي، الذى شارك فى  عدوان إسرائيل على مصر والعرب، إذ كان رئيسًا لأركان الجيش خلال العدوان الثلاثى  على مصر عام 1956، ثم وزيرًا للدفاع خلال عدوان 1967، واحتفظ بالحقيبة ذاتها مع حكومة جولدا مئير خلال حرب 1973؛ بالإضافة إلى مشاركته - حين تولى حقيبة الخارجية - فى المباحثات، التى استبقت توقيع اتفاق سلام بين القاهرة وتل أبيب.
الوجه الآخر للجنرال الإسرائيلى صاحب العبارة الشهيرة: «شرم الشيخ بلا سلام، أفضل من السلام بدون شرم الشيخ»، هو ذاته الذى  انسحبت قواته من كامل أرض سيناء مقابل السلام، وآثر تلك الخطوة على غيرها، التى  كادت توصف إسرائيليًا بـ«خراب الهيكل الثاني».
عسكريًا، وصفه مراقبو تل أبيب بـ«العسكرى  العنيد»، لكن تلك الصفة تغاير الحقيقة إلى حد كبير، خاصة عند التوغل فى علاقة ديَّان حينئذ برأس الهرم السياسي، ممثلًا فى رئيسة الوزراء جولدا مئير، إذ يشير الكاتب الإسرائيلى يحيعام فيتس، إلى أن ديَّان كان جبانًا، ويخشى نظرة الغضب، التى ترمقه بها جولدا مئير. ويستشهد الصحفى  الإسرائيلى  على ذلك بواقعة الاقتراح، الذى  طرحه ديَّان على جولدا فى  إحدى جلسات المجلس الوزارى  المصغر للشئون السياسية والأمنية عام 1971. 


حينها، أعرب ديَّان عن رأيه بضرورة انسحاب إسرائيل عدة كيلومترات من الضفة الشرقية لقناة السويس، والسماح بعبور أفراد الشرطة المصرية من الضفة الغربية، حتى يمكن استئناف الملاحة فى  قناة السويس، لكن جولدا ودون تفكير، رمقته بنظرتها الغاضبة، فأخرست لسانه على الفور.
كانت الأنظار تتجه لموشى ديَّان أكثر من غيره عند الحديث عن هزيمة إسرائيل فى  حرب «يوم الغفران»، ويعزو الكاتب الإسرائيلى أورى أفنيرى ذلك إلى النشوة والنرجسية، التى  لعبت دورًا كبيرًا فى  صياغة شخصية ديَّان بعد حرب 67؛ ووفقًا لمقاله المنشور فى صحيفة «هذا العالم» العبرية، قال أفنيرى  بعد أيام من حرب 73: «كان ديَّان قائدًا لـ(سفينة الحمقى) - قاصدًا بذلك جنرالات الجيش الإسرائيلى  - الذين عاشوا تحت رعايته حياة مجون ونزوات، وصلت إلى حد تبادل الرفيقات والزوجات أحيانًا».

ديان مع ابنته ياعيل


الجميع وفى طليعتهم ديَّان، بحسب أفنيري، انتشوا بأكاليل هزيمة العرب فى 67، وتناسوا أن السادات يعتزم العودة للقتال بأسلوب مغاير وتكتيك مختلف، لا سيما وهو على يقين بأن ضباط وجنود الجيش الإسرائيلى تحولوا إلى أصنام، تصالحت مع الوضع الراهن، ولم يساورهم شك فى  إمكانية تغييره.   
ربما كان لضعف شخصية أو استهتار ديَّان بالغ الأثر فى تجاهل رأيه عند تعيين رؤساء الأركان؛ ففى حين كان يرغب فى  تعيين عيزرا فايتسمان، أصروا على حاييم بارليف؛ وعندما اقترح مرة أخرى اسم يشعياهو جافيش، خالفته جولدا مئير بتعيين دافيد أليعازر.
ولم يغب الجانب الآخر فى حياة موشى ديَّان عن شهادة الكاتب، والسياسى  المخضرم يوسى ساريد، وتشير كتاباته إلى أنه يمكن وصف ديَّان بـ«رجل التناقضات»، فإلى جانب شغفه بمطالعة الأدب والاستماع إلى الموسيقى، ضرب بالقيود القانونية عرض الحائط، وقاد سيارته فى  طرق محظورة، واحترف سرقة الآثار علانية بغطاء ومساعدة مباشرة من الجيش الإسرائيلي. بالإضافة إلى أن ديان كان بخيلًا وفظًا فى  التعامل مع الآخرين، وعن ذلك تقول ابنته ياعيل ديَّان: «كان بخله مسار تندر وجلسات سمر العائلة، خاصة أنه أصبح مولعًا وأكثر هوسًا بالمال فى  آخر أيام حياته».