ممدوح الصغير يكتب: موت فى شهر العسل !

ممدوح الصغير
ممدوح الصغير

الموت كأسٌ وكل الناس شاربه... والقبر دارٌ وكل الناس داخله
بيت من الشعر يحفظه كل البشر،  كلنا نُدرك أن رحيلنا  عن الدنيا بأمر رب العباد، وأن أيامنا فى الدنيا  لا يعرفها سوى الخالق، نعيش على أمل الحياة، نفوز بأكثر الأيام فى الحياة، كلنا طموحٌ وأملٌ فى أيام قليلة.

 

بالأمس القريب ودَّعت الأقصر اثنين من  خيرة شبابها، عُرف عنهما السمعة الحسنة والأصل الطيب، أولهما توفى فى حادث سير، خلال عودته من الأقصر، قبل وصوله لمنزله  بعدة أميال، كانت نهاية أيامه فى الدنيا، بعد أن أنجز مهامه.. فبعد يوم عمل شاق، ظهرت عليه  ملامح السعادة، إذ خلال دقائق قليلة سوف يكون  فى منزله، عروسه التى زُفَّت إليه مؤخرًا فى انتظاره، اتصل عليها وأخبرها بأنه سوف يكون بين يديها خلال دقائق، وفى لحظةٍ خطف الموت روحه؛ بعد أن اصطدمت سيارته بسيارة أخرى، ومات بعد الحادث مباشرةً، ولحظة وصول الخبر لقريته أصفون، التى لا تبعد كثيرًا عن مكان الحادث، صاحب الذهول جميع مَنْ عَرف الخبر الحزين، خرج كل مَنْ عَرف بالفاجعة؛ لاستقبال جثمانه.. إسلام من أسرة  تعرف الأصول والواجب، أسرة متواجدةٌ فى كل المناسبات، فرحًا وكربًا، جده الراحل كان من حكماء الأقصر، ورث أبناؤه كل محاسنه.


ارتدت صفحات الفيسبوك فى الأقصر السواد، كلمات وحروف كلها حزنٌ ورثاءٌ لشاب لم يمر على زفافه سوى 60 يومًا، كان حفل زفافه محكى لكل من حضره من أبناء المطاعنة، التى عُرف عنها الترابط والمودة بين عائلاتها.. رحيل إسلام سعد طايع رسالةٌ للجميع بأن الدنيا لا تستحق التصارع عليها، لقد كان شابًا فى مقتبل حياته، فارقت روحه الحياة فى لحظةٍ، صرخة عروسه  أبكت كل مَنْ سمعها، رحيله  أبكى رجالًا لم تتساقط دموعهم من قبل، خلال  دفنه فى مقابر العائلة، تبلَّل التراب بدموع مَنْ كان فى وداعه.


فى اليوم نفسه، الذى لقه فيه إسلام ربه، كان رحيل د. حمزة هاشم، إخصائي الجراحة فى مستشفى إسنا العام، مات خلال وجوده فى عمله، لاحظ الهدوء  مُسيطرًا على المستشفى، فأخبر الممرض بأنه سوف يصعد لسكن الأطباء، وعند وصول حالات يتصل عليه، ود. حمزة حصل على الماجستير من 5 شهور، وزُفَّ على عروسه منذ شهرين.


بعد مرور ساعة من هدوء المستشفى وصلت حالة تتطلَّب تدخلًا جراحيًا، اتصل الممرض عليه فلم يرد، كرَّر الاتصال مرات، فظن الممرض أنه نائمٌ، صعد إليه فى سكن الأطباء، وطرق الباب مرة واثنتين فلم  يرد، ارتاب فى الأمر، وقام بكسر الباب، حيث وجده نائمًا على سريره، ناداه بصوت رقيق لإيقاظه، ففوجئ بأن روحه فارقت الحياة، لم يعرف ماذا يفعل، فخرج مسرعًا للمدير الإدراى للمستشقى.. المريض الذى كان يطلب العلاج خفَّت آلامه بعد أن عَرف أن من كان سيعالجه مات، فجأة صارت كل الوجوه داخل المستشفى تُصاحب الحزن، الدموع تغزو أهداب عيونهم.


موت الشباب صار سمة فى عصرنا، ورحليهم رسالةٌ لنا   بأن نُحسن تعاملنا مع مَنْ حولنا، لن تبقى سوي سيرتنا.. رحم الله إسلام ود. حمزة وصبَّر أسرتهما، وإنا لله وإنا إليه راجعون.