مازالت جماهير يونيو هى المُعلم والمرجعية

إيهاب‭ ‬فتحى
إيهاب‭ ‬فتحى

‭ ‬بقلم:إيهاب‭ ‬فتحى

‭‬عندما‭ ‬تمر‭ ‬أمة‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬بحراك‭ ‬ثورى‭ ‬فهذا‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأمة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬عميق‭ ‬فى‭ ‬بنايها،‭ ‬ورأت‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬المستقرة‭ ‬داخل‭ ‬مجتمعها‭ ‬فقدت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬وحان‭ ‬وقت‭ ‬صياغتها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬المنظمة‭ ‬لعمل‭ ‬الأمة‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬السياسى‭ ‬الذى‭ ‬يتولى‭ ‬إدارة‭ ‬شئون‭ ‬الدولة‭. ‬

خلال‭ ‬العشرسنوات‭ ‬الماضية‭ ‬دخلت‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬بكامل‭ ‬إرادة‭ ‬شعبها‭ ‬فى‭ ‬حراك‭ ‬ثورى‭ ‬كان‭ ‬هدفه‭ ‬الأول‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬أوضاع‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الجبهات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬ليصل‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬حضارى‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقه‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬المجتمعى‭ ‬ويكون‭ ‬هو‭ ‬الرؤية‭ ‬التى‭ ‬تحكم‭ ‬نظرة‭ ‬الأمة‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭  ‬وتتولى‭ ‬دولة‭ ‬حديثة‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الحضارى‭ ‬الذى‭ ‬أنتجته‭ ‬جماهير‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭. ‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬يكون‭ ‬هدفه‭ ‬الأول‭ ‬والأساسى‭ ‬إحداث‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬العميق‭ ‬والإيجابى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬أى‭ ‬حراك‭ ‬ثورى‭ ‬ألا‭ ‬يسير‭ ‬دائمًا‭ ‬فى‭  ‬خط‭ ‬مستقيم‭ ‬متجهًا‭ ‬إلى‭ ‬هدفه‭ ‬الرئيسى‭ ‬فيتعرض‭ ‬فى‭ ‬مسيرته‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الانحناءات‭ ‬التى‭ ‬تحرفه‭ ‬عن‭ ‬مساره‭ ‬الطبيعى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قابله‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬مرحلته‭ ‬الأولى‭ ‬عندما‭ ‬استغل‭ ‬الفاشيست‭ ‬الاضطراب‭ ‬المرافق‭ ‬للحراك‭ ‬الثورى‭ ‬وضعف‭ ‬البنية‭ ‬السياسية‭ ‬نتيجة‭ ‬لحالة‭ ‬الترهل‭ ‬التى‭ ‬أصابت‭ ‬الدولة‭ ‬فتسللوا‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭. ‬

أنتج‭ ‬هذا‭ ‬التسلل‭ ‬الفاشى‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الصدمة‭ ‬المؤلمة‭ ‬للجماهير‭ ‬التى‭ ‬تحركت‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬فهذه‭ ‬الجماهير‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬والرفاه‭ ‬الاجتماعى‭ ‬ونظام‭ ‬سياسى‭ ‬قوى‭ ‬ففوجئت‭ ‬بأنها‭ ‬ترتد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬إلى‭ ‬عصور‭ ‬الظلام‭ ‬ويتآكل‭ ‬ماتبقى‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬مفهوم‭ ‬اجتماعى‭ ‬حافظت‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬طوال‭ ‬تاريخها،‭ ‬أما‭ ‬النظام‭ ‬السياسى‭ ‬فاستبدله‭ ‬الفاشيست‭ ‬بقبلية‭ ‬وطائفية‭ ‬مقيتة‭. ‬

إذ‭ ‬كان‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬المسار‭ ‬الإيجابى‭ ‬أحد‭ ‬نواقص‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬نتيجة‭ ‬للاضطراب‭ ‬المرافق‭ ‬له،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬الحقيقى‭ ‬والذى‭ ‬خاضته‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬بكامل‭ ‬عنفوانها‭ ‬امتلك‭ ‬أدوات‭ ‬التصحيح‭ ‬التى‭ ‬تعالج‭ ‬هذه‭ ‬النواقص‭ ‬فى‭ ‬حاضره‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬مستقبله‭. ‬

فى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬كانت‭ ‬ثورة‭ ‬ال‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬التى‭ ‬أطلقت‭ ‬عمل‭ ‬ماكينات‭ ‬أدوات‭ ‬التصحيح‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬فعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحاضر‭ ‬وقتها‭ ‬حررت‭ ‬الأمة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬والظلامية‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للمستقبل‭ ‬أنتجت‭ ‬ماكينات‭ ‬التصحيح‭ ‬منتجًا‭ ‬صلبًا‭ ‬ظل‭ ‬المجتمع‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيقه‭ ‬ولكنه‭ ‬صنعه‭ ‬بحراكه‭ ‬الثورى،‭ ‬أنتجت‭ ‬هذه‭ ‬الماكينات‭ ‬للمستقبل‭ ‬الالتزام‭ ‬أو‭ ‬العقد‭ ‬الذى‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬ستتولى‭ ‬إدارة‭ ‬شئون‭ ‬الأمة‭ ‬عقب‭ ‬ثورة‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬تنفيذه‭. ‬

هذا‭ ‬العقد‭ ‬الملزم‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولوياته‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أجله‭  ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬وخرجت‭ ‬الجماهير‭ ‬لتحقيقه‭ ‬وهو‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬مصرية‭ ‬حديثة‭ ‬بصياغة‭ ‬متطورة‭ ‬تناسب‭ ‬مقتضيات‭ ‬العصر‭ ‬الذى‭ ‬نعيشه‭ ‬وتبتعد‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬أشكال‭ ‬سابقة‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬السياسية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬كان‭ ‬منهجها‭ ‬التسويف‭ ‬والتأجيل‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬المشاكل‭ ‬المتراكمة‭ ‬والملحة‭ ‬داخل‭ ‬مجتمع‭ ‬بحجم‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭. ‬

قبلت‭ ‬دولة‭ ‬يونيو‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬والتحدى‭ ‬وتفاعلت‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬التى‭ ‬اختارتها‭ ‬الجماهير‭ ‬بإرادتها‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬ثورة‭ ‬يونيو‭ ‬وأول‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬العقد‭ ‬الملزم‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬دولة‭ ‬الحداثة‭ ‬،‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2014،‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬المفصلى‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬يمكن‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬ووظائفها‭ ‬تطورت‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬فى‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الحداثة‭ ‬والابتعاد‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬منهج‭ ‬التسويف‭ ‬والتأجيل‭ ‬رغم‭ ‬حجم‭ ‬التحديات‭ ‬المهولة‭ ‬التى‭ ‬واجهتها‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬جماهير‭ ‬يونيو‭. ‬

بالتأكيد‭ ‬لا‭ ‬تنتظر‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬شهادة‭ ‬بنجاح‭ ‬ماتقوم‭ ‬به،‭ ‬لأن‭ ‬الشهادة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الموثقة‭ ‬التى‭ ‬لاتقبل‭ ‬الشك‭ ‬هو‭ ‬حجم‭ ‬المنجز‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬المصرية‭ ‬ولمصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى‭ ‬وهو‭ ‬واضح‭ ‬للجميع‭ ‬داخليًا‭ ‬وخارجيًا‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬دولة‭ ‬قوية‭ ‬وحديثة‭ ‬استطاعت‭ ‬فى‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬تغيير‭ ‬كافة‭ ‬حسابات‭ ‬المعادلات‭ ‬لصالح‭ ‬المواطن،‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬المستفيدين‭ ‬كانت‭ ‬الشرائح‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المستضعفة‭ ‬التى‭ ‬تحركت‭ ‬الدولة‭ ‬تجاهها‭ ‬بسرعة‭ ‬وقوة‭ ‬لأجل‭ ‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الاستضعاف‭ ‬الى‭ ‬الأبد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حزمة‭ ‬شاملة‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬الرعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمشاريع‭ ‬العمرانية‭.‬

تم‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬وسط‭ ‬عواصف‭ ‬من‭ ‬الصعاب‭ ‬والتحديات‭ ‬من‭ ‬هجمة‭ ‬إرهابية‭ ‬دموية‭ ‬هى‭ ‬الأشرس‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬التربص‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الظلامية‭ ‬الفاشية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬والتى‭ ‬تمت‭ ‬هزيمتها‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جماهير‭  ‬يونيو‭ ‬وتريد‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬وليس‭ ‬الدولة‭ ‬فقط‭. ‬

فى‭ ‬خلال‭ ‬السبع‭ ‬سنوات‭ ‬ورغم‭ ‬هذه‭ ‬العواصف‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تبنى‭ ‬منجزها‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬وفق‭ ‬قاعدة‭ ‬الالتزام‭ ‬والعهد‭ ‬الذى‭ ‬صاغته‭ ‬جماهير‭ ‬ثورة‭ ‬يونيو‭.‬

‭ ‬ولايمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬سياسات‭ ‬الحداثة‭ ‬والتطور‭ ‬يأتى‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬فى‭ ‬قوالب‭ ‬جاهزة‭ ‬وتقوم‭ ‬بتطبيقه‭ ‬بل‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬يأتى‭ ‬نتاج‭ ‬تجربة‭ ‬عميقة‭ ‬تصيغها‭ ‬الأمة‭ ‬وتعمل‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬تطبيقها،‭  ‬وأساس‭  ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬التطبيق‭ ‬استمرار‭ ‬عقد‭ ‬الالتزام‭ ‬وعدم‭ ‬التراجع‭ ‬عنه‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والجماهير‭ ‬التى‭ ‬تحركت‭ ‬بعنفوان‭ ‬الثورة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬ثورتها‭ ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬فرض‭ ‬أى‭ ‬رؤية‭ ‬خارجية‭ ‬فى‭ ‬صياغة‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭.‬

تقدم‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬الآن‭ ‬منجزًا‭ ‬جديدًا‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬المنجز‭ ‬الكلى‭ ‬الذى‭ ‬تعمل‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬وهو‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬عندما‭ ‬نتناول‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬الجديد‭ ‬بالدرس‭ ‬والتدقيق‭ ‬يجب‭ ‬أولا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬أى‭ ‬مدى‭ ‬حقق‭ ‬شروط‭ ‬الالتزام‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬يونيو‭ ‬ومواطنيها،‭ ‬وهنا‭ ‬ندرس‭ ‬فقط‭ ‬البنية‭ ‬الكلية‭ ‬لهذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬الفارقة‭ ‬والتى‭ ‬تحتاج‭ ‬تفاصيلها‭ ‬منا‭ ‬جميعًا‭ ‬التفاعل‭ ‬معها‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬لأنها‭ ‬تحقق‭ ‬قمة‭ ‬تطبيقات‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬

يظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬فى‭ ‬بنية‭ ‬وثيقة‭ "‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭" ‬مدى‭ ‬الالتزام‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬مواطنيها‭ ‬وجماهير‭ ‬يونيو‭ ‬التى‭ ‬أمدت‭ ‬الدولة‭ ‬بطاقة‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الإطار‭ ‬الزمنى‭ ‬للوثيقة‭ ‬الفارقة‭ ‬محدد‭ ‬بخمس‭ ‬سنوات‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬أصبح‭ ‬قاعدة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ماتصدره‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة‭ ‬دولة‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬وثائق‭ ‬استراتيجية‭ ‬ومحورية‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الشأن‭ ‬المجتمعى‭ ‬المصرى‭ ‬فهى‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬وعودًا‭ ‬أو‭ ‬أطروحات‭ ‬مفتوحة‭ ‬المدة‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬تلزم‭ ‬نفسها‭ ‬بعقد‭ ‬محدد‭ ‬المدة‭ ‬يجب‭ ‬تنفيذ‭ ‬بنوده‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬وستعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬دون‭ ‬تراجع‭ ‬عنه‭. ‬

تتصدى‭ ‬الوثيقة‭ ‬بوضوح‭ ‬لكافة‭ ‬المحاور‭ ‬التى‭ ‬تتولاها‭ ‬الدولة‭ ‬فلم‭ ‬ترجأ‭ ‬محورًا‭ ‬ما‭ ‬لأى‭ ‬سبب‭ ‬فتبدأ‭ ‬بمحور‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية،‭ ‬محور‭ ‬الحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬محور‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للمرأة‭ ‬والطفل‭ ‬وذوى‭ ‬الإعاقة‭ ‬والشباب‭ ‬وكبار‭ ‬السن،‭ ‬محور‭ ‬التثقيف‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ولم‭ ‬تكتف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بتقديم‭ ‬هذه‭ ‬المحاور‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬بل‭ ‬قدمتها‭ ‬تفصيلا‭ ‬وبتحديد‭ ‬دقيق‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬مفهوم‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬مواطنيها‭ ‬الذين‭ ‬صاغوا‭ ‬إرادة‭ ‬هذا‭ ‬العهد‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬دولتهم‭ ‬التى‭ ‬أرادوها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬الحداثة‭. ‬

تقدم‭ ‬وثيقة‭ "‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭" ‬ذروة‭ ‬مفهوم‭ ‬الالتزام‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬والمصارحة‭ ‬،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بوجود‭ ‬بعض‭  ‬القصور‭ ‬فى‭ ‬البنية‭ ‬التى‭ ‬تشملها‭ ‬هذه‭ ‬المحاور‭ ‬والمصارحة‭ ‬فى‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاح‭ ‬هذا‭ ‬القصور،‭ ‬فالوثيقة‭ ‬لا‭ ‬ترسم‭ ‬صورة‭ ‬وردية‭ ‬للواقع‭ ‬أو‭ ‬تقول‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬كان،‭ ‬فالوثيقة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬بند‭ ‬من‭ ‬بنود‭ ‬محاورها‭ ‬الأربعة‭ ‬تقدم‭ ‬أولا‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والفرص‭ ‬التى‭ ‬ستكون‭ ‬قاعدة‭ ‬أولية‭ ‬للبناء‭ ‬عليها،‭ ‬ثم‭ ‬الأهم‭ ‬تطرح‭ ‬بشفافية‭ ‬قوية‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬ثم‭ ‬تعطينا‭ ‬الخطوات‭ ‬المستهدفة‭ ‬التى‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيقها‭ ‬وفق‭ ‬الإطار‭ ‬الزمنى‭ ‬العام‭ ‬للوثيقة‭ ‬وهو‭ ‬الخمس‭ ‬سنوات‭. ‬

لم‭ ‬تكتف‭ ‬وثيقة‭ ‬استراتيجية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بدرجة‭ ‬المصارحة‭ ‬حول‭ ‬التحديات‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬قدمت‭ ‬كيف‭ ‬ظهرت‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬الفارقة‭ ‬للنور‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬الحوار‭ ‬حولها‭ ‬إلى‭ ‬الإعداد‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الصياغة‭ ‬النهائية‭ ‬حتى‭ ‬نطلع‭ ‬جميعا‭ ‬بشفافية‭ ‬على‭ ‬إطار‭ ‬العمل‭ ‬الذى‭ ‬أنتج‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمفهوم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والذى‭ ‬سنطبقه‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ . ‬

طاقة‭ ‬الالتزام‭ ‬والمصارحة‭ ‬والشفافية‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬كان‭ ‬منبعها‭ ‬أمرين‭ ‬أنها‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬مصرية‭ ‬خالصة‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬هويتنا‭ ‬ومنظومة‭ ‬قيمنا‭ ‬المصرية،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬أوضح‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬الأساسية‭ ‬فى‭ ‬كلمته‭ ‬فى‭ ‬فعاليات‭ ‬إطلاق‭ ‬استراتيجية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. "‬يهمني‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬مجددًا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأولى‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬فلسفة‭ ‬مصرية‭ ‬ذاتية‭ ‬تؤمن‭ ‬بأهمية‭ ‬تحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬والتي‭ ‬لايمكن‭ ‬أن‭ ‬تكتمل‭ ‬دون‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬واضحة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬تعني‭ ‬بالتحديات‭ ‬والتعاطي‭ ‬معها‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬تراعي‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭" ‬

الأمرالثانى‭ ‬تشيرإليه‭  ‬الوثيقة‭ ‬التى‭  ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬مصرتتقدم‭ ‬بخطى‭ ‬واثقة‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬يليق‭ ‬بمكانتها‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬بطموحات‭ ‬شعبها‭ ‬ونتيجة‭ ‬ثورته،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬الإصلاح‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات،‭ ‬وعندما‭ ‬تخرج‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬الحقوقية‭ ‬الاستراتجية‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬وبها‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬مواطنيها‭ ‬والمصارحة‭ ‬والشفافية‭ ‬فهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬نجح‭ ‬بامتياز‭ ‬وجماهير‭ ‬يونيو‭ ‬التى‭ ‬بنت‭ ‬دولتها‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة‭ ‬مازالت‭ ‬هى‭ ‬المعلم‭ ‬والمرجعية‭. ‬