هل الخلوة الإلكترونية بين المرأة والرجل حرام؟.. أستاذ فقه يجيب

د. عبدالحليم منصور
د. عبدالحليم منصور

من المعلوم فقها أنه يحرم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية لما قد يترتب على ذلك من الوقوع فى المحظور ، وهذا من باب إقامة المظنة مقام المظنون ، وأيضا من باب سد الذريعة ، قال ابن القيم :» وحرم الإسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية والسفر بها والنظر إليها لغير حاجة حسما للمادة وسدا للذريعة «


وعن عُقْبةَ بن عامِرٍ أنَّ رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِيّاكُمْ والدُّخُولَ على النِّساءِ فقال رجُلٌ من الْأنْصَارِ يا رسُولَ اللّهِ فرأيت الْحمْوَ قال الْحمْوُ الْموْتُ» رواه البخارى ويقول أيضا :» ألا لا يخْلُوَنَّ رجُلٌ بِامْرأَةٍ إلا كان الشيطان ثالِثَهُمَا « .


من خلال ما سبق يتضح بجلاء حرمة الخلوة بين الرجال والنساء الأجانب ، حسما لمادة الفتنة والمعصية التى يمكن وقوعها من جراء ذلك .


ولكن التكنولوجيا المعاصرة أفرزت نوعا جديدا من الخلوة يمكن أن يطلق عليه الخلوة الإلكترونية ، أو الخلوة الافتراضية ، وهذه قد تكون مرئية ، أو غير مرئية ، فإذا كانت الخلوة غير مرئية ، عن طريق الكتابة ، لأمر مهم ، يتعلق بضرورات الحياة وحاجياتها ، كنحو سؤال علمى ، أو دينى ، أو حول أمر يتعلق بالعمل ، أو بأمور الحياة بشكل عام ، ودعت إلى ذلك حاجة ، أو ضرورة ، فلا بأس بذلك فى حدود ضوابط منها أن يكون هناك داع لهذه المحادثات ، كأن تكون هناك حاجة ، أو ضرورة تنزل منزلتها ، وأن تقدر بقدرها ، دون استطراد فيما لا يفيد ، وأن يكون الحديث فى أمور مأذون بها شرعا ، كأمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، وألا يكون هناك خضوع بالقول فإذا كان الأمر على هذا النحو وفى إطار الضوابط سالفة الذكر ، فإنه يتأتى القول بالجواز والمشروعية ، أما إذا كان الكلام لأجل التسلية ، أو لغير غرض معتبر ، فإنه يكون محرما .


أما الخلوة الإلكترونى المرئية إذا كانت لغرض صحيح مأذون فيه شرعا كأن يرى الخاطب المسافر مخطوبته ، بأن يرى الوجه والكفين ، فى حدود ضوابط الشرع ، فلا بأس بذلك ، على أن يقدر هذا الأمر بما تدعو إليه الحاجة ، أو الضرورة ، دون توسع فى هذا الأمر ، أو خضوع بالقول بينهما ، أو تجاوز .. أما إذا كانت الخلوة الإلكترونية المرئية لغير غرض معتبر سوى التسلية بين الرجال والنساء ، فإنها تكون محرمة شرعا ، لأنها تؤدى إلى الحرام ، والقاعدة الشرعية أن ما أدى إلى الحرام فهو حرام شرعا ، ولأنه ذريعة إلى الزنا المحرم شرعا ، ولأن فيه نظرا إلى ما حرم الله عز وجل ومن خلال ما يتقدم يتضح بجلاء أن المسلم يجب أن يكون تصرفه منضبطا ومحكوما بإطار الشرع الحنيف وقواعده ، فى محادثاته مع النساء الأجانب ، وإلا فلا يجوز ذلك إذ الخلوة ههنا محرمة ، وكذا لو كانت مرئية لغير حاجة ، أما إن كانت لغرض صحيح ، وحاجة ملحة فيجوز فى حدود هذه الحاجة دون توسع أو إسراف .


د. عبد الحليم منصور أستاذ الفقه المقارن