لا إيمان بلا حب

خاطر عبادة
خاطر عبادة

الحب والإخلاص والأخلاق.. هى وجوه لعملة واحدة تكاد تكون نادرة فى هذا الزمان.. إذا غاب الحب بين الناس نقص الدين والإيمان والخير فى الحياة.. وتبدلت إلى قسوة وغل واختلاف و أنانية وطمع .. إلى آخر الصفات الغير مرغوبة فى مجتمع ما.. 

ولو اطلع الله على ما فى قلوب الناس فوجد فيها خيرا ومحبة ليسر لهم الحياة ورضوا عن أنفسهم وذاقوا راحة البال حتى لو بأقل الأسباب والإمكانات .. ولو وجد فيها قسوة وكراهية لتركهم للدنيا وقسوتها واختلفوا لأتفه الأسباب.

إذن الحب مرتبط ارتباطا وثيقا بالدين، وإذا كان الإيمان بدون وعى و معرفة يؤدى إلى جهل وتعصب، فإن الإيمان بلا حب ورحمة.. لا يكون إيمانا لأنه يفرغ الدين من معناه الحقيقى و يسلب طاقة الحياة وتسود القسوة والكراهية بين الناس وتلغى الأخوة الدينية والإنسانية بين الناس.

إذا افتقد العالم الحب 

عندما تطغى المادة.. تضيع المحبة، تصبح الحياة بلا معنى، العبادة والصلاة رياء، وتدين بلا أخلاق، تتحول المجاملات و المعاملات إلى نفاق أو خداع و خصام بل فجر عند الخلافات.. وواقع حياة إلى قسوة.. والتاجر جشع.. والنفوذ والثراء يتحول إلى تباهى وغرور ..

إذا افتقد العالم الحب يسود مناخ من القسوة.. يصبح الكذب عادة يومية، والذكاء يتحول إلى مكر وخداع، والنجاح يصبح غطرسة.. و أمور الدنيا إلى غم.. والإيمان يصبح تعصب وأحزاب .. بدلا من أن يكون طاقة حب وحياة 

إذا افتقد العمل الحب سيخلو من الإبداع و يصبح عبودية.. يتحول إلى مناخ غير إنساني

العالم بدون إيمان يتحول إلى صراع.. لا تبنى حضارة بدون أخلاق إلا إذا كانت مادية ناقصة 

ويقول الرسول الكريم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.

العالم بالفعل يحتاج إلى تفشى جديد للمحبة وليس حمى الانفلونزا، وليس تخصيص يوم للذكرى و عيد للتذكير بالحب

إذا غابت الأخلاق يضيع العدل و ينتهى الحب.. ولا يعرف الناس سوى لغة المصالح والنفوذ؛ وقد تحدث الظروف القاسية فجوة يين الناس، و ينظر الناس إلى نعم يتمتع بها غيرهم بدلا من الترابط والتآخي أيام زمان.

فتكون النتيجة الطبيعية تبدل بعض صفات المروءة تدريجيا وطغيان المادة وانحسار المحبة وغياب الحياء و تطفو ظواهر غريبة عن المجتمع وتدهور الحياة الإنسانية فى العالم.

الحسد 

واقع وحقيقة تاريخية، فمن يفسر سبب إلقاء نبى الله يوسف فى الجب من أقرب الأقربين، إلا أن يكون نتاج نقص الحب، والحسد والحقد.. وانعدام الرحمة! 

 كثير من الناس فى الحقيقة لديهم أزمة فى حب الخير للناس.. تعرفهم حين يتبدل أحدهم أو يتغير فجأة بدون داعى أو لأتفه الأسباب.

فالحسد مذكور فى القرآن الكريم بنصوص صريحة وإشارات واضحة، مثلما ذكرنا عن قصة يوسف، وكذلك كانت أول جريمة فى حق البشرية (قابيل وهابيل) بسبب الحقد والطمع.

و لمست سورة يوسف نقائص بشرية عبر العصور، فى قوله تعالى ( وما أبريء نفسى ).. ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).. 

وبماذا نفسر فتنة امرأة العزيز بيوسف عليه السلام، إلا أنه يجسد استسلامنا للهوى و الغريزة، فلا حب بدون أخلاق

الغضب صفة الجاهلية 
إنما اكتسبت  الجاهلية بهذا الإسم لسرعة اندفاعهم نحو الغضب والاقتتال لأتفه الأسباب دون مراعاة لأخوة وروابط، فيقال فلان جهل علينا أو بغى وأظهر غضبه علينا.

 كما ظل العالم قبل الإسلام تحركه نزعات مادية كالطمع والاستبداد وآخرون يحكمهم العادات ونزعات الغضب، لا توجد قيم أخلاقية تهذب سلوكهم وتسمو بالأفكار.. وتكبح جماح النفس وجاء الدين رحمة للعالمين

و إنما جاء الدين لتهذيب سلوك الناس والسمو بالنفس عما لا يليق بها، وكبح جماح هوى النفس، بعد أن تبدلت عادات وتقاليد خاطئة إلى مسلمات، والدعوة إلى التفكر والعقلانية  (فيعرف الناس ربهم بالعقل).


لا يهم إذا تقدمت العلوم والمعرفة والتحضر، إذا نسى العالم أهم شيء مكلف به الإنسان وهو الأخلاق والقيم والمحبة بين الناس.. وتحولت المباديء الإنسانية الدولية إلى شعارات تطلق فى المحافل الدولية، وتعاد فى المناسبات.. 

نقص البركة

تضيع الطيبة من بين أيدينا شيئا فشيئا، و كثيرا ما تغيب كلمة الحق والنصح بين الناس.. ما زلنا نسمع أن البركة أخذها الأجداد، فنحن نعيش ببركة هؤلاء وسيرتهم الطيبة وحبهم لبعض و غيرها من صفات المروءة والنصح والإرشاد، و لبساطة حياتهم فهم لم يتأثروا بفترات الاستعمار، إلا أن الجيل المعاصر عايش ظروفا أصعب وغير مسبوقة، حيث لم يكن هناك غزو الشبكات العنكبوتية أو تأثرا بثقاقات أخرى قادمة بين يديك وفى متناول يديك.. المشكلة هى أن يكون جيلا بأكمله ليكونوا مصيدة لفساد الثقافات الأخرى وبكتسبوا رذائلهم، أو تستمر عدوى نشر التفاهات والسلوكيات غير السليمة بلا ضابط! ، فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا