أشرف غراب يكتب: هذه رؤيتى للصندوق «٢»

أشرف غراب
أشرف غراب

ووصلًا لما سبق ذكره، عما يستهدفه الرئيس السيسي، صاحب فكرة إنشاء صندوق مصر السيادي العبقرية؛ لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، وقد تحدَّثنا فى مقالٍ سابقٍ عن أن الرئيس يُحاول الوصول برأس ماله إلى مائة مليار جنيه، بعدما خدم نشاطه الحيوى فى جميع الاتجاهات، ما دعم البنية الاقتصادية للدولة والفئة المستهدفة معًا، وعمل على تحسين معيشة ورفاهية قطاعٍ عريض كاد يندثر فى العقود البائدة، ورغم نجاحات موارد الصندوق التى لا تُوصف، فى خلق مناخٍ اجتماعىٍّ يسير بالتوازى مع الخُطط الموضوعة بحِرفيةٍ من قِبل القيادة السياسية الحكيمة، فإننا كظهيرٍ شعبىٍّ نعمل بروح الفريق، وهذا ما منحنا إياه رب البيت وقائد السفينة، وأطلق لنا العنان لنحلم، والحرية المسئولة لنُفكِّر وننطلق، خدمةً للمنظومة الإصلاحية التى نأملها جميعًا، كان لزامًا علينا أن ننغمس فى هموم الوطن وأوجاعه، وأن يكون كلٌّ منا مسئولًا عن وطنه وأبناء جلدته، للخلاص من تراكمات الماضى وعُثراته، وخلق الرؤى والأطروحات التى تصبُ فى الصالح العام. 


واستكمالاً لما طرحت سابقًا من رؤية لزيادة موارد الصندوق، أضيف عليها أننا بإمكاننا فتح المجال واسعًا لنستفيد من مواردنا المهملة منذ زمنٍ، وفى عهد قائد ثورة الإصلاح الرئيس السيسى، لا بد أن يضع مسئولونا الصورة كاملةً أمامه؛ حتى نصل بأحلامنا التى أرادها لنا الرئيس لبناء الدولة الحديثة، وفى المقدمة منها أعمال الإزالات والمخالفات والغرامات التى تُوقعها المحليات على مخالفى البناء بالقرى والمدن والنجوع، ومحاضر الطرق من رش المياه، وإشغالات الطرق، ومخالفات المحال التجارية، أليست كلها موارد يجب أن تُسأل عنها المحليات، ومواردها تفوق أضعاف أضعاف ما نُريد؟، وإذا أمعنا النظر أكثر، فهناك موارد أخرى، لا أراها جبايةً تُقتطع من أحدٍ، طالما كانت من مال الدولة وأملاكها، فإذا توجَّهنا مثلاً ناحية المواقف التى تقع تحت طائلة المحليات ببعض المحافظات، والتى أقامتها الدولة ودفعت فى إنشائها الكثير، وقامت المحليات بتأجيرها بعد توقُّفها عن العمل كجراجات للسيارات أو كافيتريات؛ لوقوعها داخل أماكن وكتل سكنية كثيفة، ويوجد العديد منها العديد ببعض المحافظات، إضافةً للطرق التى قامت برصفها الدولة، ويأخذها من يسمون أنفسهم برجال الكارتة، الذين لا نعرف من أتى بهم على الطرقات، ولا حتى وظائفهم، ويستبيحون أموالها بالاتفاق مع أجهزة المحليات والمدن، مقابل حفنة جنيهات لا ندرى أين تذهب، ونُخضعها هى الأخرى للصندوق، وتُقنن أوضاعها؟، ناهيك عن المحال القديمة المؤجرة منذ زمن بالأسواق الشعبية، التى تكون مساحاتها صغيرة مقسمة لأمتارٍ، وتُحصل أموالها مرتفعة، لوقوعها داخل مكان تجارى كالأسواق، لأنها تُدر ربحًا عاليًا لأصحابها، فإذا كانت الرقابة ضابطةً على أمورها، والجهة موجودةً ومؤصَّلةً؛ لحققنا الهدف جيدًا، وأصبحت لدينا موارد يُمكننا من خلالها الدفع بالصندوق السيادى لأكثر ما يُراد له ويزيد، وهو ما أتمنى أن يكون موضع اعتبار المسئولين فى كشف الأمور والمصارحة، حتى يستطيع الرئيس إنجاز المزيد والمزيد من النجاحات. حان الوقت البحث عن البدائل والفرص؛ لإعمار دولتنا كما يجب، ولأننا ما سمعنا أبدًا عن ميتٍ عاد بعد إقباره بزمن، فكيف نُصدِّق اليوم أن الصناديق الخاصة الموجودة داخل أروقة المؤسسات والهيئات فى الدولة العتيقة تُؤتى ثمارها فى عصر التحوُّل الاقتصادى الذى نحياه، فلا يُعقل أن يوجد صندوقٌ مصرىٌّ سيادىٌّ بهذه العبقرية والتطوُّر يحتاج لموارد مالية ضخمة، فى الوقت الذى يوجد بتلك الصناديق الخاصة مبالغ كبيرة، وهى بهذا الشكل ابتعدت فى الواقع الفعلى عن الأهداف التى أنشئت من أجلها تلك الصناديق، لذا أصبح ضم هذه الصناديق بلا استثناءٍ إلى صندوق تحيا مصر ضروريًا ولم يعد خيارًا بل هو إلزامٌ مفروض، حيث إن قواعد الشفافية ومعاييرها الموضوعة لا تسمح بالإنفاق خارج الموازنة إلا فى حدود نسبة 2% من حجم الإنفاق العام، بينما الإيرادات السنوية للصناديق الخاصة تُقدَّر بمليارات الجنيهات، فالكارثة فى حالتنا هذه ليس فقط فى وجود إنفاق خارج الموازنة، بل وجود حجبٍ لإيرادات عامة عن الموازنة، وهو ما يُعدُّ مخالفة لقاعدة عمومية الإيرادات والمصروفات للموازنة العامة للدولة، كما أن الاقتصاد فى حاجة ماسة لأموال هذه الصناديق، لكى يُغلق باب الفساد فى جميع أروقة الجهاز الإدارى للدولة، وحتى يمكن تخفيف حدة العجز بالموازنة، والخروج من الدائرة المغلقة للعجز والدين وخدمة الدين، وأيضًا يُمكن هذا صانع القرار من حُسن توظيف موارد الموازنة العامة؛ لتلبية متطلبات الخدمات العامة بالتعليم والصحة ودعم السلع الأساسية للفقراء، وهناك صناديق خاصة تُسهم بشكل مباشر فى إهدار المال العام، ولا يتم توجيه أو استخدام هذه الأموال فى خدمة الاقتصاد المصري، ولذلك لا بد من تشريع جديد يُنظِّم عمل طريقة عمل الصناديق الخاصة من جديد؛ وفقًا لسياسة التحوُّل الاقتصادى لمصر، وتبعيتها لصندوق مصر السيادى.

 


أتوقع أن نشهد فى الأيام القليلة المقبلة شراكة عربية حقيقية يُفعِّلها إنشاء بنك استثمارى عربى، تتعاون فى إنشائه الصناديق السيادية العربية بكل ما تحمله من قوة استثمارية هائلة، مما يُعطينى فرصة عدم الاقتراض الخارجى وتوفير فوائد الدين، أى ببساطة لماذا أقترض من الخارج وأنا فى يدى الاقتراض من صندوقى السيادى العربى إن تم بالفعل، فهناك العديد من المجموعات المالية الأجنبية تتمنى الدخول كشريك مع صناديق سيادية عربية لها مقومات القوة والثبات والاستدامة ونحن نملك هذا وأكثر. 

 


إن الرئيس يُسابق الزمن لنهوض البلاد، ويطوف العالم من أقصاه لأقصاه، حتى تسكن أراضينا الاستثمارات، وتأتى إلينا وفود السياحة، ويقصدنا رجال المال والأعمال، وتستهدفنا الشركات والمشروعات، ويعقد الاتفاقية وراء الاتفاقية، لتسير مصر فى ركب التقدُّم، وتترك مربع الدول النامية، منطلقةً نحو الرخاء والازدهار، وهو ما يفرض علينا وضع اليد فى اليد، والظهر خلف الظهر، لنكون الدولة التى تُنتج لتكتفى، وتشد الساعد لتُصدِّر، ويُذكر اسمها بين الكبار، فى محافل الاقتصاد والتعليم والاستثمار والثقافة والرقى.. هذا ما نرجو ونطمح، وختامى "أعان الله قائدًا نصر أمته، وشعبًا وقف خلفه يُعينه على تركته المليئة بالصعاب".