شـعـر د. أحمـد تيمـور

كوب شاي مع الرئيس

د. أحمـد تيمـور
د. أحمـد تيمـور

ياأيها الرجل المرادف للوطن
يا من تشرب وجهه القمحى لون النيل
يسرى فى العروق
 ويرتوى منه البدن
يا من تفتحت السنابل فوق جبهته العريضة
حينذاك
أضاءت الروح المطلة من اسارير الجبين
ملامح الوجه النبيل المطمئن
يا أيها الرجل الذى قد جاءنا من حى سيدنا الحسين
لكى يضم صفوفنا خلف الأذان
وحولنا اصداء أجراس الكنائس فى محبتنا ترن
يا أيها الرمز الذى قدمت لنا
 اكواد شفرته
على أصلاب أجداد عظام
 مثل أحمس أو تحتمس
وارثا من ناصر صفة التحدى للمحن
يا أيها المعنى المسافر فى التواريخ المجيدة
ناشرا عبقا عريقا عبقريا عابرا حقب الزمن
يا أيها الرجل الملخص فى ملامحه تقاطيع الوطن
يا من تشرب وجهه ذهبية اللون المراوح تحت قرص الشمس
من أسوان للإسكندرية واصلا دمياط من سنباط
متكئا على طابا لبعض الوقت محتسيا على مقهى أمام السيد البدوى فى طنطا هنالك كوب شاى عاصرا من عقلتى قصب عليه بنجع حمادى سلافة سكر بكر وعند حلايب انعطف انعطافا خاطفا ليضيف للشاى اللبن
يا أيها المصرى جداً فى حديثك
صوتك الشجى يحملنا إلى أفق تغنى أم كلثوم به
مصر التى فى خاطرى
إذ ذاك نصفو
 حين يأخذنا إلى الفرح الشجن
نصغى اليك وأنت تحلم بالنيابة عن سواد عيوننا
مصر التى فى حاضر الدنيا ستصبح من جديد
درة التاج الذى يعلو جبين الشرق
سيدة الثغور الساحلية
 والقرى الخضراء
سيدة العواصم والمدن
مصر التى راحت تسرِّب فى الزمرد ضوء عينيها
وفى الياقوت ترسل من دم الشهداء نورا بالكرامة محتقن
يا أيها البعد المسافر فى تضاريس الوطن
يا أيها المصرى جداً فى ضميرك تورق الدلتا
وينبسط الصعيد
 مرددا مواله المتعدد الألوان
تعطيه اهتمامك
حين تعطيه الأذن
يا أيها المصرى جداً
فوق صدرك ترتمى صحراء مصر
تود صفرتها اللجوء إلى اخضرار مساحة الوادى المسن
تحتاج أجساد الصحارى الظامئات الجائعات النائمات على حصير من رمال للشراب وللطعام وللسكن
فتقول للفلاح خذها
واعطها ذوب الفؤاد
وضربة الفأس الطروب
 وملمس الكف الخشن
يا أيها المصرى جدا
حسب حلمك تنتمى شطآن مصر إلى تمنى التنميات
لكى تصب الرزق بحراً فى السياحة والملاحة والفلاحة
والسباحة من موانى الحاويات إلى صناعات السفن
ما أجمل الغد فى بلاد تستعد له
بصومعة لتخزين النماء وما يفيض من المؤن
يا قائدا لسفينة الوطن المقلة فوقها تسعين مليوناً وعشراً
إذ عليك عبورها البحر الخضم الهائج الطامى
عبورا مثل شخصك متزن
فوظيفة الربان
 حين يكون رباناً زعيماً بالقيادة
أن يرى رغم الضباب الشط عن بعد
ويقول يا ألله كن معنا نكن
يا أيها الرجل المذكرنا
باية يوسف الصديق
أنت عزيز مصر الآن
أنت على خزائن هذه الأرض الكريمة مؤتمن
هذى مناجم مصر حبلى بالثمين من المعادن
والنفيس من الجواهر
إنها تصبو لآلام المخاض
 وتشتهى طلق الولادة
إنها من حملها القاسى تئن
قلها لكل شباب مصر
الكلمة السيسية التأثير
قلها خل بالك
 مصر تحتاج السواعد شابة
حتى تشق الأرض شقا قيصريا
حينذاك تلم من ذهب الثرى حفنا حفن
قلها لكل شباب مصرك
هاجروا من خلف شاشات التويتر
هاجروا من غربة اليوتيوب
للسليكون فى صحرائكم
ولتجعلوها نادياً للتكنولوجياً.. وادياً أغنى اغن
قلها لكل شباب مصرك
هاجروا للداخل المفضى لحضن بلادكم
بدلاً من الإبحار فوق مراكب التسليم للغرباء
تمتهنون ما لفظوه من أدنى المهن
كونوا بظهر بلادكم سنداً
وفى يدها مفكا
تستقر به البراغى اللعوب على صواميل المفاصل فى المكن
يا أيها الوطنى حقاً
تحتمى سينا بيمناك القوية بينما يسراك تمسح عاتق الواحات
من بوابة السلوم طائفة على الفيوم
هابطة إلى شرق العوينات القصية كى ترد النأى عنها
آخذاً ما بين عطفيك الحدود
فكل شبر من بلادى فى ضلوعك محتضن
فالنيل شريان بقلبك دافق
وربا الكنانة فى شغافك تستكن
أرض الكنانة دائما حلم لديك بأن تقوم من البيات
لتستعيد المجد من فصل السُبات
وتوقظ الأبطال من سنة الوسن
فإذا عرابى خلف ظهرك والنديم وسعد زغلول وراءك
ثم شوقى ممسكا يد حافظ إبراهيم خلفك
والحكيم ومصطفى النحاس إثرك
بينما العقاد يبدو قادماً متأبطاً طه حسين
ثم حقى حاملاً قنديله ونجيب محفوظ وبعدهما مشرفة ودرويش يحاول ضبط إيقاع المسيرة وفق ترتيب حسن
فإذا الجميع يرددون معا بلادى فى جبين الدهر غره
يا بلادى عيشى حره..
واسلمى رغم الأعادى
كلهم يشدون منبهرين بالبعث الجديد لمصرنا
وكأن موتاً لم يغيِّب صوتهم
 وكأن موتاً لم يكن
هى مصرنا حلم لديك
 بأن تصير غداً على قد الدنا
قدر الذى كانت عليه الأمس
أما للدنا
من غير مصر
رمى أساساً للحضارة
 فوق هذا الكوكب البشرى من؟!
من غير مصر
يقول انى مطلع الدنيا
وانى مرتع المدنية الأولى إذن
كنا رعاة الفجر
 والدنيا ظلام دامس
كنا يمين الشمس
نجلس بين آمون ورع
كنا نضفر من أشعتها مراكب هابطات فوق هامة منقرع
كنا نوجهها
تعانق وجه رمسيس المحارب
مرتين بكل عام
فى حساب هندسى ملغز
كنا الأوائل مبدعين
 لكل علم.. بارعين بكل فن
كنا الأوائل فى عبادة ربنا
كنا نقيم له المعابد
كى نصلى للإله الواحد الأحد العلى المرتجى
رب العطايا والمنن
يا طيب الأعراق
يا مستجمعا آمالنا حزماً
 من الأعمال لا الأقوال
كالزهرات يجمعها مع الثمرات ناضجة فنن
يا مؤمناً بضميرنا الجمعى
لست تقولها أبداً أنا
احنا تردد دائماً
سنقيم دولتنا معاً
وتضم كفيك التزاما بالعهود
لكى تسد على الشياطين السبيل لبث أسباب الفتن
يا حازماً متبسما مثل الحرير على الحديد
ترق للبسطا كأنك نسمة
وتثور كالإعصار تضرب كل من أبدى الضغائن والاحن
فى قبضتى كفيك إصرار
على إخراج مصر من الكهوف المعتمات إلى صباحات الرفاهة
مصر من دم شعبها والجيش سددت الثمن
هى مصر قد ضحت كثيراً
كى تزيح عن الربوع عباءة لفت عليها كالكفن
كانت تحيق بأرضنا من كل عصر كل أصناف العدا
من أول الهكسوس
 للفرس المجوس إلى المغول إلى بنى عثمان أو صهيون والإفرنج
لكن دونهم مصر الأبية
 فى ذات يوم لم تلن
هى مصر حين تهدد الأخطار دلتاها وواديها
وحاضرها واتيها
 تعود صبية وبهية
ترمى عن الأكتاف والأعطاف أردية الوهن
تختار مصر
من الرجال الفارس المغوار
حتى يدفع الأشرار
 عن حوض البلاد
ويرفع العلم الأعز المفتدى
ويصيح
تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر
ليس هناك أغلى منك
فى الدنيا وطن