ماذا لو تفشى السلام.. وليس كورونا؟

خاطر عبادة
خاطر عبادة

بينما تتقدم العلوم والمعرفة والتحضر فى مختلف العصور والحضارات، تتراجع الأخلاق والقيم والمحبة بين الناس. 

عندما تطغى المادة.. تضيع المحبة، تصبح الحياة بلا معنى، العبادة والصلاة رياء، ودين بلا أخلاق، تتحول المجاملات و المعاملات إلى نفاق وخداع و خصام بل فجر عند الخلافات.. وواقع حياة إلى قسوة.. والتاجر جشع غير قنوع.. والنفوذ والثراء يتحول إلى تباهى وغرور ..

إذا افتقد العالم الحب.. يصبح الكذب عادة يومية، والذكاء يتحول إلى مكر وخداع، والنجاح قد يصبح غطرسة.. وتتحول أمور الدنيا إلى غم.. والإيمان يصبح تعصب وأحزاب .. بدلا من أن يكون طاقة حب وحياة 

إذا افتقد العمل الحب سيخلو من الإبداع و يصبح عبودية.. يتحول إلى مناخ غير إنساني

العالم بدون إيمان يتحول إلى صراع.. لا تبنى حضارة بدون أخلاق إلا إذا كانت مادية ناقصة 

فقال الرسول الكريم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.

العالم بالفعل يحتاج إلى تفشى جديد للمحبة وليس حمى الانفلونزا، وليس مجرد ذكرى و يوم عيد للتذكير بالحب
؛ فكانت النتيجة الطبيعية تبدل بعض صفات المروءة تدريجيا وطغيان المادة وانحسار المحبة وغياب الحياء و طفت ظواهر غريبة عن المجتمع وتدهور الحياة الإنسانية وتشوه الحضارة لمستويات قياسية.

هذا ليس بالضرورة مؤشرا لنهاية العالم، لن يخلو العالم من صراع الجمال والقبح، والخير والشر، والجيد و الرديء.. 
لكنه نتيجة منطقية لتراجع الأخلاق، فقد ظل العالم قبل الإسلام تحركه نزعات مادية كالطمع والاستبداد وآخرون يحكمهم العادات ونزعات الغضب، لا توجد قيم أخلاقية تهذب سلوكهم وتسمو بالأفكار.. وتكبح جماح النفس

وجاء الدين رحمة للعالمين، فعلى المستوى الفردى.. يحتاج كل منا إلى الدين لتنظيم السلوك والعادات وتهتدى حياته وكبح جماح هوى النفس، لا أن يستسلم الواحد منا لنزواته ونزغات الشيطان

وعلى المستوى العام.. تحتاج الدولة لسن قوانين تنظم شؤونها، مثل قوانين الأسرة والتجارة والحرب وغيرها.. ودين يحمى تلك المبادىء.

الحسد 

واقع وحقيقة تاريخية، فمن يفسر سبب إلقاء نبى الله يوسف فى الجب من أقرب الأقربين، إلا أن يكون نتاج نقص الحب، والحسد والحقد.. وبلا رحمة! 

 كثير من الناس فى الحقيقة لديهم أزمة فى حب الخير للناس.. تعرفهم حين يتبدل أحدهم أو يتغير أو يكذب عليك بدون داعى أو لأتفه الأسباب.

فالحسد مذكور فى القرآن الكريم بنصوص صريحة وإشارات واضحة، مثلما ذكرنا عن قصة يوسف، وكذلك كانت أول جريمة فى حق البشرية (قابيل وهابيل) بسبب الحقد والطمع.

و لمست سورة يوسف نقائص بشرية عبر العصور، فى قوله تعالى ( وما أبريء نفسى ).. ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).. 

وبماذا نفسر فتنة امرأة العزيز بيوسف عليه السلام، إلا أنه يجسد استسلامنا للهوى و الغريزة، فلا حب بدون أخلاق

غزو الشبكة العنكبوتية 
وفى المقابل.. مازال هناك خير كثير فى كل زمان، لكن فى القلوب المخلصة لوجه الله، ومن لديهم قيم إنسانية سامية يؤمنون بالحق الإنسانى.. ما زلنا نسمع أن البركة أخذها الأجداد، فنحن نعيش ببركة هؤلاء وسيرتهم الطيبة وحبهم لبعض و غيرها من صفات المروءة والنصح والإرشاد، ورغم بساطة حياتهم فهم لم يتأثروا بفترات الاستعمار، لكن الجيل المعاصر عايش ظروفا مختلفة وغير مسبوقة، حينما لم يكن هناك غزو الشبكات العنكبوتية أو تأثر بثقاقات أخرى قادمة بين يديك وفى متناول يديك.. المشكلة هى أن يترك جيلا بأكمله ليكونوا مصيدة لفساد الثقافات الأخرى أو تربية الخارج.. فيكتسبوا رذائلهم، أو تستمر عدوى نشر التفاهات والسلوكيات غير السليمة بلا ضابط! ، فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين.