نهار

مدن الأحلام..

عبلة الرويني
عبلة الرويني

كل المدن التى زارها على إمتداد السنوات،  سافر اليها شاعرا،مشاركا فى لقاءات شعرية لكنه لم يكتب فيها حرفا واحدا،مهما إمتدت الإقامة أسبوعا أو شهرا أو عدة أشهر!! ...كل المدن التى زارها الكاتب الصحفى والشاعر جرجس شكري، كانت أحلاما فى ذاكرته، رسمها كتابها ومبدعوها..هكذا كان يفتش فى كل زيارة  لمدينة، عن هؤلاء الذين شيدوا عمارتها الروحية... فى هولندا بحث فى  أمستردام عن «اسبينوزا»...وفى سويسرا كان يبحث بين الوجوه عن «دورينمات»...وفى برلين عاش يوما كاملا فى بيت ومسرح ومقبرة «بريخت»...زار المتاحف والبيوت والحانات، وجلس فى محال الحلاقة بين يدى الفاتنات الشقراوات،لحلاقة شعر رأسه، لفت نظره دائما أن الكلاب لا تنبح..لم يدهشه الهدوء، بقدر ماشغله السؤال: من يحرس المدينة؟....لم تمنعه الأحلام وتفسير الدهشة من الحنين الدائم للقاهرة... لم تأخذه لحظة من واقعه ولا من تاريخه..الماضى والحاضر والمستقبل أيضا....
كتاب»كل المدن أحلام» للشاعر جرجس شكري،الصادر عن(دار أفاق) رغم رصده رحلات الشاعر الى العديد من المدن الأوربية فهو ليس كتابا فى أدب الرحلات... لكن جزء من سيرة الشاعر الشخصية، محاولة إكتشاف  ذاته وتاريخه فى مرايا الآخر...فى كل لحظة تحضر المقارنة.. البيوت..الشوارع ..البنايات القديمة..المطاعم والحانات والمتاحف.. طقوس الأفراح الشعبية..لينتهى فى كثير من الظواهر إلى أن أوربا برغم التقدم، احتفظت بكل شيء وحافظت على هويتها.. بينما قمنا نحن بتبديد هويتنا وتشويه ملامحنا..«ريفنّا» المدينة..وقمنا «بتمدين» القرية!!